استئناف محاكمة الانفصاليين المتهمين في أحداث “اكديم-إيزيك” التي راح ضحيتها 11 عنصرا من قوات الأمن أمام ملحقة سلا لمحكمة الاستئناف بالرباط ، فضلا عن طابعه القانوني والمسطري ، كان مناسبة ليظهر الوجه الآخر لبعض المحامين الفرنسيين والاسبان الذي جاءوا للدفاع عن من يعتبرونهم “سجناء سياسيين”، وهم في واقع الأمر ليسوا سوى قتلة متهمين . هؤلاء المحامون ظهروا إلى أي حد يمكن أن تصل بهم الغطرسة وازدراء الأعراف والممارسات التي تسير عليها العدالة المغربية.
هؤلاء “المحامون” قدموا إلى المغرب، ليس بنية ممارسة هذه المهنة النبيلة، ولكن من أجل الاستهزاء على طريقتهم من العدالة المغربية وما تمثله في هذا البلد، أي دولة ذات سيادة تحررت من نير الاستعمار بشقيه الفرنسي والاسباني منذ أكثر من نصف قرن.
بالنسبة لهؤلاء المحامين كل من هو “صحراوي” هو بالضرورة ضحية، وكل من هو مغربي هو بالضرورة جلاد.
مع أن الجلادين في هذه القضية هم أولئك الذين يدافع عنهم هؤلاء الذي يرتدون الروب الأسود الذي قدموا للدفاع أو مراقبة سير المحاكمة.
ولنأخذ مثلا ، على الخصوص، حالة المحامي الفرنسي جوزيف بريهام (Joseph Breham) وكذا المحامي الاسباني سيرانو راميريز فرانسيسكو (Serrano Ramirez Francisco) .
الأول سمح لنفسه بأن يلج قاعة المحكمة ومعه جهازي الـ Ipad و الـ Ipod ضاربا بذلك عرض الحائط الضوابط التي وضعتها المحكمة والتي تطبق على الجميع.
أيضا سمح لنفسه هذا المحامي بأن يسلم وثيقة لأحد المتهمين دون طلب الاذن من رئيس الجلسة، وهو بذلك يدوس على الأخلاقيات المتعارف عليها في هذا الشأن.
وبالنسبة للمحامي الاسباني سيرانو راميريز فرانسيسكو ، اختار ، حتى قبل انطلاق المحاكمة، اللجوء إلى ممارسة التضليل الإعلامي، من خلال التصريح لأحدى وسائل الاعلام الاسبانية بأنه تم طرده من التراب المغربي لدى وصوله إلى طنجة.
وفي الصدد نفى بشكل قاطع بلاغ رسمي للمديرية العامة للأمن الوطني مزاعم وادعاءات المحامي الاسباني، موضحة أن المعني بالأمر حضر شخصيا يوم أمس الاثنين، إلى مقر ملحقة محكمة الاستئناف بسلا، حيث استوفى كافة الاجراءات الضرورية التي تطبق على جميع الوافدين على هذه المحكمة، قبل أن يلج قاعة الجلسات المخصصة للمحاكمة، وأكدت أن المحامي المذكور لم يخضع لأي إجراء يحد من تنقله، كما لم يتم منعه من ولوج التراب الوطني.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو ، لماذا تصرف المحامي الفرنسي كما لو كان في أرض تابعة له ، ولماذا زميله الاسباني لجأ إلى الكذب من خلال الادعاء بأنه تعرض للطرد؟ .
والجواب بكل بساطة يرجع إلى موقف بعض المسؤولين المغاربة الذين يبالغون في إبداء المرونة إن لم نقل الضعف أمام هؤلاء الأجانب الذين ينصبون أنفسهم كمن يعطي الدروس في الديمقراطية وحقوق الانسان في المغرب.
كم من مرة لوحظ بأن هؤلاء المسؤولين من مختلف الجهات يضيعون وقتهم في إعطاء التبريرات أمام هؤلاء الأجانب مسهلين لهم مهامهم أكثر من اللازم، كما لو كان من واجبنا أن نقدم لهم الحساب حول أي أمر كان.و والمصيبة أنه كلما رضخنا لنزواتهم كلما زادت مطالبهم.
كان هناك نحو ستين أجنبيا من بينهم 42 مؤيدين للانفصاليين فضلا عن عدد من الصحفيين يمثلون الصحافة المكتوبة والالكترونية والسمعية البصرية وممثلي بعض السفارات الأوروبية بالإضافة إلى نشطاء “البوليساريو”، كلهم حضروا جلسة المحاكمة بدون أية قيود.
بل أن هؤلاء سمحوا لأنفسهم بالاحتجاج ورفع شعارات مؤيدة للانفصاليين داخل المحكمة ، في الوقت الذي كان فيه نحو مائة من أنصارهم يقومون بنفس الشيء خارج المحكمة، مقابل نحو ستين من المتظاهرين المؤيدين لعائلات الضحايا.
هذا يعني أن حضور أولئك الذين يساندون هؤلاء القتلة المتهمين يتجاوز عددهم بكثير عدد الذين يساندون الضحايا.
كل هذا لم يؤخذ بطبيعة الحال بعين الاعتبار من قبل هؤلاء المدافعين القادمين إلى المغرب من الخارج بأفكار ونوايا مسبقة ومبيته، جاهزين عن قصد لاستفزاز السلطات والعدالة في المغرب من أجل تحقيق هدف وحيد هو خلق ضجة إعلامية.