انطلقت، أمس الأربعاء بمراكش، أشغال النسخة السادسة من منتدى التعاون العربي الروسي، الذي يعد فرصة مواتية لتعزيز العلاقات الاقتصادية الروسية- العربية، خاصة بالنسبة للمغرب الذي تعول عليه موسكو كقطب إقليمي واعد لتعزيز الوجود الروسي بالقارة الإفريقية. وذلك وسط تغيب الجزائر التي دوما ما تبني مواقف سلبية من أي مناسبة أو فعالية دولية يحتضنها المغرب.
ويعكس احتضان المملكة لهذا المنتدى- الذي هو استكمال لسلسلة من الفعاليات الدولية الكبرى التي باتت تحتضنها- أهمية المملكة المغربية في الساحة الدولية، بفعل ما تتمتع به من موثوقية وشراكات متنوعة واستقرار وتنمية، وكذا رغبة المغرب في التنمية المستدامة والشراكات الفعّالة.. كما يؤكد أيضا على دور المؤسسة الملكية المغربية وحضورها القوي في صناعة القرار الدولي.
الموثوقية والأمن
وارتباطا بذلك؛ أكد الحسين كنون، المحلل السياسي والخبير في القانون الدولي ورئيس المرصد المغاربي للدراسات السياسية الدولية، على أن هذا المنتدى “الذي نُظم على أرض المملكة المغربية- ومن خلالها على الأرض الإفريقية- يدل على أن المملكة أصبحت تحظى، اليوم في المنتظم الدولي، بالموثوقية لدى روسيا ولدى الدول العربية والإفريقية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة”.
وشدد كنون، في تصريح لـ”برلمان.كوم“، على أن هذه الموثوقية باتت حاضرة “لدى كل الفاعلين في صناعة القرار القاري والجهوي والدولي الذين أصبحوا يراهنون على الشراكات المتنوعة والاستراتيحية للمملكة المغربية، إن تعلق الأمر بالعلاقات السياسية أو الدبلوماسية أو التجارية الثقافية الرياضية..”.
وأضاف الخبير في القانون الدولي أن احتضان المغرب لهذا المنتدى يأتي أيضا “لكون المملكة المغربية تنعم بالأمن والاستقرار والتنمية المستدامة والمجالية من طنجة إلى الكويرة ومن شرق المغرب إلى غربه”.
صمام أمان
كما سَّطر رئيس المرصد المغاربي للدراسات السياسية الدولية على أن “المغرب تُميزه المؤسسة الملكية، التي هي صمام الأمان لهذا البلد، والتي هي فاعلة كذلك في صناعة القرار الدولي وتسعى إلى التنمية المستدامة للأمة العربية والإفريقية والإسلامية لإعادة التنمية بشتى روافدها”.
وأشار ذات المحلل إلى أن المملكة “تتقاسم هذه التنمية التي غايتها الفضلى هي تحقيق الأمن القومي للأمة العربية، والمتمثل في الأمن الطاقي والغذائي والروحي والأمن بمفهومه الشامل، ليعطينا في النهاية التنمية المستدامة والعيش الكريم للمواطن العربي والإفريقي على مستوى التمدرس والتشغيل والتطبيب والسكن..”.
علاقات راسخة
ومن جهة أخرى؛ أبرز الباحث في الدراسات المستقبلية أن ” حضور روسيا- كدولة عظمى ولها العضوية الدائمة في مجلس الأمن وحق الفيتو- بالمملكة المغربية عبر هذا المنتدى يؤكد على أن علاقة روسيا مع المغرب هي علاقات راسخة عكس ما تدعيه البروباغندا الجزائرية”.
وتابع: “خير دليل على ذلك هو أنه لم يسبق لروسيا أن استعملت حق الفيتو ضد المغرب في قضية الصحراء المغربية، في الـ19 قرارا أمميا الذي صدر عن مجلس الأمن من 2007 إلى 2023، إنما كان لها الحياد الإيجابي الذي لم يسبق له أن ضر بالمصالح العليا للمملكة المغربية”.
وأضاف المحلل السياسي: “بل أكثر من هذا؛ روسيا لها مع المغرب شراكة على مستوى الصيد البحري بالأقاليم البحرية الأطلسية من طنجة إلى الكويرة؛ وهذا يعكس، حسب القانون الدولي، اعترافا روسيا- إن لم نسميه اعترافا صريحا فهو اعتراف ضمني- بأحقية المغرب وشرعيته على أقاليمه الجنوبه وعلى صحرائه”.
غياب الجزائر
وتعليقا على غياب الجزائر عن هذا المنتدى لكونه محتضنا من طرف المغرب؛ أوضح الحسين كنون أنه “أمر ألِفناه، لأن الجزائر تذهب ضد التيار وتذهب ضد المصلحة العليا للشعب المغربي والشعوب العربية والإفريقية، ولأنها تعادي المصالح العليا للمملكة المغربية في كل المنتديات وكل الملتقيات”.
وفسر كنون هذا العداء الجزائري لمختلف التظاهرات التي ينظمها المغرب أو يحتضنها، في تصريحه دوما لـ”برلمان.كوم“، بأن الجزائر “لديها عقيدة- للأسف الشديد- مبنية على العداء للمصالح العليا للمغرب ولمؤسسات الدستورية”.
تنمية بدل العداء
وفي المقابل؛ أشار كنون إلى أن “المغرب لا يبادلها (الجزائر) هذا العداء ولا يلتفت لهذه التُرَّهات التي تصدر عن الجزائر وعن الدعاية الإعلامية، بل همه الوحيد هو التنمية- تحت قيادة الملك محمد السادس- وتقوية اقتصاده وشراكاته وأن يكون قائدا لإفريقيا وشمال إفريقيا، وفاعلا في صناعة القرار الجهوي والدولي والإقليمي على مستوى الشرق الأوسط والاتحاد الأوروبي. وهذا ما يثير غيرة الجزائر للأسف الشديد”.
وأكد ذات المتحدث أنه “ومع ذلك، المغرب يقول إنه إذا عادت الجزائر عن خطئها واستجابت لطلبه في التعاون وفتح الحدود لما يخدم مصلحة الشعبين الشقيقين- اللذان وصفهما الملك محمد السادس بالشعبين التوأمين- فالمغرب دائما يمد يده من دون سوء للجزائر، لأنه يؤمن ببناء المغرب الكبير والتنمية المستدامة وتقاسم الخبرات والتجارب ومحاربة كل الهشاشة”، ولكن لا حياة لمن تنادي للأسف” وفق تعبير الخبير الحسين كنون.