مما لا شك فيه أن محركي الاحتجاجات التي تعرفها منطقة الريف قد بالغوا في أخطائهم وتجاوزوا كل الحدود أمس الثلاثاء، عندما منعوا مروحية وزير الداخلية من الاقلاع.
فقد وجد الوزير عبد الوافي لفتيت، الذي جاء إلى المنطقة للقاء المنتخبين بجماعة صغيرة بالريف في إطار اللقاءات التي عقدها العديد من الوزراء والمسؤولين مع الساكنة والمنتخبين بالجهة الشمالية للمغرب، (وجد) نفسه محاطا ببعض عشرات من الشباب المنحدرين من تلك القرية، الذي منعوا مروحيته من الاقلاع، تنفيذا لأوامر المحرضين على الاحتجاجات.
وطبقا لمعلومات متطابقة استقاها “برلمان.كوم”، فقد بلغ الغضب أشده مساء الثلاثاء، عند كبار المسؤولين في الدولة وبعض الأوساط السياسية، وهم يرون ما حدث، معتبرين أن “هبة الدولة” وسلطتها قد جرى تمريغها في الوحل جراء هذه الأفعال المتهورة.
كما جرى الحديث عن التراخي الذي تبديه السلطات أمام حركة احتجاجية ترفض الحوار مع الحكومة، على الرغم من تخصيص هذه الأخيرة لميزانية ضخمة للجهة، حيث خصصت 10 مليار درهم لإنجاز مشاريع كبرى اقتصادية واجتماعية ستساهم في تنمية المنطقة.
والواقع أن هذا الرفض للحوار حول مطالب ذات بعد اقتصادي واجتماعي يطرح سؤال عريضا حول الدوافع الحقيقية لبعض محركي الاحتجاجات، الذين لا تخلو خطاباتهم من نبرة انفصالية، على الرغم من أن أبناء الريف في أغلبيتهم الساحقة متشبثون بمغربيتهم.
وعلم”برلمان.كوم” من مصادر متطابقة أن الحكومة مصممة العزم على بذل كل الجهود من أجل الاستجابة لمطالب وانتظارات ساكنة الريف، ولكن، في الآن ذاته ، عازمة أيضا على وضع حد نهائي ومهما كلف الأمر ، لحالة التسيب واللاقانون ، وحالة العصيان المدني التي بدأت تدب تدريجيا في بعض مناطق الريف.
خلال نفس اليوم، وفي حركة شعبوية لا تخلو من تحد سافر للدولة، هدد ناصر الزفزافي، أحد المحركين الأكثر شهرة لهذه الاحتجاجات، بأن يزرع الفوضى في الريف إن تجاوز الكيلو غرام من السردين 7 دراهم.
وليس هناك أكثر خطورة من هذا الكلام، ليجعل المسؤولين في الدولة يدركون إلى أي حد بلغته الانزلاقات وإلى أي مدى أصبح الانفلات يأخذ أبعادا مقلقة، ليعبر هؤلاء المسؤولون عن ضرورة وسرعة السيطرة على الأوضاع في المنطقة وإعادتها إلى طبيعتها.