مع اقتراب موعد تصويت مجلس الأمن الدولي على قراره السنوي بتمديد مهمة بعثة “المنيرسو” في الصحراء لسنة جديدة، استنادا إلى توصية الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتريس، تعمدت الجزائر والبوليساريو تصعيد لهجتها وتوجيه الاتهامات في كل الاتجاهات . لكن هذه المرة ليس للمغرب فحسب، بل إلى الأمم المتحدة وبعض الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ومن بينها فرنسا.
فبعد الخرجات المتتالية والمتشنجة لسفير الجزائر في بروكسيل، عمار بلاني، التي يهاجم فيها كل من لا يشاطر موقف بلاده إزاء قضية الصحراء ، سواء كانوا دولا أو سياسيين أو حتى كتاب رأي، جاء الدور على ممثل الانفصاليين في نيويورك المدعو البخاري أحمد ، ليتهم بعظمة لسانه بعثة الامم المتحدة في الصحراء بالانحياز للمغرب ولعب دور “وكالة تجارية” لصالحه .
وقال البخاري في تصريح لوكالة الانباء الاسبانية “إيفي” إن الأمم المتحدة أصبحت تقوم بدور “وكالة تجارية مغربية”، في إشارة إلى دعوة المنظمة الدولية من البوليساريو إلى سحب ميليشياتها من الكركارات، التي خلتها في صيف السنة الماضيةـ وهي تمثل منطقة عازلة ، وفق اتفاق وقف اطلاق النار لسنة 1991، وتوجد في أقصى الجنوب المغربي على الحدود مع موريتانيا.
وقال البوخاري في ذات التصريح الذي نشرته منابر دعائية تابعة للجبهة الانفصالية، إن المغرب “يعمل جادا لتحويل الامم المتحدة الى وكالة تجارية مغربية من خلال سعيه لتشريع بناء طريق على الحدود الجنوبية للصحراء الغربية، وتسهيل تواصله مع بقية دول افريقيا”، معتبرا أن قرار المغرب تعبيد طريق يمر عبر منطقة الكركرات “المحررة” على حد زعمه، يشكل “خرقا سافرا لاتفاق وقف اطلاق”.
وحول استجابة الجبهة الانفصالية لدعوة الأمين العام الأممي للانسحاب من الكركرات، قال البوخاري “إن الامر لا يمكن حله هكذا ببساطة بدعوة من الامين العام للامم المتحدة لان الحل في هذه الحالة يمر عبر طريقتين، اما بتوقيف الطريق نهائيا، أو أن يتم التفاوض بين الطرفين للتوصل الى اتفاق”.
وتابع ممثل الانفصاليين في نيويورك مزاعمه بالقول إن المغرب يريد “توريط” الأمم المتحدة من خلال فرنسا “للدفاع عن مصالحه التجارية” عبر هذه المنطقة التي زعم أنها تؤمن عبور ما بين 280 و400 شاحنة يوميا “مما يضخ ارباحا ضخمة على الاقتصاد المغربي” على حد زعمه.
وحول توصية الامين العام في تقريره المقدم إلى مجلس الأمن ، بمواصلة المفاوضات، دعا البخاري غوتريس الى “أخذ اسباب فشل المحاولات السابقة بعين الاعتبار لتهيئة الظروف التي تمكن من التقدم وتجنب العراقيل المغربية”، داعيا إلى مشاركة من وصفهم بـ”شهود جدد في العملية التفاوضية على غرار الاتحاد الافريقي والاتحاد الاوروبي ومجلس الامن الدولي”.
وكان مجلس الأمن الدولي قد ناقش خلال جلسة مغلقة أمس الثلاثاء تقرير الأمين العام ، غوتريس حول تطورات ملف الصحراء ، ومن المقرر أن يعقد المجلس غدا الخميس 27 أبريل، جلسة أخرى يخصصها للتصويت على مشروع قرار جديد يتم بموجبه تمديد مهمة بعثة المنيرسو في الصحراء إلى 30 أبريل 2018 ، كما يفعل ذلك في مثل هذا التاريخ من كل سنة.
سفير فرنسا لدى الامم المتحدة، فرانسوا ديلاتر، دعا في تصريحات صحفية على هامش اجتماع أمس الثلاثاء، إلى “الانسحاب الكامل” لمليشيات البوليساريو من الكركرات.
وقال الدبلوماسي الفرنسيإن “هناك مسألة لا بد من معالجتها، وهي قضية الكركرات”، مشددا في معرض رده على سؤال لأحد الصحفيين على ضرورة انسحاب البوليساريو من هذه المنطقة العازلة.
وفي سياق متصل، أفادت تقارير إعلامية من مقر الأمم المتحدة أن تقرير الأمين العام إلى مجلس الأمن استعرض الوضع الحالي للمفاوضات السياسية حول هذا الملف. وأشار إلى أن “الصعوبة في حل قضية الصحراء تكمن في أنه لكل من طرفي الصراع رؤية وقراءة مختلفة للتاريخ والوثائق المتصلة بالنزاع”، وفق ما أوردته تقارير إعلامية من مقر الأمم المتحدة .
وقال غوتريس في ذات التقرير: “أعتزم اقتراح إعادة إطلاق عملية تفاوضية بدينامية جديدة وروح جديدة تعكس توجيهات مجلس الأمن، بهدف التوصل إلى حل سياسي مقبول للطرفين (…) بما في ذلك من خلال الاتفاق على طبيعة وشكل ممارسة حق تقرير المصير”.
واعتبر أنه “من أجل إحراز تقدم، يجب أن تأخذ المفاوضات في الاعتبار مقترحات الطرفين وأفكارهما. ويمكن للجزائر وموريتانيا، بوصفهما البلدين المجاورين، أن يقدما إسهامات مهمة في هذه العملية، بل وينبغي لهما القيام بذلك”.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة على أهمية دور بعثة “مينورسو” لحفظ السلام، وقال إنها “تسهم في إيجاد البيئة المستقرة والسلمية اللازمة لتهيئة الحد الأدنى من الظروف الضرورية لاستئناف المفاوضات”.
كما أن البعثة، وفق غوتيريش، “تحتفظ بدور مهم في إبقاء الأمانة العامة (للأمم المتحدة) ومجلس الأمن على علم بالتطورات في الصحراء ومحيطها، وهي التطورات المتعلقة بوقف إطلاق النار، والظروف السياسية والأمنية في منطقة العمليات التي لها تأثير مباشر على العملية التفاوضية، ولذلك، أوصي بأن يمدِّد مجلس الأمن ولاية البعثة لفترة أخرى تمتد 12 شهرا حتى 30 أبريل 2018″.