ينتظر الشعب المغربي بترقب كبير خطاب العرش يوم الأحد المقبل 30 يوليوز الجاري، والذي يصادف الذكرى الـ18 لاعتلاء الملك محمد السادس كرسي العرش، وهو المناسبة التي دأب فيها الخطاب الملكي على التطرق لعدد من المواضيع التي تهم الشان العام الوطني.
خطاب هذه السنة والذي يأتي في ظرفية خاصة بالنظر للأحداث الجارية لا على المستوى الوطني أو الإقليمي أو الدولي، يتوقع منه العديدون، أن يشهر فيه الملك محمد السادس، عددا من القرارات الهامة، كما لا يستبعد مراقبون خبراء وسياسيون، أن يتطرق ولو بالتلميح لقضية احتجاجات الحسيمة، التي طفت على الساحة، منذ عدة أشهر بالمغرب، حيث يعتبر هؤلاء فرصة خطاب العرش، وسيلة قوية لتهدئة الأوضاع، ونزع فتيل التوتر الحاصل بين مؤسسات الدولة والمحتجين بمنطقة الحسيمة.
في جانب آخر يرى متابعون آخرون للشأن السياسي بالمغرب، أن الخطاب الملكي لعيد العرش هذا العام، لن يحمل أي جديد او تخصيص بالإسم لموضوع الحسيمة، بقدر ما سيخوض بالإجمال في التقرير الذي طالب به الملك في آخر مجلس وزاري له، لتحديد المسؤوليات في تعثر مشاريع الحسيمة مع ربطها بكل مشاريع التنمية التي سبق له وأعطى انطلاقتها بكل جهات المملكة، وهو ما سيجعل من خطاب العرش لـ2017، أقوى من خطاب 9 مارس 2011، من حيث مخرجاته التي قد تصل لربما حد إحالة مسؤولين كبار بالدولة على المحاكمة القضائية أو الإقالة من مناصب المسؤوليات.
الحسيمة إقليم كباقي الأقاليم وخطاب العرش موجه لكل المغاربة
عبد العزيز الرماني المتخصص في التواصل وقضايا الاقتصاد الاجتماعي، اعتبر في تعليق له عن مدى إمكانية تخصيص الملك فقرات من خطاب العرش للحديث عن “احتاجاجت الحسيمة” أن “الحديث من الناحية الجغرافية أو الاقتصادية أو الاجتماعية عن مدينة الحسيمة، هو حديث عن إقليم كباقي أقاليم المملكة ومناطقه الترابية، بغض النظر عن كونه اليوم وجهة للاهتمام الوطني، بحكم المطالب الاقتصادية والاجتماعية التي عبر عنها سكانه، أما حين نتحدث عن خطاب العرش فنحن نتحدث عن خطاب موجه من ملك البلاد إلى الأمة المغربية من شمالها إلى جنوبها.
ويشدد الرماني على أن خطاب العرش له وزنه التاريخي، وعادة ما يتحدث فيه الملك عن الحصيلة المرتبطة بالأحداث والمنجزات التي عرفتها البلاد، مع ما يتخلله من توجيهات كبرى تأتي نتيجة لتقييم الحصيلة، والحديث عن مكامن القوة والضعف، وما يجب إصلاحه أو إعادة ترتيبه، بالإضافة للتوجهات المرتبطة بالمستقبل وبالسياسة الخارجية للبلاد، بالتالي فهو خطاب للتذكير، والتقييم، والتأطير، والتوجيه.
ويتابع الرماني أن “الحسيمة لا تشكل لوحدها موضوعا للتأخر والتماطل الذي تعرضت له بعض المشاريع التي أشرف الملك على انطلاقتها، بل هناك بالمقابل مشاريع أخرى وأوراش حيوية في مناطق أخرى تعرضت بدورها للتأخير لسبب أو لآخر، وهو ما قد يجعل خطاب العرش متضمنا لتوجيهات حاسمة بخصوص الموضوع في عموميته، لا بخصوص المنطقة الجغرافية في حد ذاتها، فكما اشتكت الحسيمة من بعض المشاكل المرتبطة بالبنية التحتية، اشتكت مثلا شفشاون ووزان وبني ملال، من مشاكل مرتبطة بالماء الصالح للشرب”.
ويوضح الرماني في ذات حديثه لـ”برلمان.كوم” أن “الملك وبكونه المرجع والساهر على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات، وبكونه يوجد من حيث الموقع فوق الأحزاب والخصوم السياسيين، فإنه تطرق في خطاب العرش للسنة الماضية، إلى المبدأ الدستوري المتعلق بربط المسؤولية بالمحاسبة، وحذر من الإساءة إلى سمعة الوطن أو المس بأمنه وسلامته، ونبه بأسلوب نقدي إلى بعض الانزياحات والانحرافات السياسية، حين قال باللفظ: “كفى من الركوب على الوطن، من أجل تصفية حسابات ذاتية.. وأن عدم القيام بالواجب هو نوع من أنواع الفساد الذي يجب أن يخضع صاحبها للمحاسبة”.
