يُسجل الذكاء الاصطناعي حضورا متزايدا في مجالات متعددة من الحياة اليومية، حيث دخل كذلك لصناعة العطور ليؤدي دورًا بارزا في تطوير ابتكارات جديدة.
وفي هذا الصدد، ظن البعض أن العطور والذكاء الاصطناعي لا يجتمعان في سياق واحد، لكن الحقيقة أن هذه العلاقة قد بدأت منذ سنوات، وأثبتت فعاليتها.
في عام 2019، قدمت شركة O Boticario البرازيلية أول عطرين تم تطويرهما بمساعدة الذكاء الاصطناعي، الأول كان عطر Egeo On Me النسائي الزهري، والثاني Egeo On You الخشبي الرجالي، وفي نفس العام، أطلقت شركة Etat Libre d’Orange الفرنسية عطر She Was an Anomaly، الذي حمل توقيع صانعي العطور إتيان دو سواردت ودانييلا أندرييه.
واعتمد العطر على أداة الذكاء الاصطناعي Carto من شركة Givaudan السويسرية المتخصصة في صناعة العطور، بهدف ابتكار تركيبة مميزة وفريدة.
وفي عام 2021، أطلقت دار Rabanne عطر Phantom الذي استند إلى 45 مليون قراءة دماغية لشباب تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عامًا، ساعدت في تحديد المكونات التي تعزز الثقة بالنفس، وفي 2024، فقد قامت Prada بإطلاق إصدار جديد من عطرها Paradoxe Virtual Flower، الذي تم تصميمه بمساعدة الذكاء الاصطناعي أيضًا.
ويسهم الذكاء الاصطناعي في مجال العطور بشكل أساسي كمساعد للإبداع، حيث على سبيل المثال، تم تصميم أداة Carto لاستخدام 288 مكونًا طبيعيًا واصطناعيًا، مُصنفة وفق العائلات العطرية المعروفة، لتقديم اقتراحات لخلطات جديدة.
كما تعتمد شركة Takasago اليابانية على أداة AI-T-Aroma التي تساعد صانعي العطور في توليد أفكار مبتكرة، وتحليل التوجهات العطرية المستقبلية، بالإضافة إلى تقديم توصيات بناءً على ردود فعل المستهلكين وتوقعاتهم.
وتستخدم هذه الأدوات أيضًا لفهم الاتجاهات الجديدة في صناعة العطور، بل ولتطوير روائح تساهم في تعزيز الثقة بالنفس، وهو اتجاه شهد ازدهارًا كبيرًا في السنوات الأخيرة.
وفي هذا الإطار تمكنت Givaudan من تحديد 15 عائلة عطرية رئيسية تمثل مشاعر معينة باستخدام أداة الذكاء الاصطناعي MoodScentz+، التي تساعد في ابتكار تركيبات عطرية تولّد مشاعر إيجابية، مثل الروائح الحمضية التي تعطي شعورًا بالانتعاش، والنفحات الخشبية التي تنبثق منها إحساس بالانتماء.
هذا وقد يطرح البعض تساؤلًا: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل “الأنف”، أي الشخص المتخصص في ابتكار العطور؟.
إلا أن الإجابة من الخبراء في هذا المجال هي أن أدوات الذكاء الاصطناعي لا تستطيع أداء هذا الدور الفني بشكل كامل، فحتى الآن، تظل صناعة العطور صناعة حرفية بامتياز، حيث يبقى الإنسان المسؤول عن الإبداع والابتكار، خصوصًا في خلق القصص والمشاعر التي تنقلها العطور، وهي أشياء يصعب على الذكاء الاصطناعي تقليدها.