الأخبارركن الميداويمستجدات

كيف يخشى الرئيس تبون التشويش أو الاقتراب من مربع الجنس المحفوف بالكثير من الفضائح؟

الخط :
إستمع للمقال

يحدث أن تلمح عيناك في بعض اللقطات التلفزيونية الجزائرية، إعلانات لامرأة محتجبة، وبجانبها فتاة متحررة أو حداثية، تبدي مفاتن جسمها الرشيق. والاثنتان تقدمان إشهارا لمواد تجميلية. ربما يعكس الإعلان بقصد أو عن غير قصد التفاوت والصراع القائمين بين فئتين من الجزائريات: حداثية متحررة، لا تعترف بالموروث الاجتماعي كقاعدة مرجعية رسّخها، كما تقول، الفكر السلفي البالي. وإسلاموية متمسكة بما تعتبره، الثوابت المرجعية، وترفض الاندماج في ثقافة غريبة عنها. والصراع الذي لا يمكن أن ينحصر فقط، في مجرد إظهار المفاتن أو حجبها، غالبا ما ينتهي لصالح الفئة الأولى التي ترفض بشدة الامتثال للمرجعيات البالية، وتصر على التحرر من سلطة النماذج السلوكية المرسومة، شعارها في ذلك أن الجسد ملك لصاحبه، ومن حقه أن يتعامل معه بالطريقة التي يشاء.

والسبب في تفوق الفئة الأولى، بحسب أصحاب اللحى المسترسلة الجزائريين، يكمن على الخصوص، في انبهار فئة الحداثيات، بأنماط الحياة الغربية، وأيضا، في دور الإعلام الغربي الذي يسعى إلى تصوير المرأة الجزائرية، كسيدة مضطهدة محرومة من حقوقها.

مثل هذا الطرح تُفنّده، جملة وتفصيلا، واحدة من أهم المظاهر المجسدة لهذا الصراع، وهي سوق الدعارة التي تعج بالمئات من بنات الجزائر المحجبات، اللواتي يمارسن “المتعة الحرام” بالفنادق وصالونات التدليك، التي يقصدها الأعيان والميسورين، وبالشاحنات الصغيرة لذوي الدخل المحدود، التي تنتصب ببعض مداخل الجزائر العاصمة، وبالحدائق الغابوية، كجزء من قلاع الفساد الذي استفحل بشكل مهول في عهد الرئيس عبد المجيد تبون.
وعلى خلاف معظم الدول العربية التي تتعامل مع الدعارة، كإحدى الرذائل التي يتوجب ردعها، بل اقتلاعها من الجذور، تتعامل السلطات الجزائرية مع ظاهرة البغاء، من زاوية تضييق الخناق عليها فقط، وخلق بعض المتاعب لمحترفيها، وخاصة وسطاء البغاء بشبكاتهم المختلفة، ممن يسهمون في تفشي الفساد الأخلاقي بالجزائر، ومن بعده يأتي الفساد السياسي والمالي والانتخابي والإنساني وهلُمّ جرّا…

وقد نقرأ في عدم تعامل الرئيس عبد المجيد تبون، بشكل ردعي، تحريمي مع البغاء، نوعا من الاحتراس أو ربما تجنب التصادم مع مافيا الجنس الجزائرية، بشبكاتها النافذة التي توفر لحظات من المتعة للمُبتلين من كبار الضباط، ومن شخصيات سياسية وازنة، علما أن الرئيس تبون، كان هو نفسه، وبحسب مصادر مقربة، من رواد الإقامات الفاخرة وصالونات التدليك، مع دائرة محدودة من جليسيه وأصدقائه، قبل أن يتولى الرئاسة. ويتجنب اليوم، عن قصد، التشويش أو الاقتراب من مربع الجنس المحفوف بالكثير من الموبقات والفضائح.

أما واقع البغاء الجزائري، فيأخذ أشكالا متعددة، تبدأ بدعارة المراقص الليلية والفنادق والإقامات الخاصة، وتنتهي بدعارة الرصيف والسيارات القافلة، إلى الدعارة المنزلية التي تتطلب بائعات الجسد، إرضاء أكبر قدر من الوافدين، في اليوم الواحد، وبأجور زهيدة. فيما تفضل الكثير من فتيات الجزائر العاصمة، من فئة الطالبات على الخصوص، تحميل صور إباحية لهن، وتوزيعها على المواقع الإلكترونية الوردية الساخنة، مقابل مبالغ تؤمن لهن متابعة الدراسة بشكل مريح. وتلجأ ذات الفتيات في الغالب، ومعظمهن من المحجبات، إلى تصوير أجسادهن من دون إبراز الوجه. وهناك من غير المحتجبات، من تضيف إلى الصور الإباحية، السهر في النوادي الليلية بملابس مثيرة، تنطق بمجون وإباحة فوق اللزوم.

