ملف الأسبوع: العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج حرية أم جريمة؟
يعتبر المغرب واحدا من أكثر الدول التي احتد فيها النقاش في الآونة الأخيرة بخصوص موضوع الحريات الفردية، خصوصا وأن الأقليات الدينية، الذين يعتنقون غير الإسلام دينا، يرفضون التضييق على حرياتهم الخاصة، التي تشمل الدعوة إلى قبول ميولاتهم الجنسانية المختلفة، فضلا عن تشبثهم بالعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج.
وفي السياق نفسه تجدر الإشارة إلى أن إقامة علاقات جنسية غير مشروعة، خارج مؤسسة الزواج يطال حتى معتنقي الدين الإسلامي، المتزوجين منهم وحتى غير المرتبطين.
يحيل هذا المعطى بشكل مباشر، على أن الظاهرة قيد الحديث التي تنشط بشكل لافت للانتباه، لا يمكن تفسيرها بالخلفيات الدينية، خصوصا وأن هناك مجموعة من العوامل التي تتفاعل في إنتاج هذا الواقع، الذي يصفه الباحثون في علم الاجتماع بالمتناقض، والذي يشكو بالأساس من تصدع القيم وانهيار منظومة المبادئ الكفيلة بإنتاج مجتمع سوي، يصدق فيه المعتقد والسلوك.
العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، لطالما كانت من ضمن أبرز المواضيع التي تخلق الجدل بين مؤيد لاحترام الحقوق الفردية، ومن ثم ترتفع الدعوة إلى إقرار هذه الحقوق كيف ما كانت، مادامت لا تلحق الأذى بالآخر، وبين رافض لهذا الصنف من الحقوق معتبرا أنه في الأمر دعوى للفسوق والفجور، خصوصا وأن المغرب دولة إسلامية تحتكم للدين الإسلامي، الأمر الذي يقضي بالامتثال لجميع تشريعاته وأحكامه.
يرجع الباحثون في علم الاجتماع ظاهرة العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، لمجموعة من العوامل التي تتفاعل فيما بينها وتتظافر في إفراز مجتمع يعج بالتصدعات الدينية والأخلاقية.
ويشار في السياق نفسه، إلى أن هؤلاء الباحثين، يربطون الموضوع قيد الدراسة، بعامل التربية والثقافة الذي غالبا ما يشفع لصالح الرجل، “هذا الأخير الذي ألف الاستفادة من هامش التسامح الذي يمنحه إياه المجتمع، والذي تعتبر المرأة الفاعل المحوري فيه، لأنها تتعامل بكثير من التسامح، أو التنازل حينما تكون ضحية الخيانة الزوجية على سبيل المثال”.
يوسم المغرب كباقي المجتمعات العربية، بنقاش حاد بخصوص موضوع الحريات الفردية، والأمر يعزى في ذلك إلى اعتماد الدين الإسلامي منظومة غير محايدة في الحياة اليومية، إنما نظام متكامل ومنهاجا، توجب الدولة المغربية الامتثال له في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية، وهو الأمر الذي ترفضه الفئات الداعية إلى إقرار احترام الحريات الفردية.
في هذا السياق يقول رشيد الجرموني، الباحث السوسيولوجي، “لبرلمان.كوم”،“يتسم موضوع الحريات الفردية، خصوصا المتعلقة منها بالجانب الجنسي بالكثير من التعقيد، بالنظر لغياب دراسات علمية في هذا الشأن”.
وأضاف أن العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج حقيقة معاشة، تخص فئة عريضة من المواطنين، غير أن هذا الأمر مسكوت عنه، بالنظر للتناقض وانتشار مظاهر النفاق الاجتماعي السائدة في المجتمع المغربي.
كما يشير المتدخل إلى أن العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، لا تخص غير المتزوجين فحسب، إنما الأمر يطال حتى المتزوجين نساء ورجالا، بالنظر للتحول الجذري الذي عرفته منظومة القيم، بالإضافة للتغيرات التي تطال مؤسسة الزواج، ومفهوم الحب والسعادة.
“معظم الأزواج يعتبرون أن الوظيفة الأساسية للزواج، هي أداء وظيفة الزوج والأب المحافظ، الذي يحتكم في علاقاته الأسرية لمنهج تقليدي، ويؤمن قطعا أن الحب مطلب يتحقق خارج البيت، الأمر الذي ينتج برودة في العلاقات الأسرية والجنسية، حيث تصبح العلاقة الجنسية مجرد واجب تتم تأديته خارج إطار الحب، حفاظا على الطقوس المقدسة لمؤسسة الزواج” يقول رشيد الجرموني”.