احتلت اليابان وفق تقرير صادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لسنة 2015 المرتبة الخامسة عالميا، متبوئة مكانة الصدارة إلى جانب عدد من دول شرق أسيا.
تصنيف هذه المنظمة لليابان في هذه المرتبة لم يأت محض الصدفة، بل نتيجة لعدة سياسات أعطت أكلها عبر ممر السنين، إذ يعود أول نظام تعليمي في اليابان إلى عام 701 بموجب قانون “تايهو”.
المدرس أساس العملية التربوية
من بين أهم أسباب نجاح التعليم في هذه الدولة المليئة بالجزر والمصدرة للتكنولوجيا، اهتمامهما بأربعة عناصر أساسية مكونة للعملية التربوية؛ المدرس، والتلميذ، والمناهج الدراسية، والفضاء التربوي. إذ أن اليابان تعمل على اختيار المعلمين بعناية فائقة مركزة على الكفاءات والتخصصات والخبرات بصورة دقيقة وعلى مدى التزام المعلم من ناحية الوقت والجدية في عمله.
وتوفر دولة اليابان لأساتذتها الذين اختارتهم بعناية فائقة، راتباً كبيراً يغنيهم عن الانخراط في أي عمل آخر ولا يشتغلون سوى نصف دوام، زد على هذا أنها لا تسمح لهم بإعطاء الدروس الخصوصية، هذا إذا علمنا أن التعليم الخاص في اليابان لا وجود له من الأساس.
في اليابان لكل مرحلة تعليمية ولكل صف دراسي هناك ما يسمى المعلم المسؤول أو الأب الثاني أو الأم الثانية، وهو الشخص الذي يبني علاقة وطيدة مع التلاميذ بصورة فردية وشخصية وإنسانية، ويعمل بهذا على متابعة حضور وغياب كل طالب وكذلك التقدم الذي يحرزه أو التأخر إن حدث بالإضافة إلى متابعة المشاكل الشخصية أكان منبعها البيت أو دون ذلك.
رعاية الدولة للتلميذ والعملية ككل
في هذه الدولة لا وجود لشيء اسمه التمارين المنزلية، الوقت الذي يقضيه التلميذ في بيته مخصص فقط لهواياته، إذ تعتبر المدرسة المصدر الأساسي والأهم للمعلومات والمعرفة.
ومقابل هذا يركز التعليم في اليابان على التزام الطالب، وتعامله بصرامة مع دروسه، الحضور دونما تأخير ودونما غياب، والعمل الجماعي في كافة الأنشطة، الدراسة الجماعية وكذلك النقاشات في مجموعات وممارسة الرياضة الجماعية.
وتعد الدراسة إجبارية في اليابان للمرحلتين الابتدائية والإعدادية.
بناء شخصية التلميذ والثقة في القدرات
المقررات الدراسية تركز على فكرة تعليم الطلبة كيفية التفكير وكيفية التعامل مع الأمور والمسائل بصورة فائقة الدقة، فالعامل الأساسي وراء نجاح اليابانيين هو “الدقة”، وليس هناك أي اختبارات يمكن أن توصف بـ”المحورية” لترقية الطالب من صف إلى الصف الذي يليه.
وتركز المدرسة في اليابان على بناء شخصية الطالب، وهذا يعني أن الطالب لا تفرض عليه أية ضغوط من أي نوع، يعيش حياه تتسم بالحرية والانطلاق والثقة بالنفس والثقة بالقدرات الذاتية مهما كانت هذه القدرات عالية أو ضعيفة.