ناصر ميكري، فنان شاب شق طريقه نحو مجال الفن الموسيقي بعد أن درسه بالمعهد الوطني للموسيقى لمدة توزعت بين 7 سنوات في الصولفيج ومثيلتها في آلة القيثارة. ورغم أنه ينتمي لعائلة فنية معروفة “ابن حسن ميكري”، غير أن ذلك لا يعني، كما قال في حواره مع “برلمان.كوم” دخل لمعترك الفن من باب الوراثة، وإنما نتيجة حب وميول صقله بالتكوين العلمي. وعلى نقيض الكثير من الشباب، فإن ناصر يرفض المشاركة في برامج اكتشاف النجوم، بحجة أنه نشأ في عائلة فنية أرضعته أصول الفن وتتلمذ على أيدي أساتذة مغاربة كبار، وبذلك فليس في حاجة لفنان لبناني أو مصري أو خليجي ليعطي رأيه في صوته وأدائه.
ماذا يمكن أن تقول للقارئ إذا ما أراد لمحة تعريفية عن ناصر؟
ناصر ميكري فنان مغربي شاب، لديه قناعة تامة بضرورة دخول هذا المجال من بابه الرئيسي. لذلك درست الصولفيج لمدة 7 سنوات بالمعهد الوطني للموسيقى. كما أمضيت 7 سنوات أخرى في دراسة آلة القيثارة. بعدها انزويت في خلوة مع نفسي حتى أُحسن اختيار النمط الموسيقي الملائم لي من أجل الظهور به أمام الجمهور. فجاءت مرحلة انتقاء الكلمات والألحان التي تبلورت عنها أغاني خاصة بي وبالتالي قادرة على إيصال ما بداخلي من أفكار ورسائل.
ألم يكن فقط انتسابك إلى عائلة ميكري المعروفة في الوسط الفني المغربي هو ما حدا بك إلى شق طريق الفن؟
هذا ليس صحيح إطلاقا. ومسألة الوراثة في المجال الفني غير مطروحة بتاتا في أسرة ميكري بدليل أن الكثير من أبنائها سلكوا مسارات مغايرة وبعيدة كل البعد عن غمار الفن. إذ منهم من توجه للهندسة ومنهم من عرج على الطب والأمثلة كثيرة في الاتجاه. زد على ذلك كوني وكما أسلفت درست الموسيقى بالمعهد الوطني. ومن ثمة، لم يكن انجرافي على سبيل الهواية فحسب وإنما صقلت هذا الميول بالتكوين العلمي. والأكثر من هذا، فإن النمط الفني الذي ذهبت في اتجاهه يختلف عن ذاك الذي اشتهرت به عائلة ميكري الفنية. إذ من المعلوم أن البداية كانت مع حسن ميكري في بداية الستينيات، قبل أن يلتحق به محمود الذي تابع النهج نفسه. في وقت كانت جليلة تؤدي ما ينتجه إخوانها. أما أنا فقد سِرت على طريق فني مخالف على جميع المستويات.
هل يمكن أن نفهم من كلامك بأنك تتبرأ من عائلة ميكري فنيا؟
أبدا أبدا.. ومن قال هذا؟ فأنا فخور جدا بأن أنتمي لهذه الأسرة التي لا ينتظرني القارئ لأسرد ما قدمته للفن المغربي والصورة الإيجابية التي عكستها له عالميا. إنما اختياري لتوجه خاص بي لا ينفي بأي حال من الأحوال دور الوسط الذي ترعرت فيه حتى صرت قادرا على الاستقلال بتميزي. بل على العكس من ذلك أنا جد ممتن للبيئة الثقافية التي كبرت بين أحضانها، وأشكر الله كثيرا لكوني فتحت أعيني لأجد في البيت قيثارة، وأبا يصطحبني لاستوديوهات التسجيل ومعارض الرسم باعتباره فنانا تشكيليا كذلك.
ألم تفكر في خوض تجربة برامج مسابقات اكتشاف النجوم الشباب، والتي ازداد عددها بشكل رهيب في الآونة الأخيرة؟
شخصيا لست في حاجة إلى فنان لبناني أو مصري أو خليجي ليقدم رأيه في صوتي، ويقول لي هذا الأداء “كونتر طون” أو نشاز. أقول ذلك ليس من باب الغرور ما عدا الله. ولكن فقط لأني كبرت بين أحضان أستاذ الذي هو حسن ميكري. فضلا على أني درست الموسيقى من أصولها على أيدي كبار الفنانين المغاربة. هذا إلى جانب كوني ملحن ولا يمكن أن أتطفل على نوع موسيقي لست مقتنعا به أو غير ضابط لقواعده الفنية. فمن الممكن أن أحضر تلك المسابقات كضيف شرف وليس ضمن المتبارين. أما في ما يخص مسألة الشهرة، فأنا ضد تلك الأضواء التي تسلط على الشباب المبتدئين وتختفي كالفقاعات في الهواء لتتركهم وراءها غارقين في أحلام هلامية.
لنعود إلى عائلة ميكري ووجهة نظرك في ما إذا كانت نالت حظها من الاعتراف بما أضافته للفن المغربي. أم أنها هي الأخرى تهمس فيما بينها نفس شكوى التجاهل التي درجت على ألسن العديد من الفنانين؟
هذا مشكل كبير صراحة وغير مفهوم في بلدنا. في حين أن والدي حَسن مثلا ولحُسن الحظ يجد العزاء في كمِّ الهدايا والتذكارات التي تصله من شهر لآخر من دول أجنبية كأمريكا وفرنسا وبريطانيا. أما على المستوى الوطني فالأكيد أن الكثير مما ينتظر فعله في هذا الصدد، ولو أنه لا يجب نكران بعض المبادرات التي ما فتئت تباشرها بعض الجهات المسؤولة لتحسيس الفنانين الجادين بقيمة ما أبدعوه من إنجازات.