نشر أحد المنابر الإعلامية الوطنية ذو دراية بالشأن الحزبي المغربي وبمطبخ حزب العدالة والتنمية خاصة، الأسبوع الماضي، افتتاحية في غاية الأهمية تتحدث عن “برغماتية العدالة والتنمية”، يقول كاتبها إن انفتاح حزب المصباح على حساسيات سياسية بعيدة كل البعد، إلى حد التناقض، مع إيديولوجيته ومنهجه، وترشيحها على قوائمه الانتخابية، كما هو الشأن بالنسبة للسلفي توفيق القباج أو العلماني نجيب الزروالي، وغيرهما إن في اليسار أو اليمين، يراد به إظهار الحزب الاسلامي بوجه جديد مخالف لما يعرفه عنه المغاربة ، كحزب أصولي متطرف يريد تطبيق الشريعة، ينهج أسلوب “التقية” من أجل تحقيق أهدافه .
و يستشهد الكاتب بتصريح لأحد أقطاب الحزب الاسلامي الذي قال: “كل من هو مقتنع اليوم بأن التحول الديمقراطي في بلادنا في خطر، فسنضع يدنا في يده ونقدمه على أخواتنا وإخواننا في الحزب من أي اتجاه كان، ومن أي إيديولوجية كان، هذا هو استحقاق المرحلة”.
بعد ذلك يصل إلى بيت القصيد حينما يكتب: “قبل العدالة والتنمية المغربي، جرب زميله التركي سياسة الانفتاح على شخصيات وتيارات من داخل وخارج معسكره الإسلامي، وكان شعار أردوغان آنذاك يقول إن حزب العدالة والتنمية مثل شمسية parasol كبيرة، وهي تظلل كل من يناهض سلطة العسكر الذي كان يتحكم في البلاد”.
نعم هذا هو بيت القصيد، وهذا هو الهدف الحقيقي الذي يريد “البيجيدي” تحقيقه، والفضل، كل الفضل في تنبيهنا إلى ذلك ، يرجع إلى صاحب الافتتاحية، بوصفه أقرب الناس إلى البيت الداخلي لحزب المصباح، حيث كشف أن حزب عبد الاله ابن كيران يسير على خطى شقيقه التركي لتطبيق “النموذج الأردغاني” في المغرب، و أنه يستلهم من حزب أردوغان منهجيته في التسلط والتحكم في كل خيوط اللعبة السياسية في البلاد وفي رقاب الشعب.
فبعد أن وصل طيب إردوغان و حزبه إلى السلطة عن طريق صناديق الإقتراع، انقلبا على الديمقراطية و سعيا إلى تكميم الأفواه المعارضة و قمع الخصوم بطريقة وحشية أدانها العالم كله. وهذا ما ظهر جليا في ممارساته الانتقامية القمعية الأخيرة وردة فعله الشرسة ضد خصومه غداة فشل المحاولة الانقلابية، كأنه كان ينتظرها ليجهز على كل مكتسبات المجتمع التركي من حرية وكرامة واحترام لمبادئ حقول الانسان، حيث ساق عشرات الآلاف إلى السجون بمجرد الاشتباه في مخالفتهم لتوجات حزبه وقناعاته .
ولم تقف هذه الحملة التطهيرية في تركيا عند صفوف الجيش، بل تعدتها إلى قطاعات واسعة بين رجال الفكر والتنوير وسط الطبقة المثقفة ورجال الأعمال والقضاة والصحفيين والطلبة وحتى الديبلوماسيين .
هذا هو النموذج الذي يريد البيجيدي أن يستلهمه ليطبقه في المغرب إن هو فاز في الانتخابات القادمة.
المغرب ليس هو تركيا و المغاربة ليسو هم الأتراك، ففي المغرب ما زال المخزن يتحكم في الصغيرة قبل الكبيرة و سعي البيجيدي لتركنة المجتمع المغربي محاولة فاشلة بالأساس فالدولة العميقة لا تنام و تقيس نبض الشارع و نبض الأحزاب السياسية كل يوم و كلما شعرت بمحاولة استقواء هذا الحزب أو ذاك إلا و عمدت الى فصمه الى جزئين أو أكثر لاسيما و نحن نعلم أن سياسيونا لا تربطهم بالأحزاب المبادئ أو القناعات الفكرية بقدر ما تربطهم بهذه الاحزاب المصالح الشخصية الضيقة فمن يدفع لهم أكثر ينساقون وراءه و من يعدهم بكرسي وزاري يصبحون عبيدا و دعات له.
خاص سيدنا الله يطول لينا في عمره يفطن لما يضمره بنكيران و أصحابه …راه غاديين للبلاد للهاوية ..
كُن ْالسبع و كولني والله إننا نتتمنى تجربة تركيا في المغرب