العفو الملكي ينظمه الدستور ومعتقلو الحسيمة قد يستفيدون من عفو عن المتابعة القضائية
وحول الدعاوى والتوقعات التي تقول بإمكانية إصدار الملك لعفو شامل عن المعتقلين على ذمة التحقيق في احتجاجات الحسيمة، بمناسبة عيد العرش، أوضح الرماني أن “العفو حق سيادي ودستوري، يمارسه الملك وشرعه الدستور في الفصل 58، والمناسبات الدينية والوطنية تشكل فرصا منتظمة لإعلان العفو فيها، بالتالي فإنه من الممكن أن يلتجئ الملك للعفو في هذه المناسبات أو خارجها”.
وأشار الرماني أن “العفو الملكي غالبا ما يعلن عنه ببلاغ تصدره وزارة العدل، كما أن هناك لجنة للشؤون الجنائية والعفو تنسق عادة مع وزارة العدل لتحديد اللوائح المقترحة ورفعها كملتمس لقبولها ملكيا، كما ان بلاغ العفو، يتضمن أنواع العقوبات التي استفاد أصحابها من العطف الملكي، فإذا حصل واستفاد أبناء الحسيمة، الذين هم فئة من أبناء هذا الوطن، فسوف نسمعها ضمن أعداد أخرى سيتم العفو عنها، وبما أن عددا من هؤلاء المعتقلين لم تصدر بحقهم حتى اللحظة عقوبات حبسية، فإننا سنكون أمام عفو يختص بالمتابعة القضائية، وهذا حق دستوري للملك”.
خطاب العرش قد يحمل لغة احتجاجية.. والعفو عن معتقلي الحسيمة مرتبط بالتهدئة
الدكتور محمد جبرون، أستاذ التاريخ والفكر السياسي بجامعة محمد الخامس بالرباط، أوضح بخصوص ذات الموضوع أن “خطب عيد العرش بالمغرب، تختلف عن باقي الخطب الملكية في باقي المناسبات الوطنية، ولها تقليد خاص بها، حيث تعرض بالأساس لحصيلة السنة، وتقييم الأداء السياسي للدولة، لذلك فإنه من غير المتوقع أن يحمل خطاب العرش أي جديد بخصوص موضوع الحسمية”.
وشدد جبرون على أن “الحكومة الحالية وبإشراف شخصي من الملك، نفذت مجموعة من المبادرات الخاصة بمنطقة الحسيمة، لكن الخطاب وبحكم تقليده الراسخ، لن يدخل في التفاصيل”، دون أن يستبعد “إمكانية حمل خطاب العرش للغة احتجاجية في مضامينه، اتجاه بعض الممارسات، التي تطبع عمل النخبة السياسية والحكومية بالمغرب، دون أن يذهب بعيدا في تخصيص كلام خاص بالحسيمة والاحتجاجات التي تعرفها منذ أشهر”.
في جانب آخر استبعد جبرون أن “يتطرق خطاب العرش للحديث عن المعتقلين على ذمة التحقيق، في أحداث الحسيمة، أو إصدار عفو شامل كما يتوقع البعض، لأنه موضوع لا تختص به هذه المناسبة الوطنية، ولا يختص به خطابها”، كما “أن عفوا مثل هذا، يتعلق بالأساس بتغير حقيقي للأوضاع على الأرض وبالتزام التهدئة”، يضيف جبرون.
خطاب العرش قد يستعرض التحقيق في تأخر تنفيذ “منارة المتوسط”
المحلل السياسي حفيظ الزهري، أبرز في رأي أدلى به في ذات السياق لـ”برلمان.كوم” أن “التطور الذي عرفته احتجاجات الحسيمة والغضبة الملكية من تأخر تنفيذ مشاريع الإقليم، ومطالبته بفتح تحقيق حول تحديد المسؤوليات في تأخر مشروع منارة المتوسط، والحديث عن وجود التحقيق في مراحله الأخيرة سيجعل من خطاب العرش خطابا قويا أكثر من خطاب 9 مارس 2011”.
وأضاف الزهري، أن “خطاب العرش المرتقب قد يشهد استعراضا لنتائج التحقيق الذي من المنتظر أن يعرف مفاجآت من العيار الثقيل قد تعصف بالعديد من المسؤولين الكبار، بمختلف مراتبهم، مما سيجعله بمثابة خارطة الطريق، وتأطير للمرحلة المقبلة، من العلاقة بين الدولة والمواطن، مع التركيز على ربط المسؤولية بالمحاسبة”.
معذرة للأساتذة ، فخطاب العرش سيتضمن الوقائع والأحداث التي طفت على الساحة الوطنية بحلوها ومرها ولنا فيما يعزز هذا خطاب العرش 3 مارس 1993 ونتذكر قضية
( ثابت ) وكذا جفاف تلك السنة .
ولقد تطرق المشمول بعفو الله الملك الحسن الثاني لهذين المعضلتين .
وبتاريخ 13 أبريل 1993 عين أحمد الميداوي مديرا عاما للأمن الوطني والذي شتت أسرة الأمن الوطني الذي لا زالت المديرية تعاني من ذلك التشرذم رغم أن هناك بصيص أمل في القيادة الحالية وللإشارة فعند إعفاء السيد أحمد الميداوي من مهامه لم يستقبل من عاهل البلاد نظرا لأخطائه الفادحة .
وحيث أن خطاب العرش سيكون ذا حمولة قانونية وأملي أن يستعيب المواطن المغربي ما سينطق به ملك البلاد والتشبت بمضامينه للدفاع عن حقوقه لأنه الخطاب
له طابع ألزامي ويعد مصدرا للقاعدة القانونية .