بمناسبة عيد المرأة العالمي، الذي تحتفل به نساء المغرب والعالم عموما، اليوم، 8 مارس، تقديرا للجهود المتراكمة على مدى سنوات لإحقاق الإنصاف والمساواة بين الجنسين في شتى مجالات الحياة، نشرت عدد من الجهات والمنظمات الحقوقية والنسوية والأممية حول العالم تقارير تشكف أن المرأة لم تنل بعد حقوقها كاملة إلى جانب الرجل.
فعلى مستوى التعليم مثلا تشكل النساء نحو ثلثي أميي الكوكب وهي نسبة لم تتغير منذ 20 سنة.
وحسب آخر إحصائيات الأمم المتحدة فإن غالبية نساء شمال افريقيا ودول افريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا المتقدمات في السن لازلن أميات.
وفي ميدان العمل، فإنه وحسب احصائيات حديثة، لازالت تنتظر المرأة على الأقل 118 سنة لتحقيق المساواة في الأجور مع الرجال، كما أن نحو 600 مليون امرأة تعمل في وظائف غير آمنة حول العالم.
وارتباطا بنفس الموضوع فإن قائمة فوربس لأثرياء العالم لهذه السنة أبانت عن وجود 55 امرأة ثرية فقط من أصل قائمة تضم 500 ثريا حول العالم.
وفي مناصب القرار فإن 4 بالمائة فقط من النساء يشغلن منصب “رئيس تنفيذ”ي ضمن أكبر 500 شركة حول العالم.
كما أن النسبة تنخفض بشكل أكبر عند الحديث عن مناصب صنع القرار والمناصب السياسية والحكومية خصوصا في الدول النامية، حيث تشكل النساء 22 بالمائة فقط من مجموع أعضاء برلمانات العالم، كما أنه سجل سنة 2014، وجود 19 امراة فقط على رأس حكومات الدول.
وعلى الصعيد الوطني، فإن الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب سجلت فشلا حكوميا في تفعيل مقتضيات الدستور خصوصا ما يتعلق بالفصل 19، من تحقيق للمساواة بين الجنسين… فالفوارق لا زالت ضخمة في مجالات التعليم والحقوق والعمل، بشكل يعكس التأخر المستمر في مواكبة روح الدستور وتفعيل مقتضياته على أرض الواقع”.
كما أن المكتسبات الاقتصادية للنساء في البلاد في تراجع، حيث نزل النشاط الاقتصادي للنساء إلى 17 بالمائة حسب تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الأخير، دون الحديث عن التراجعات الحقوقية والقانونية والمجتمعية الأخرى.
قوانين عديدة مجحفة صادقت عليها الحكومة من بينها قانون عاملات البيوت خصوصا في شقه المخصص بتحديد سن العمل في 16 سنة… “الأمر الذي وقفت ضده الجمعيات الحقوقية والنسوية بالمغرب لما يمثله من ضرب مباشر لحق الفتيات في التعليم واتمامه”.
كما اعتبر التقرير الخاص بالرصد الإعلامي المستجيب للنوع الاجتماعي طيلة الحملة الانتخابية الماضية (من 24 شتنبر إلى 6 أكتوبر الماضي) الذي قدمته الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، في الدار البيضاء، أن حضور المرأة في التغطيات الإعلامية للحملة الانتخابية “لا يزال ضعيفا”، حيث أن مستوى أخذ الكلمة بالنسبة لقيادات نسائية “لم يرق إلى مستوى المكتسبات القانونية المحققة ولا إلى مضامين ميثاق تحسين صورة المرأة في الإعلام”.
ومجتمعيا وحقوقيا، كان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي قد أشار في آخر تقاريره، المندرجة ضمن سلسلة المساواة بين النساء والرجال، والمتعلق بالجانب الاجتماعي، بأن معظم النساء المغربيات “تواجهْن صعوبات في الولوج إلى مساطر قضائيّة موثوق فيها من أجل وضْعِ حدٍّ لأعمالِ وحالات التحرش أو الحصول على التعويض. وغالبًا ما تعتبر النّساء أنه لا جدوى، بل من الخطورة طلب الحُصول على مُساعدة ممثّلي السلطات ضدّ حالات التحرّش”.
كما جاء في التقرير أنه وللأسف لا زالت بالمغرب نظرة نمطية تعتبر العنف المنزلي قَدَرًا. كما أنّ هناك “أزمة ثقة” تجاه النظام القضائيّ بخصوص هذا الموضوع بحيث ترسَّخَ في أذْهَان النّاسِ أنّه صار عديم الجدوى والفائدة في مواجَهَة هذه الظّاهرة.
وتُشير الأرْقام التي نشرتْها المندوبية السّامية للتخطيط في سنة 2011 إلى أنَّ 62.8 في المائة من النساء اللواتي تتراوح أعمارهنّ ما بين18 و64 كُنَّ ضحايا عُنْف خلال السنة السابقة وأنّ ما يَرْبو على نصْف هذه الأعمال (55 في المائة) ارتكبها أزواج الضّحايا. كما أشارتْ دراسة صدرت في نفس السّنة إلى أن عنف الزّوج يصل إلى8 حالات منْ بيْنِ 10.
النظرة الدونية للنساء، ليست حصرا على عدد من رجال المغرب أو القارة السمراء، ولكن تمتد لتسري بين ردهات أكبر واضخم مؤسسات العالم الدستورية. ففي بداية هذا الشهر الجاري، طالب نائب بالبرلمان الأوروبي بتخفيض أجور النساء وتقليص أعدادهن في مناصب العمل، بسبب أنهن “أقل ذكاء وأقل قوة وأصغر حجما”، ما شكل صدمة لدى الحاضرين، ودفع بنائبة اسبانية للإنبراء لهذا النوع من التصريحات قائلة: “أنت لا تريدني أن أكون بهذا المكان…لكنني موجودة للدفاع عن النساء أمام أشخاص مثلك”.
يبدو أن المعركة من أجل الحصول على حقوق المرأة كاملة لا زالت مستمرة.