يعيش قطاع التعليم على وقع إضرابات متتالية احتجاجا على النظام الأساسي الجديد، حيث تُعبر شغيلة القطاع عن رفضها القاطع له، مطالبة بإعادة النظر فيه أو سحبه بشكل نهائي، كما تواجه الحكومة بعدم التزامها بوعودها وبرنامجها الحكومي، بالإضافة إلى إقبار حزب التجمع الوطني للأحرار لكل الآمال والوعود التي جاء بها خلال حملته الانتخابية التي رفع فيها السقف عاليا.
تَبخُّر الوعود
وفي هذا السياق، قال عبد الإله دحمان، الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، إن “الخطاب السياسي قبل الانتخابات الأخيرة وبعد الانتخابات يجب أن يكون مسؤولا، وما يعتمل داخل قطاع التربية الوطنية من احتقان، يعزى لمجموعة من الأسباب، فأنت عندما تعدها -الشغيلة التعليمية- بخطاب دسم بالوعد، فيجب أن تفي لأنها تسجل عليك ذلك، وفعلا هذا الأمر ساهم في علو سقف الانتظارات وأيضا ساهم في عمق خيبة الأمل التي تلقتها الشغيلة التعليمية نتيجة عدم الوفاء بتلك الوعود المرتبطة بتصحيح أجورها، وترسيخ عدالة أجرية في سياق اجتماعي ضاغط”.
وأضاف دحمان في تصريح لموقع “برلمان.كوم” أنه نتيجة للسياق الدولي وعجز الحكومة على صَدْ تداعياته على الاقتصاد المغربي، ناهيك عن تدحرج كرة التضخم، وتصاعد منظومة الأسعار خصوصا أسعار المحروقات والمواد الأساسية التي تشكل قفة المعيش اليومي، لم يكن الفشل تعليميا فقط، بل هو مركب مرتبط بمنهجية تدبير الشأن العام، وبالمقاربة السياسية للحكومة في عموميتها.
وأكد ذات المتحدث أنه “ليس حزب رئيس الحكومة وحده من يتحمل المسؤولية، فهناك حزب مكون للحكومة وعد أمينه العام بحل ملف الأطر والأساتدة الذين فُرض عليهم نمط التوظيف بالتعاقد، ولا زال المعنيون ينتظرون الوفاء بوعده، وبالتالي أن تَعد الأساتذة وعموم الشغيلة بـ2500 درهم، فأنت فتحت أُفقا، والمسؤولية تقتضي التجاوب معه، رغم أن المنظور الذي طُرح به يقتضي أن يشمل الجميع وليس الخريجين الجدد وإلا سنصبح أمام خريج يتقاضى أجرة أكبر ممن سبقه وهذه إحدى التناقضات التي غذَّت التوتر والاحتقان، ثم الحراك التعليمي هو حراك اجتماعي في العمق ومؤشر على تردي الأوضاع الاجتماعية، لم تكن كفاءة الحكومة في مستوى قراءته وصيانة الأجوبة لاستيعابه”.
فشل في تدبير الأزمة
وبخصوص سؤال هل كشفت الأزمة الحالية ضعف حزب الأحرار الذي يدعي أنه حزب الكفاءات على تدبير الأزمة، بعد تسببه في إغلاق المدارس وإشعال فتيل احتقان اجتماعي غير مسبوق في القطاع، أكد الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم أن “الأزمة تتحملها كل مكونات الحكومة في إطار التضامن الحكومي، وإن كان نصيب الحزب الأغلبية أكبر، لكن هذه الأزمة التعليمية هي إفراز طبيعي لمسار خاطئ في الحوار القطاعي، سمته الأساس الانتصار للمقاربة الإقصائية”.
وتابع حديثه متسائلا “كيف يعقل أن يوقع المتحاورون على منهجية التكتم، ويجري الحوار القطاعي في التعليم تحت طائلة السرية، ويتم اعتماد منهجية التسريب التي غذّت الاحتقان وعملت على فقدان القوة في الوزارة الوصية ومحاوريها؟”.
وفي ذات السياق أكد دحمان أن “الأصل في الحوار القطاعي وخصوصا في ما راكمه قطاع التربية الوطنية والحركة النقابية المغربية هو تقاسم المخرجات جولة بجولة، وقراءة تفاعل الرأي التعليمي والتفاعل معه بالتعديل والإنصات، لكن للأسف الوزارة الوصية ومحاوروها اختاروا الانحياز لمقاربة زرعت الشك وفقدان الثقة في الجميع مما أدى إلى تفاقم الأزمة التعليمية”.
وأرجع القيادي النقابي ذلك إلى كون “الشغيلة التعليمية كانت مسؤولة في انتظارها لسنتين لكن المخرجات كانت بعيدة عن مطالبها وانتظاراتها، وفشلت الحكومة مرتين، مرة لما لم تستطع قيادة حوار حقيقي بأجندة مطلبية واضحة وبأفق زمني مضبوط وبآلية تواصلية فعالة، وفشلت كذلك لما طُلب منها سحب النظام الأساسي وانحازت لترقيعه وتجميل المرفوض”.
وخلص عبد الإله دحمان بالقول “اليوم وبعد فشل الوزارة الوصية في استيعاب النقابات التي لم توقع، ومنها الجامعة الوطنية لموظفي التعليم وممثلي الإطارات التنسيقية، فأؤكد أن الوقت لم ينته ونحن في حاجة إلى مبادرة مسؤولة تنصف الشغيلة التعليمية في إطار سقف الموضوعية والمعقولية، لإنهاء حالة الاحتقان وعودة الشغيلة التعليمية إلى ممارسة مهامها ورسالتها النبيلة، فنحن لسنا دعاة احتجاج وتوتر بل دعاة حقوق وإنصاف واستقرار المدرسة المغربية من أولوياتنا القصوى كذلك”.