ملف الأسبوع: المكون الإفريقي والهوية المغربية.. أي علاقة؟
المقصود بالهوية المغربية في هذا الباب، هي مجموعة من الروابط والمؤشرات الحضارية والثقافية التاريخية. وتعتبر هذه المقومات الرابط الأساسي الذي يشد المغرب بقارة تشارك معها المصير الموحد، وتجعله يرتبط بشكل مباشر مع القارة الإفرقية.
وبالنظر للثراء والتنوع الذي تتميز به المقومات التاريخية المميزة للمغرب، يمكن أن نخلص لأهمية التنوع الذي تحظى به الهوية المغربية، القائمة أساسا على عناصر التاريخ والجغرافيا والعلاقات الإنسانية، التي تربطه بشكل مباشر مع القارة الإفريقية.
الهوية المغربية…قائمة على مرتكزات أساسية
غير أن الهوية المغربية في علاقتها مع القارة الإفريقية، تظل مبنية في الآن ذاته، على قيم ثقافية واحدة وعلى علاقات روحية عميقة، إذ انتشر الإسلام بدول إفريقيا جنوب الصحراء وبلدان الساحل وشرق إفريقيا، انطلاقا من المغرب وعلى يد الحركات الدينية والزوايا الصوفية.
في هذا الصدد تتعدد الدراسات التي أنتجت مجموعة من القراءات المتعددة، التي تسلط الضوء على المرتكزات الأساسية التي تكشف عن تعدد العناصر الرابطة بين المغرب وإفريقيا، والتي تنتج في النهاية هوية متعددة، تنهل من مصادر مختلفة لتولد في النهاية.
موقف الحياد لا يؤتي أكله
يحيى اليحياوي، الباحث المغربي المختص في التدبير الاستراتيجي للمنظمات، يشير في دراساته التي تتناول موضوع الهوية المغربية، إلى أن الفضاء الإفريقي الجغرافي والاقتصادي والاجتماعي والبشري الواسع، والواعد لم يكن ليترك بعض البلدان “الصاعدة”، وضمنها المغرب، في وضعية حياد أو لامبالاة، بل دفعها إلى بناء توجهات دبلوماسية واقتصادية وسياسية باستحضار هذا الواقع وبالارتكاز على معطياته”.
محددات الهوية المغربية اقتصادية
في الصدد نفسه، يوضح يحيى اليحياوي، أنه لا يسمح المجال هنا للحديث عن محددات هذا التوجه الجديد للمغرب إزاء إفريقيا؛ لكنه “بوسعنا القول بأن المحددات الكبرى في ذلك هي محددات اقتصادية وتجارية خالصة، تذكيها طبيعة التوزيع العالمي الجديد للعمل أكثر ما هي اختيارات مستقلة”.
في السياق ذاته، تتعدد المحددات التي تثبت أن المكون الإفريقي، يعتبر عنصرا أساسيا لا يمكن الحياد عنه في صياغة الهوية المغربية، وكما يشير إلى ذلك الباحث اليحياوي في ذات المقال، أن المحدد الاقتصادي يعتبر المكون الأساسي في رسم الملامح الأولى والبارزة للهوية المغربية الإفريقية.
في هذا الاتجاه، يقول الباحث نفسه إن تبني المغرب الدفاع عن قضية الصحراء المغربية باستماتة، يعتبر محورا أساسيا في صياغة هذه الهوية، خصوصا وأنه “ثمة محدد ناظم لكل هذه التوجهات. بل ولربما هو المحدد الجوهري لها في الزمان والمكان. ويكمن في عمل المغرب على توسيع رقعة الدول الإفريقية المتبنية بهذا الشكل أو ذاك، لقضيته الوطنية، قضية الصحراء. ولعل عزم المغرب العودة من جديد للمنظمة الإفريقية دليل على أن المغرب لم يعد مستعدا لإدارة الظهر لإفريقيا”.
إحياء البعد الإفريقي أهم مكونات الهوية المغربية
في ظل الإشكالات المتنوعة التي يمكن أن تشكل تهديدا مباشرا للهوية المغربية، تشير إكرام عدنني الباحثة المغربية في دراسة لها حول الموضوع، أن إحياء البعد الإفريقي كأحد أهم مكونات الهوية المغربية بعيدا عن الحسابات السياسية أصبح ضرورة ملحة.
وخصوصا في ظل تزايد الحاجة لتنمية حقيقية بالقارة السمراء، وفي ظل تزايد مخاطر الإرهاب والحركات المتطرفة التي انتشرت بشكل مقلق بالعديد من الدول الإفريقية.
وأضافت في دراستها التي تحمل عنوان، “العلاقات المغربية الإفريقية: علاقات العرق والهوية والدين”، أن المغرب يشترك مع إفريقيا في العديد من القواسم التي توحدهما، كالدين والطبيعة الاقتصادية والبشرية والطبيعية والحضارة، وهو ما يجعل من سياسة التعاون بين الجانبين أمرا ملحا ويخدم مصلحة الطرفين.