وإذا صدقنا موقع “بولس” السينغاليPULSE الذي هو منصة إعلامية واسعة الانتشار في إفريقيا الفرنكفونية، فإن الجزائر تحتل المرتبة الرابعة إفريقيا من حيث انتشار الدعارة، بعد كل من أوغندا، وغانا، وبوتسوانا، وبنسبة لا تقل عن 15% من نساء وفتيات الجزائر اللواتي يمتهن البغاء.. ونسَب الموقع إلى الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل “ندى”، أنها سجلت بالجزائر العاصمة، استغلال 1450 طفلا وطفلة، في شبكات الدعارة خلال السنتين الماضيتين.

والدعارة متوارثة بين بعض الأسر الجزائرية منذ العهد العثماني، حيث تكونت فئة ما يسمى بالكراغلة، نتيجة اختلاط أفراد الجيش التركي بنساء الجزائر. وظهرت لأول مرة في مدن تلمسان ومستغانم ومليانة، قبل أن تنتشر في باقي المدن الجزائرية. ولذلك غالبا ما يكون اسم “الجزائري” مقرونا ب”الكرغولي”.

وإلى حدود السبعينات، كانت الدعارة في الجزائر مهنة حرة يُسمح للمرأة بموجبها، فتح دار للدعارة وامتهانها في إطار قانوني، من خلال دفع الضرائب، وتثبيت الأسعار ومواقيت العمل ببوابة المنزل. ومن هنا، ظل القانون الجزائري رحيما ببائعات الهوى، حيث يعاقب فقط على الأفعال المُخلة بالحياء العام، أي على الممارسة العلنية التي يعاقَب صاحبُها بالحبس، من شهرين إلى سنتين نافذتين.
أما عن تفشي ظاهرة البغاء بالجزائر العاصمة، فتكفي نظرة مفعمة بالإغراء من طرف الزبناء الأجانب، الفرنسيين على الخصوص، ليبادر الفتيان، وأعمارهم تتراوح بين 16 و20 سنة، إلى اقتراح خدماتهم. والمثير للتذمر في العملية، أن البعض منهم لا يتجاوز 14 سنة.

جميع هؤلاء يأتون من الأحياء الشعبية، بلوزداد والحراش والحي اليهودي القديم، ليشكلوا في أعين الوافدين الأجانب وحتى المحليين رصيدا من اللحم الطري الناعم، لفئات بئيسة، محرومة من الحقوق والرعاية، وقابعة في مستنقع البغاء والرذيلة، لضمان العيش لذويها من الرجال والنساء الذين يعيشون على الهامش، يفتقرون إلى أبسط شروط الحياة الكريمة من مأكل وملبس ومسكن.

وتفضل أخريات من بائعات الهوى، أماكن أخرى لممارسة الرذيلة مثل محطات النقل العمومي، على غرار محطة خروبة، بمدخل العاصمة، ومحطات البنزين التي يقصدها نوع رفيع من الزبائن، أصحاب السيارات الفخمة. أما كبار الشخصيات المحلية، من ضابط سامين ورجال السياسة والاقتصاد، فيفضلون الشقق الفاخرة المتواجدة ببعض الأحياء السكنية الرفيعة، أو في بعض المناطق السياحية، مثل منطقة ابن عكنون وحي الصنوبر.

وتنتشر الدعارة الجزائرية بشكل ملفت أيضا، في صالونات الحلاقة، حيث يتم عرض حسناوات مراهقات على زبائن، معظمهم من كبار الضباط العسكريين، ومن سياح فرنسيين وخليجيين على الخصوص، فيما تختص صالونات أخرى في تكبير مؤخرات الفتيات والذكور على السواء، وحقنها بمواد مختلفة.

تلك هي بعض مشاهد الدعارة الجزائرية التي ازدهرت بشكل غير مسبوق في عهد الرئيس تبون، وقد أخذ له مسافة كبيرة منها، خشية أن تبادر شبكات الدعارة المحلية وحتى الأجنبية، من تعرية الأشياء وفضحها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى