من المنتظر أن يحل وزير الخارجية الفرنسي الجديد ستيفان سيجورنيه بالمغرب اليوم الأحد، وذلك ضمن أول زيارة له للمملكة منذ تعيينه في منصبه في 12 يناير الماضي، حيث سيلتقي بنظيره المغربي ناصر بوريطة، وهو الحدث الذي ينظر إليه مراقبون على أن باريس تُريد من خلاله تذويب الخلاف مع الرباط والمُضي قُدما في إصلاح العلاقات التي عرفت فتورا وجمودا منذ سنوات.
وفي سياق الزيارة، يُطرح بإلحاح كبير سؤال ما إذا كانت فرنسا ستُنهي بقاءها بالمنطقة الرمادية بخصوص قضية الصحراء المغربية وتخرج بموقف شجاع يُنهي الغموض الذي تغرق فيه بشأن هذا الملف.
ماكرون نحو تصحيح الخطأ
وفي هذا السياق، قال إدريس قصوري، إن الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الفرنسي سيجورنييه، تأتي بعد استقبال أميرات المملكة المغربية بالإيليزيه، والذي قيل أنه كان بتوجيه من الملك محمد السادس، كما أن مراسيم الاستقبال مرت بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وأنها تأتي كذلك، عقب تصريح وزير خارجية فرنسا أن إيمانويل ماكرون كلفه شخصيا بتدبير العلاقات وتجديدها مع المملكة المغربية.
وأضاف المحلل السياسي، في تصريح لموقع “برلمان.كوم” أن “هذا العمل الذي تم القيام به في هذه المرحلة جاء بعدما عبَّر مجموعة من البرلمانيين الفرنسيين على ضرورة إصلاح العلاقات مع المغرب، وهذا العمل كذلك يأتي بعد تأكيد شخصيات نافذة في فرنسا على ضرورة الاعتراف بمغربية الصحراء”.
وفي إطار هذه البوادر، أوضح إدريس قصوري أن “هذه المقدمات تأتي من أجل تذويب الحاجز النفسي ورفع الحرج عن الرئيس الفرنسي، من أجل استقباله في المغرب، حيث كان قد أعلن قبل سنة أنه سيقوم بزيارة إلى المغرب، وهذا كان قرارا انفراديا منه، وكان بمثابة بالون اختبار وجس نبض، وهو الذي تم الرد عليه بأن زيارة المغرب هي بإرادة من المغرب وليست بإرادة أحادية للرئيس ماكرون، واليوم يتضح بالملموس أنه تم احترام إرادة المغرب، وأن المغرب هو من يقبل وهو من يُحدد الأجندة والاتفاق على كل شيء”.
وقال الأكاديمي المغربي إن “مجيء ماكرون للمغرب هو من أجل تصحيح الخطأ، والمغرب يطلب تصحيح الخطأ بشكل واضح وصريح، والخروج بموقف واضح بدون غموض وغير قابل للتأويل، ودون تبخيس، وكذلك اعترافا متكاملا بمغربية الصحراء”، مؤكدا على أن “هذا هو الذي من شأنه أن يُعيد الأمور إلى مجراها”.
نهاية التهافت الفرنسي على الجزائر
ومن جهة أخرى، وعلاقة بالوضع الذي واجهته فرنسا بالقارة الإفريقية وتنامي رفضها وبالتالي طردها بشكل مُهين، أشار المحلل السياسي إلى أن المخابرات الخارجية الفرنسية قدمت إيضاحات بأن بلادها في وضع سيء في إفريقيا وصورتها في القارة الإفريقية سلبية، وذلك نظرا لدخول قوى عالمية أخرى في المنطقة، الأمر الذي كبد الإيليزيه خسارة كبرى.
وقال “إن فرنسا التي راهنت على الجزائر وجنت الهزائم فقط، وخرجت مذلولة من إفريقيا، ما عليها إلا أن تُغير من مسارها وأن تتحول إلى المغرب وأن تراجع موقفها بشكل جذري”.
وأضاف قصوري أن فرنسا في سياق تهافتها على النظام الجزائري وإدارة ظهرها للمغرب، جنت نتائج سلبية، وبعد مرور سنة فقط ظهرت نتائجها، مشيرا بذلك للتحولات العميقة التي حصلت في مجموعة من دول الساحل الإفريقي والتي تصُب في صالح المملكة المغربية مائة في المائة وليست لصالح الجزائر.
ومن جهة أخرى، استحضر المحلل السياسي الخطوة العملاقة والاستراتيجية التي قام بها الملك محمد السادس بخصوص الأطلسي وتوفير منفذ بحري للدول غير المشاطئة لدول الساحل، التي أعطت نتائجها وسرّعت من توطيد العلاقات مع المملكة المغربية، واستطاعت زعزعة المحور الذي كان راسخا في مواقفه ضد المغرب، ومن ضمنها النيجر ودول أخرى.
وسجل إدريس قصوي التحول الكبير الذي عرفته العلاقات الاستراتيجية للمملكة المغربية بإفريقيا، بالإضافة إلى العلاقات القوية التي تجمع الولايات المتحدة الأمريكية بالمغرب في إفريقيا، خصوصا على المستوى العسكري، مشيرا إلى الزيارة التي قام بها رئيس أفريكوم للمغرب، بالإضافة إلى الأدوار التي بات يلعبها على المستوى الدولي ورئاسته لمجلس حقوق الإنسان في منافسة قوية مع جنوب إفريقيا.