تحل اليوم الثلاثاء، الثامن من شهر ماي، الذكرى الخامسة عشر لميلاد ولي العهد الأمير مولاي الحسن لتتجدد معها نفس الفرحة العارمة التي عاشها الشعب المغربي يوم 8 ماي 2003، حين أشرقت جنبات القصر الملكي بميلاد ولي العهد الذي اختار له الملك محمد السادس اسم مولاي الحسن.
وتزامنا مع هذه الذكرى، تطرقت مجلة “جون أفريك” الفرنسية، في عددها الأخير، لكيفية تنشئة وإعداد الملك محمد السادس لولي العهد ووارث سره، واصفة إياه بالشخصية المتميزة والملفتة للانتباه في الساحة السياسية.
وأشارت المجلة، إلى أن الصفات القيادية البارزة والحنكة في إدارة شؤون البلاد، منذ سن مبكرة، شكلت عرفا أساسيا دأبت عليه الأسرة الملكية العلوية الشريفة منذ القدم، فقبل ثلاثة وسبعين سنة، كان جده الحسن الثاني قد اضطلع بمهام بارزة في الشأن العام والسياسي، سواء المرتبطة منها بالجانب الوطني أو الدولي، وفي سن 13 من عمره حضر مؤتمر “تشرشل” و”روزفلت”، وأيقن أن الطرف الأمريكي يعتبر القوة العظمى التي سيكون من المفيد ربط علاقات قوية معها في المستقبل.
ويعتبر العمل الميداني المتمثل في أداء ولي العهد للمهام الرسمية، من أهم المقومات الأساسية في التربية الملكية، بالنظر لدوره البارز في الاعتياد على تحمل ثقل المهام الصعبة، وتسيير الشأن العام داخل وخارج الوطن.
وفضلا عن المقررات الدراسية والبرامج التربوية التي يتلقاها مولاي الحسن، التي تهدف أساسا إلى صقل الشخصية القيادية بالمواصفات اللازمة، في أفق القدرة على تحمل المهام الملقاة على عاتقه، فإن حفظ القرآن يعتبر من المعتمدات التربوية الأولى في التلقي الديني، حفاظا على مبادئ إمارة المؤمنين.
الأمر الذي يعكس حرص العائلة الملكية على توريث مبادئ التربية الدينية على القيم الإسلامية السمحة منذ مرحلة الطفولة، واعتماد اللغة العربية كلغة رسمية.
وأشارت المجلة، إلى أن الهدف من خلال هذا الحرص الملكي هو جعل ولي العهد مولاي الحسن يتمتع بشخصية ذات معالم وصفات القيادي، الذي يحرص على استمرار التناغم بين الدور السياسي للملكية والدور الديني لإمارة المؤمنين.
وينضاف في هذا الصدد، الحرص الملكي على تربية ولي العهد وتعليمه تعليما رصينا ومتكاملا، من حيث البرامج التربوية والمقررات التعليمية التي تصقل شخصيته بطابع الهوية المغربية المجبولة على قيم التشبث بالتراث والرأسمال اللامادي الوطني والانفتاح على حضارات وثقافات شعوب العالم.
الشخصية المثيرة التي ظهر بها ولي العهد مولاي الحسن، كانت محط اهتمام العديد من المنابر الإعلامية التي عكفت على إبراز العلاقة الوطيدة التي تربطه بوالده الملك محمد السادس، فضلا عن إبراز الصفات القيادية التي يتمتع بها ولي العهد بالرغم من كونه لم يبلغ سن الرشد بعد.
وأشارت المجلة، إلى أن الاهتمام بشخصية ولي العهد لم يقتصر فقط على الصحافة الوطنية، وإنما تجاوزها ليشمل الصحافة الدولية، حيث كان استقبال الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون”، المناسبة البارزة التي حظيت بالحضور الملفت لولي العهد، إلى جانب جلالة الملك.
وكانت هذه واحدة من أهم المحطات التاريخية، التي أبرز من خلالها قدرته على التواصل والوقوف إلى جانب كبار المسؤولين والقائمين على القرار في العديد من الدول الأوروبية، الأمر الذي لم يقتصر فقط على الشأن الداخلي للمغرب.
كما أنها اعتُبِرت الفرصة المناسبة التي جعلت الصحافة الدولية تسلط الضوء على قدرة الأمير على التحكم في زمام العديد من المسؤوليات الوازنة، وتشيد بمؤهلاته التي تجمع بين الحنكة والمسؤولية.
وكشفت جل الخرجات الإعلامية، التي تسلط الضوء على طبيعة العلاقة التي تربط الملك محمد السادس بولي العهد مولاي الحسن، على أنها علاقة لا تختلف عن باقي الأسر وتسلك منحاها الطبيعي، بالنظر لتبادل أطراف الحديث التي تجمعهما، وغيرها من مظاهر الحب والحنان، التي تدل حتما على أن الملك محمد السادس وفوق كل الاعتبارات يظل أبا، ويعبر في كل المناسبات عن هذه الآصرة القوية التي تربطه بمختلف أفراد الأسرة الملكية، خصوصا ولي العهد مولاي الحسن.
وللإشارة، فإن المتمعن في المسار الذي يسلكه ولي العهد مولاي الحسن، يكتشف أنه لا يختلف عن مسار والده الملك محمد السادس، كونه تحمل المسؤولية في أداء المهمات القيادية الصعبة في سن مبكرة.
وتتعدد المحطات التاريخية التي يمكن الرجوع إليها، في أفق التأكيد على هذا المعطى، خصوصا وأن الملك خبر وتفوق بدوره في أداء المهام والمسؤوليات الكبرى في فترة جد مبكرة، حيث أقدم على تقديم خطابه الأول بالأكاديمية العسكرية بالقنيطرة وهو في مرحلة الطفولة.