الأخبارمستجداتملف الأسبوع

ملف الأسبوع: كأس العالم 2030 وتجديد الطموح المغربي

الخط :
إستمع للمقال

رغم إخفاق المغرب في الظفر بتنظيم نسخة كأس العالم لكرة القدم 2026 والتي تعتبر خامس مرة يتقدم فيها بترشيحه لاحتضان هذا العرس الكروي العالمي، فقد تمكن بالمقابل من فرض احترامه وتقديره كبلد قام بخطوات كبيرة على مستوى تشييد ملاعب ومركبات لكرة القدم من الجيل الجديد، وتطوير بنياته التحتية سواء في ما يخص المواصلات أو الاتصالات أو والمنشآت السياحية بالشكل والمستوى الذي يجعله مؤهلا لتنظيم التظاهرات الرياضية العالمية الكبرى.

ملف “موروكو 2026” الذي تقدم به المغرب لمنافسة الملف الثلاثي الأمريكي كان متكاملا هذه المرة عكس الملفات الأربعة السابقة، فقد تضمن ملاعب تم إنجازها وأخرى في طور الإنجاز، والبنيات التحتية واللوجستيكية المرتبطة بالطرق والمطارات والسكك الحديدية والمنشآت السياحية التي عرفت تطورا ملموسا جعلت المغرب يخوض التنافس على احتضان المونديال بثقة كبيرة في قدراته على حسن التنظيم واستضافة الوفود المشاركة وعشاق كرة القدم عبر مختلف دول العالم.

ومن هذا المنطلق، أكد الملك محمد السادس على أن طموح المغرب لن يقف عند حدود إخفاق موسكو ولذلك أعطى تعليماته للحكومة والساهرين على شؤون كرة القدم المغربية من أجل تجديد الطموح بإعداد ملف جديد لينافس به المغرب مرة أخرى على نيل شرف تنظيم مونديال 2030.

وبهذا القرار الذي يجسد إرادة ملك وطموح شعب، فإن المغرب يؤكد “للفيفا” أولا وللاتحادات الكروية الدولية ثانيا أنه متشبث بأحقيته في استضافة المونديال، ولذلك سيقوم بتنفيذ ما تضمنه ملف “موروكو 2026” من التزامات تخص تشييد الملاعب المتبقية، وإنجاز وتطوير البنيات التحتية بنفس الإمكانيات المالية التي تم رصدها لهذه الغاية، وفي نفس المدة الزمنية المحددة لذلك.

والأكيد أيضا أن انخراط المغرب من الآن في فتح أوراش مونديال 2030 سيجعله في وضع مريح يمكنه من استثمار المدة الفاصلة عن تاريخ تقديم ملفات الترشح لهذه النسخة في تنزيل باقة المشاريع المبرمجة، وستمنحه قدرة الإقناع على انتزاع تنظيم كأس العالم.

ثماني سنوات ستكون كافية لاستكمال تلك الأوراش وساعتها  لن يكون المغرب محرجا لأنه سيتوفر على ملف تقني متكامل يقدم مشاريع جاهزة ومنجزة على أرض الواقع وليست على الورق مثل ما كان عليه الحال في ملفات الترشيح السابقة.

فرصة المغرب ستكون أكبر ليتحقق طموحه في سنة 2030، علما أنه بصدد إعداد نموذج تنموي جديد، يكون قادرا على تهيئة الشروط المناسبة للإقلاع التنموي وتطوير القدرات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، بغرض إنتاج وخلق مزيد من الثروات الكفيلة بتحسين مستوى عيش المواطنين.

ولعل ما يحتاجه المغرب في هذه المرحلة بالذات من أجل استكمال الشروط التي تؤهله ليصبح بلدا في مصاف البلدان الصاعدة، هو ترسيخ مشروعه المجتمعي الديمقراطي الحداثي. بما يعطيه أفضلية أكبر على مستوى دول العالم الثالث ليقدم نفسه كنموذج يحتذى به. سيما في ظل ما ينعم به من استقرار وما يشهد له به كأرض  للسلام والتعايش والتسامح بين مختلف الثقافات والديانات.

ولأن التجارب السابقة علمتنا أن كسب رهان استضافة كأس العالم لكرة القدم لا يرتبط بالعلاقات التاريخية مع الدول ولا بمستوى الصداقة التي تربطنا بها، فقد بات لزاما على المغرب الاعتماد على لغة المصالح المتبادلة في علاقاته الخارجية وجعل هذه المصالح الأساس في علاقاته الدبلوماسية، وسيكون من الأفيد أن يوظف في ذلك شبكة من العلاقات مع الشركات واللوبيات الاقتصادية العالمية بمنطق رابح رابح، فالسياسة تبنى على الاقتصاد الذي يعد العامل الرئيسي في تحديد اختيارات ومواقف الدول في الوقت الراهن، والمغرب بيده أوراق قوة يستطيع توظيفها بشكل جيد وأهمها ما يقوم به في عمقه الإفريقي من استثمارات وشراكات اقتصادية ستجعل منه بوابة العالم نحو إفريقيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى