الأخبارركن الميداوي

معاناة غزة طعنة في القلوب وريشة الرسام تضميد لها

الخط :
إستمع للمقال

بعيدا عن حمامات الدم في غزة وعمليات التقتيل والتشريد التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد الأبرياء الفلسطينيين من شيوخ ونساء وأطفال، أفردت قاعة العروض “ماجيك بورطري” بباريس ضيافة متميزة للرسام الفلسطيني عاطف النوري، الذي تمكن بلمساته الإبداعية المتفردة من محاكاة معاناة الشعب الفلسطيني المحاصر، واستحضار مأساة غزة الناجمة عن العدوان الإسرائيلي والتخاذل العربي والدولي.

وبالرغم من الوجوه النازفة في الأعمال المعروضة، وشلالات الدم في مستشفيات ومساجد غزة، وبالرغم أيضا من مسحات الحزن التي تعتري وجوه أطفال فلسطين، يبقى الأمل المشرق بالنصر والتحرير، غالبا في لوحات الرسام الكبير عاطف النوري الذي وضع عمله تحت شعار “معاناة غزة طعنة في القلوب والريشة تضميد لها”.

ويرصد المعرض المسار المتفرد لهذا الرسام الغزّاوي النشأة الذي قرر بعد سنوات من النضال السياسي والفني أن يوطن مرسمه بعمّان بعد مسيرة كوسموبولية قادته إلى تركيا واندونيسيا واليابان جاعلا من المأساة الفلسطينية مكونا أساسيا في أعماله الفنية.

ويضم المعرض حوالي أربعين لوحة مستقاة من صميم البيئة الفلسطينية برموزها وألوانها وأزيائها وأيضا بمآسيها وتمزقها. وقد استعمل فيها الرسام تقنية اللوحة /البورطريه/ أوما يسمى بالحداثية الدالة على واقعية مفرطة اقتبسها من النهضة الإيطالية والإسبانية، وهي واقعية ترفض بشكـل قطعي تمثُّل الشخصيات أو تخيُّلها.

ويُمكن القول بلا تردد بعد الغوص في عمق اللوحات بشكل فاحص ودقيق، إن التحرر من سلطة المرجعيات التشكيلية وممارسة فعـل التغيير في النسق الإبداعي، هي السمة الأساسية التي تُميز أعمال عاطف النوري المتموضعة بين فضاءين متباينين.. حسّي يشغل العين كحاسة أساسية في التقاط التفاصيل وتركيبها بما يتيح إنتاج شبكة من الأمكنة والعلائق والوجوه، وواقعي يرقب الحركات والأشياء ليعيد تركيبها في قالبها ونشأتها الأصليتين.

ورغم أن عاطف النوري يقول إن الفنان يمكنه أن يكون فى الوقت ذاته حداثيا واستشرافيا، إلا أنه يرفض كل قرابة مع الفنانين الاستشرافيين فى القرن التاسع عشر، إذ يعتبر أن رسامي هدا القرن وحتى الكبار منهم من أمثال دولاكروا وفرومنتان، أولوا اهتماما مفرطا للتفاصيل على حساب القيمة الجمالية والفنية لأعمالهم.

وترصد اللوحات اللونية المعروضة التي التقط الرسام بعض مشاهدها من الفضائيات العربية إبان المذبحة الأخيرة التي اقترفتها قوات الاحتلال بغزة، الحياة الفلسطينية بمآسيها المختلفة من حصار وتجويع وتقتيل، والتي يشكل الفن والثقافة كهفها الحصين. كما تتناول الواقع الفلسطيني عبر مسالكه الاجتماعية والاقتصادية المختلفة.

وإلى جانب هذه اللوحات التي تختزل القدرة الخلاقة للرسام على التقاط التفاصيل وتوظيفها في تقنية /البورطريه/ التي أكسبته شهرة واسعة، يعرض عاطف النوري مجموعة من الأواني الخزفية الناذرة التي جمعها في أنحاء مختلفة من فلسطين بصبر وتأن وذوق متميز.

وتعود أول نجاحات عاطف النوري إلى سنة 1997عندما عرض لوحاته بصالونات برلين حيث كان حينئذ متأثرا بالرسامين بيكاسو وسالفادور دالي وبالمدرسة السريالية. وخلال العشرين سنة الماضية عرض الرسام الفلسطيني المزداد بجنين سنة 1960، عدة مرات بنيويورك ولندن وموناكو وباريس. وكان آخر معارضه برواق مارلبيرو بنيويورك في نونبر من سنة 2019.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى