يشير التصنيف الدولي واسع الانتشار، الذي يعود لـمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إلى احتلال دولة كوريا الجنوبية للمرتبة الثالثة عالميا.
ومنذ 60 عاما كان نحو 80 في المائة من الكوريين غير متعلمين، أما الآن فهي دولة صناعية رائدة، تنفق ما يقارب 20% من ميزانيتها على التعليم، وإيمانًا منها بشبابها غيرت اسم وزارة التربية إلى “وزارة التربية والموارد البشرية”، فالبشر أهم استثمار في كوريا.
المدرسون في كوريا الجنوبية
خصصت الحكومة الكورية اهتماما بالغًا بالأستاذ، وأسندت له دورًا كبيرًا وبارزًا في المجتمع فاعتبرته وسيلة فاعلة من أجل تطوير المجتمع والنهوض به، ومنح وزير التربية منصب نائب رئيس الوزراء، وأصبحت منزلته لا تقل شأنًا عن منزلة (الملك والوالدين)، وأضفى ذلك على المعلم هيبة اجتماعية ترددها الأجيال ويكرسها المثل الشعبي (لا تقف على ظل المعلم) واعتبرت الحكومة والشعب مهنة التعليم من المهن المقدسة.
وأولت الحكومة الكورية أيضًا اهتمامًا بالمستوى المعاشي للمعلم، حيث يتقاضى المعلم المعين حديثًا راتبًا شهريًا لا يقل عن (2000) دولار شهريًا، ويزيد راتب المعلم استنادًا إلى زيادة خدمته ونشاطه النوعي؛ الأمر الذي يشجع العوائل الكورية دون استثناء على ضرورة إرسال أبنائها إلى المدارس لإتمام دراستهم الجامعية من أجل أن يكون في كل عائلة معلم.
النظام التعليمي الأشد قسوة في العالم
إذا صنف تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تعليم كوريا الجنوبية في الرتبة الثالثة، فهذا لا يمنع من القول أنه الأشد قسوة على الطلاب، فاليوم الدراسي الكوري يستغرق نحو 12 ساعة ورُبما أكثر، فيبدأ اليوم تقريبًا في الثامنة صباحًا، وتظل المدارس مفتوحة حتى الساعة الثانية عشر صباحًا. وحتى الساعة الحادية عشر مساءً ستجد الشوارع مكتظة بالطلاب والآباء.
وينقسم اليوم المدرسي في كوريا إلى: يوم دراسي رئيسي، وصفوف تقوية، اليوم الدراسي الرئيسي يقسم إلى 7 دروس وساعة للغداء، مدة الدرس 50 دقيقة، مع وجود 10 دقائق راحة بين الدروس، بعد مرور 4 دروس يحصل الطلاب على راحة لمدة ساعة للغداء.
ويمر الطلاب في كوريا الجنوبية بأوقات صعبة للغاية، ودرجات عالية من الإرهاق، لكنهم لا يمانعون في سبيل مستقبلهم، فهم مولعون بالدراسة. يرغبون بفعل أي شيء فقط في سبيل النجاح، حيث إن “الرسوب” ليس خيارًا متاحًا أمامهم.
لهذا يطالب بعض أولياء الطلاب بإحداث تغييرات كبيرة في نظام التعليم الكوري، حيث أن الطلاب ليس لديهم أي وقت للقراءة، للموسيقى، للتنزه، للتواصل، للرياضة، أو لأي أنشطة أخرى، مما يجعل نسبة كبيرة منهم تمر بحالة من الاكتئاب.
مهننة التعليم في كوريا الجنوبية
من بين أسباب نجاح التعليم أيضا في كوريا الجنوبية، مهننة التعليم، إذ يعد التعليم المهني أحد الموارد البشرية التي تغذي الصناعة بالقوى العاملة الفنية.
ويلتحق بهذا النوع من التعليم 35 % من الطلاب، وربما يلتحق بعدها الطلاب بالكليات التقنية أو الجامعات لمدة تتراوح بين سنتين وأربع سنوات، ويقوم التعليم في هذه المرحلة على تعليم أكاديمي في نصفه تقريبًا وتعليم مهني في نصفه الآخر. حيث يلتحق حوالي 90% من خريجي التعليم المهني يلتحقون مباشرة بسوق العمل بعد تخرجهم.