يعتبر المغرب واحدا من المجتمعات العربية، التي لازالت تعيش تحت تأثير مجموعة من المعضلات الاجتماعية التي تستمد قوتها من مصادر مختلفة، ترتبط معظمها بالجانب الثقافي وكذلك الديني. خصوصا وأن اعتناق الدين الإسلامي لا يعتبر في المغرب شرطا أساسيا يحتم على معتنقيه التدين على النهج السوي.
ويشار في هذا الصدد إلى أن هناك دراسات تسلط الضوء على التناقض الصارخ الذي يطال مفهوم التدين في المجتمع المغربي.
وتفيد هذه الدراسات، أن مفهوم التدين لدى شريحة عريضة من المسلمين لا يكاد يستقيم، خصوصا وأن عددا مهما من المواطنين المغاربة، يتخذون الدين الإسلامي عقيدة شخصية فقط، بينما يتم تغييب الجانب الديني في كل ما يرتبط بالمعاملات والتشريعات اليومية، التي يتحتم عليها أن تشكل العماد القويم في أفق الحفاظ على القيم الدينية السمحة.
وتعتبر الخيانة الزوجية، واحدة من أهم المعضلات التي تؤرق المجتمع المغربي، والتي تتنافى مع القيم الدينية، لأن الإسلام يحمل تجريما مباشرا لهذا السلوك، الأمر الذي يحتم تحريمه سواء بمقتضى العرف الديني أو القانوني وكذلك الأخلاقي، لكن نكاد نعيش في مجتمع يبيح العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، التي لم تعد حكرا على الرجل فحسب إنما المرأة أيضا.
كثيرة هي إذن الدلائل التي تثبت أن الخيانة الزوجية حقيقة تابثة، نالت من مجموعة من العلاقات الزوجية والإنسانية، وأخذت تسقط في تأثيراتها السلبية على الأسرة والأطفال على وجه الخصوص.
لأن الخيانة الزوجية غالبا ما تنتهي بالطلاق، وبالتالي النتيجة الفعلية تكون هي تشرد الأطفال، أو على الأرجح السقوط في مجموعة من الأمراض النفسية من قبيل الاكتئاب الذي يسقط في شباك الإدمان على المخدرات وغيرها من العادات السلبية.
لطالما شكل موضوع الخيانة الزوجية والعلاقات الزوجية محط اهتمام الباحثين في علم الاجتماع، لأنها تعد واحدة من أبرز القضايا التي تنخر المجتمع المغربي في صمت مطبق، ولأنها غالبا ما تسقط فلذات الأكباد في مشاكل لا تحمد عقباها.
ومجمل الأبحاث الواردة في هذا الموضوع، تفيد أن الطلاق والتفكك الأسري يعتبر النتيجة الأولى والمتوقعة التي تفضي إليها الخيانة الزوجية، وهذا هو الأمر الذي يكون له تأثير مباشر على الأسرة التي تصبح معرضة للتشرد الذي يعصف بالأطفال في الدرجة الأولى.
من جهة ثانية، فارتفاع نسبة الجريمة في أوساط من تعرضوا للخيانة الزوجية، رجالا كانوا أو نساء يؤكد أن ارتكاب جرائم القتل في العديد من الحالات، تعتبر نتاجا فعليا عن الامتعاض والغضب الذي يثيره هذا السلوك حيال الطرف الآخر.
ويشار في هذا الصدد، إلى أن ارتكاب جرائم من هذا القبيل، هو الأمر الذي يدفع بالأطفال إلى السقوط في قبضة مجموعة من الأمراض النفسية، التي يستعصي على الطب معالجتها، خصوصا وأن الأسر التي تعاني من هذه المشاكل، غالبا ما تنتج أطفالا يعانون من تصدعات نفسية عميقة يصعب ترميمها إلا بعد مضي فترة زمنية طويلة.
وفي الصدد نفسه، تنضاف مجموعة من الآثار السلبية الناتجة عن الخيانة الزوجية في المجتمع المغربي، والتي أشارت إليها مجمل الدراسات والأبحاث الميدانية الواردة في هذا الصدد من قبيل فقدان التوازن العاطفي والنفسي لدى الزوجين وكذلك الأطفال، الأمر الذي يكون مدعاة أساسية لانبثاق مشاكل فرعية من قبيل الرغبة في الانتقام عن طريق الجريمة المدبرة.
بالإضافة إلى فقدان الثقة، التي تعتبر العامل الأساسي الحاسم في استقرار الأسرة والحفاظ على التوازن، كونها تشكل بيت القصيد في استمرار أي علاقة إنسانية، سواء بين الزوجين أو غيرها من العلاقات الأخرى.
وجدير بالذكر أن هذا الأمر يرخي بسدوله على الأطفال الذين يفقدون الثقة بدورهم في الأبوين، ما قد يفضي إلى اعتزال البيت والبحث عن ملجأ يتوفر فيه عامل الاستقرار، ويحصل في الكثير من الحالات أن يكون الشارع هو هذا البديل.
كما لا يمكن إغفال جانب القيم، خصوصا وأن الخيانة الزوجية تعتبر عاملا حاسما يساهم في تفسخ القيم الاجتماعية، التي يجب الاحتكام إليها في أفق الحفاظ على التوازن النفسي والعاطفي للأطفال والزوجين، ومن ثم فتفسخ القيم يعجل من انهيار مؤسسة الأسرة.