الأخبارمجتمعمستجدات

ما الذي يجمع بين باريس وبروكسيل والفنيدق… وليس للجيران فيه يد السوء؟ (2.2)

الخط :
إستمع للمقال

السؤال الذي نطرحه حول ما يربط بين حفلة “لومانيتي” في باريس وتحركات الدمى الانفصالية باسم الريف ومسيرته في بروكسيل والسعي إلى تجييش الشباب القاصر للحج إلى الفنيدق، لا يجد جوابه في المصادفات الزمنية فقط بل لا بد من سرد الوقائع كلها للفهم الموضوعي، بعيدا عن الخيال أو نظرية المؤامرة التي قد يتهمنا بها المخلوضون!

يوم 14 شتنبر تم تنظيم ندوة في رواق ما يسمى بالحزب الوطني الريفي، نشطها يوبا الدغيوي، الذي تم تنصيبه في الجزائر العاصمة قائدا لهذه الشرذمة المنبوذة. وبحضور حسن أومسعود باسم لجنة مساندي المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي في الرواق نفسه. وحضرها سعيد العمراني عن ائتلاف الريفيين في أوروبا. وأسماء أخرى لن نمنحها شرف ذكرها لأنها كانت هناك لتأثيث المشهد فقط لا لسبب، سوى أن “تقلي” السم للوطن والوطنيين.

حسن أومسعود ،الذي لم يتردد خلال هاته الندوة في الدعوة إلى إسقاط النظام، حضر إلى جانب “ابراهيم غالي الجديد المسمى يوبا” والمحامي الفرنسي كريستوف مارشان..

في بداية الندوة تحدث يوبا العميل، ما يقارب عشر دقائق عن الطريق الصعبة والصمود وعن “أطاس “(بزاف بالريفية) من الحركات الثورية التي تسانده، وهي حركات افتراضية لم يتحدث منها ولو نفر واحد أو ذكر اسم حركة واحدة في العالم، كما تحدث بفم نتن عن الدولة العلوية وعن النظام المغربي…في الوقت ذاته أراد المنظمون إعطاء الوهم بأن القاعة غاصة بالناس من خلال تصفيقات متفرقة، والحال أن الكاميرا ظلت ثابتة لا تصور سوى المنصة من زاوية ميتة كما يقول التقنيون. ولم يتجرأ المنظمون على تقديم ولو لقطة واحدة عن الحضور..

المحامي الفرنسي تحدث بدوره عن “معرفته بالمغرب” من خلال زبائنه هنا، ولم يذكر منهما سوى علي أعراس المتابع بالإرهاب في بلاده والمتهم بتهريب السلاح، والصحافي عمر الراضي الذي تمتع بالعفو الملكي في المرحلة الأخيرة. ولم يتأخر المحامي الفرنسي في الانتقال بسرعة إلى الحديث عن الانفصال من خلال إقامة التوازي بين دفاعه عن الحزب الوطني الريفي والانفصاليين الكاطلانيين..بجرة كلام! بل شاء الإخراج الفج أن يسأله المنشط سؤاله الأخير عن “التزامه مع الكطلانيين : الذي يفرض عليه الإنسحاب من الندوة”! وكذلك كان!!

ومن المفيد أن نذكر أن المتابعين للندوة عبر الانترنيت لم يتجاوز عددهم بضع عشرات…إذا حسبنا أنفسنا كذلك، لأسباب مهنية تفرض علينا تقديم الحقيقة !!!

في نفس اليوم ببروكسيل تداعت “الذئاب المنفردة” من بعض عواصم أوروبا وسارت في مسيرة عرفت نفس الشطحات الانفصالية. ولم تخل من شعارات الشتم والقذف في حق النظام الملكي وفي حق شخصيات من المحيط الملكي، أمثال فؤاد عالي الهمة وشخصيات أمنية مثل الحموشي والمنصوري بالتحديد.
ومن خلال الشعارات تتضح كل العقد التي توغل صدر النظام الجزائري ضد المغرب، بل إن الحضور الجزائري تجسد فعليا من خلال التغطية الإعلامية ومد المنظمين باللوجيستيك وضمان سير التصوير التلفزي والنقل الدولي من خلال منصة الجزائر الدولية المعروفة Al24news. ويتضح من خلال الصور والفيديوهات أيضا، وجود أشخاص يتفادون الكشف العلني عن وجوههم. أما أكبر الأدلة فهو وجود الجزائري المعروف جمال جربوع (فرنسا) رفقة أشخاص آخرين وهم يلتقطون الصور ويمدون فاروق البشيري بالتوجيهات! وبئس التوجيه من حقود.. لعميل!

في اليوم الموالي أي يوم 15 شتنبر كانت منطقة الريف الكبير في بلادنا مع موعد ذي طابع اجتماعي واقتصادي لعشرات الشباب الذين تلقوا دعوة مجهولة من وسط العالم الافتراضي للتوجه إلى الحدود مع سبتة المحتلة، بغية الهجرة غير النظامية. مما فرض على السلطات المغربية أن تستعد لهاته الدعوة وتتعامل معها بجدية كبيرة وتتابعها بروح إنسانية عالية لتفكيك قنبلتها وتفادي تعقيداتها الداخلية والخارجية..

قد يبدو للوهلة الأولى ألا علاقة بين ندوة باريس ومسيرة بروكسيل وحركة الفنيدق. ونحن إذ نشير إلى تعدد جنسيات المشاركين بمن فيهم الجزائريون، ننزه شبابنا عن أي تهمة تسيء إلى وطنيته، ونشدد على التالي:

الأوضاع التي تعيشها شبيبتنا أوضاع صعبة والأرقام الخاصة بها تثير القلق العميق..ونحن في “برلمان. كوم” طالما طالبنا بالانتباه إلى هاته المعضلة واعتبرنا أن حكومة أخنوش مسؤولة عن تبعاتها.

