أعرب قياديون سابقون في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، اليوم الجمعة، عن “صدمتهم” إثر ما جاء به التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات، بخصوص الملاحظات التي تهم الحزب في علاقة بالاعتمادات المالية المخصصة للأبحاث والدراسات، وملاحظات المجلس بشأنها.
واستنكر هؤلاء القياديون وهم عبد المقصودي راشدي، وحسن نجمي، وصلاح الدين المانوزي وشقران أمام، في بلاغ لهم، “ما صاحب ذلك من نقاش عام يضرب في العمق صورة الحزب ومصداقية قيادته الحالية، ويمس بشرف وكرامة وسمعة المناضلين الصادقين الذين ظلوا مرتبطين بتاريخ الاتحاد وذاكرته وقيمه وتقاليده وأخلاقه الأصيلة”.
واعتبر هؤلاء “أن الأمر تحصيل حاصل بالنظر إلى ما سبق ونبهوا إليه في مناسبات مختلفة، ارتباطا بالحياة الداخلية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، خصوصا ما قبل المؤتمر الوطني الأخير وأشغاله التحضيرية، ومن ثم نتائجه التي تعكس اليوم حقيقة غياب حزب المؤسسة”.
وبناء على ذلك؛ اعتبر هؤلاء القياديون أن “التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات، يعكس، ضمن تقارير أخرى وملاحظات مرتبطة بحياتنا السياسية الوطنية، الحاجة الملحة إلى إصلاحات سياسية تهم القانون التنظيمي للأحزاب السياسية، عبر تجاوز ثغراته، وذلك بوضع قواعد قانونية واضحة، تحقق فعلا الأهداف التي جاء من أجلها هذا القانون، والتي يتضح اليوم غيابها على مستوى الواقع، في ظل غياب ربط المسؤولية بالمحاسبة، والتفاف عدد من الأحزاب على بعض المقتضيات القانونية كما هو شأن تحديد الولايات، بما يفرغ القانون نفسه من محتواه”.
ودعا القياديون الأربعة “الكاتب الأول للحزب والمكتب السياسي إلى تقديم التوضيحات الدقيقة حول كافة الملاحظات التي كشف عنها تقرير المجلس الأعلى للحسابات، متسائلين بخصوص ما جاء فيه، عن ترتيب كافة الآثار في بُعدها القانوني والتنظيمي، وتحمل المسؤولية كاملة في بعدها الأخلاقي”.
واعتبروا كذلك “بأن الغموض الذي بات يطبع البناء التنظيمي للحزب وحياته الداخلية، واستفراد الكاتب الأول بالقرار يشكل تراجعًا خطيرًا على مستوى الممارسة الديمقراطية داخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، خصوصا أمام عدم علم أعضاء المكتب السياسي نفسه بواقعة الدراسات، نتائجها، تمويلها والمساطر المتبعة لاعتمادها”.
وإثر ذلك؛ دعا هؤلاء القياديون إلى “ضرورة نشر القانون الأساسي والنظام الداخلي للحزب، وبيان مآل ملاءمتهما مع التعديلات المعتمَدَة في أعقاب المؤتمر الأخير، في ظل انعقاد دورتين للمجلس الوطني دون عرضهما للمصادقة”.
وطالبوا كذلك الكاتب الأول “بيان توزيع المهام داخل المكتب السياسي، خصوصا نائب الكاتب الأول وأمين المال الذي لم يعلن اسمه، بالرغم من أهمية مهامه في علاقة بمالية الحزب، بالشكل الذي يُطرح معه التساؤل حول من يوقع بمعية المسؤول الأول مجموع الوثائق المالية الصادرة عن الحزب”.
ومن جهة أخرى؛ شجب القياديون الأربعة الموقعون على البلاغ “وبقوة منطق الكاتب الأول للحزب في التعاطي مع كل من يعبر عن رأي مخالف ونزع صفة الانتماء الحزبي عنه، كما تم مؤخرا بخصوص بيان الكتابة الإقليمية للشبيبة الاتحادية بفرنسا حول تقرير المجلس الأعلى للحسابات”.
ودعا هؤلاء القياديون “كافة المناضلات والمناضلين، أبناء الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في كافة المواقع التنظيمية والنضالية، إلى استحضار تاريخ الحزب وأدواره الوطنية، والشروع العملي في التأسيس لمرحلة جديدة في حياة الاتحاد مؤسسة على ضوابط تنظيمية ديمقراطية، منفتحة على المستقبل تعكس مرجعية الاتحاد وانتظارات الوطن والمواطن منه، وذلك بالانخراط المسؤول في حوار وطني مفتوح في أفق الاستحقاق التنظيمي المقبل للحزب سواء كان عاديًّا أو استثنائيًّا تحضره كل مكونات الجسد الاتحادي”.
وأكد هؤلاء القياديون في حزب الاتحاد الاشتراكي، أن الفضيحة الأخيرة التي طالت سمعة الحزب ومكانته التاريخية وسلطته الأخلاقية التي عُرف بها تاريخيا لتُلزم الجميع اليوم، على الأقل، بالتعبير عن موقف واضح ومسؤول وجريء، موقف يرفض كافة أشكال الانحرافات المالية والسياسية والتنظيمية، والخروج عن مستلزمات الحكامة الجيدة، ويشجب هذا العبث الذي يمس بمصداقية العمل السياسي الوطني وبالمؤسسة الحزبية في بلادنا التي يُفترَض أنها تفرز منتخبين وأطرًا يُنادَى عليهم لتحمل مسؤوليات وطنية ودستورية وازنة.
وختم هؤلاء القياديون بلاغهم بالقول: “من جانبنا كقادة سابقين في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، آثرنا ألا ننخرط في مؤامرة الصمت، وأن نعبر عن رفضنا وشجبنا لهذا الانحراف الجشع الذي سجلته مؤسسة دستورية عليا محترمة بحس المسؤولية وروح القوانين، في انتظار توسيع دائرة الحوار بين كل القيادات السابقة وجميع مكونات الاتحاد الراغبة في تذليل الصعاب من أجل اتحاد المستقبل”.