-الأرقام القياسية حول الظاهرة تثير السؤال حول كفاءة الحكومة في إيجاد الحلول وتقول هاته الأرقام ‏ إن 25% من المغاربة ما بين 15 و 24 سنة، لا هم في المدرسة ولا في العمل أو التكوين، يضاف إليهم 4 ملايين شاب ما بين 15 و35 سنة في نفس الوضعية…مما يتطلب جوابا جديا بسياسات عمومية قوية..

أما بعد، فإن كل هذا لن يغيب عنا الحقائق التالية:

هذا شأن مغربي خالص والمغاربة هم الذين يحتجون أو يغضبون أو يطالبون بالحلول، ولن يقبلوا أن يتدخل أي طرف في شؤون غضبهم أو فرحهم.. بالأحرى أن يسعى هؤلاء المتربصون باستعمال الوضع الاجتماعي مطية لضرب استقرار ووحدة المغرب الداخلية …وربما يكون من الجدير بنا هنا أن نشير إلى تفهمنا لبعض المواقع والجهات المغربية ذات المطالب المشروعة والنية الصادقة في الدفاع عن المحرومين، بل إننا لا نتردد في أن نعكس مطالبها في موقعنا، لكن ذلك لن يغنينا عن النظر بعمق إلى ما وراء التحركات المغايرة..

-تحميل المسؤولية للحكومة في عدم الوعي بما يجري وتهييء الشروط للأطراف الخارجية للتدخل في بلادنا واستعمال أبنائها ضدها!

ودليلنا في ما قدمناه هو الطريقة التي اشتغلت بها الأدوات الجزائرية الرسمية قبل المجهولة والمقنعة حيث تابعنا كيف أن وكالة الأنباء الرسمية نشرت صورا تعود إلى ماي 2021 نشرتها فرانس بريس وأخرى نشرتها اشوسيادس بريس في نفس الفترة عن أحداث سابقة في المنطقة، رغبة منها في فبركة الأخبار وتأجيج الأوضاع.

ولم تتوان الحسابات الوهمية الجزائرية إلى الدعوة إلى المسيرات والاحتجاجات “من أجل التعبير عن الغضب تارة وتارة أخرى لإسقاط النظام”!

وهو المطلب “التاريخي” للعصابة الحاكمة في الجزائر..

ولعل العسكر يريد أن يعود إلى الخطة التي سبق أن وضعها في الثمانينات من القرن الماضي بالعمل على تفجير الأوضاع داخليا وبث اللاستقرار بكل الوسائل بما فيها الإرهاب..ولهذا ربما يريد عودة علي أعراس إلى الخدمة!

ولا يتردد نظام شنقريحة وتبون في زرع “الخلايا” النائمة والانفصالية وسط المراهقين وفي العالم الافتراضي الذي تحول إلى ساحة استقطاب من طرف مهندسي الفوضى في دولة الجوار.

وفي الختام نعيد التذكير بالحقائق العنيدة التالية..

والتي لن نمل من التأكيد عليها:

كان واضحا أن التحركات المشبوهة جاءت بعد أن عمت منطقة الريف حالة ارتياح كبيرة إثر العفو الملكي الأخير، الذي صفقت له آلاف العائلات في الريف، نظرا لآثاره العميقة وطابعه الحقوقي المتقدم وما يحمله من تأهيل اجتماعي واقتصادي لعشرات المئات من الأسر ..

علاوة على ذلك، تعمد المنضوون تحت يافطة الحزب الانفصالي أن يعلنوا دعمهم للانفصال..في الصحراء! وهي الوظيفة الحقيقية التي من أجلها تم تجنيدهم.. وهو ما لا نجد له تفسيرا سوى في الهزائم التي تلقتها الطغمة العسكرية بالجزائر في الحرب الديبلوماسية حول القضية الوطنية للمغرب خاصة بعد اعتراف فرنسا وقبلها إسبانيا باعتبارهما معنيتين تاريخيا واستعماريا بالملف. والواضح أن شعور الحكم العسكري بنهاية هذا الملف دفعه إلى الرفع من استفزازه للمغرب وتعبئة كمشة من العملاء والخونة في الريف للضوباج الانفصالي! لا سيما بعد أن تلقت الديبلوماسية الشرقية صفعات متتالية في اليابان والصين وروسيا وإندونيسيا، الأمر الذي أشعرها بنهاية الملف.
وتعتبر مسرحيات الخارج والتدخلات في الشؤون الداخلية للمغرب محاولة للهروب من الاحتباس الديموقراطي الجزائري بحيث لا يمكن فصل هذا الانخراط الجزائري عن الانحطاط السياسي الداخلي والذي عرف مداه مع الانتخابات الرئاسية التي جعلت الجزائر مسخرة…من أول يوم في الحملة إلى الإعلان المزدوج للنتيجة.

لقد قلنا من قبل إن “جدري الانفصال “الذي أصاب الجزائر وصل درجة متقدمة تهدد المنطقة بكاملها، ويبدو أن التهور والعمى والجنون ارتفع إلى مستوى بات يستدعي تعبئة داخلية لشرح حقيقة الوضع في شمال إفريقيا.

لقد دشن شنقريحة وتبون والعسكر الجزائري الدخول السياسي لموسم 2024-2025 بهجوم منقطع النظير على المغرب، كاشفين عن نواياهم العدوانية خلال السنة المقبلة. لذى وجب علينا أن نرد الصاع صاعين ونتبنى استراتيجية “أحسن الدفاع هو الهجوم”. كفى من التسامح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى