تعددت المناسبات واللقاءات والمؤتمرات التي يظهر من خلالها أن المغرب صار يجالس كبار العالم، دولا ومنظمات وأصحاب قرار. وظهر العالم صديقا للمغرب، حيث يثق فيه ثقة كبيرة، في مجالات متباينة، من الرياضة، وعلى رأسها كرة القدم، إلى المال والأعمال، إلى محاربة الإرهاب إلى المناخ… وكل ما له صلة بالعيش المشترك فوق الأرض..
في الصورة الشاملة كوكبة دول العالم التي ترى في مملكة محمد السادس حضنا ناضجا وقادرا على خلق شروط نقاش دولي سليم ومسؤول وجدي، للحصول على هذا الأمل الكوني في تثبيت السلام، وتحصين الشعوب، وتجاوز الفقر وحماية الكوكب.
المغرب كان قوة ناعمة، أو قوة صلبة، لا يحتضن الاحتفالات أو اللقاءات من باب تسويق الصورة فقط، و هذا بحد ذاته إنجاز عظيم، بل لأنه يوفر الشرط الإجباري المتمثل في الجدية والثقة المطلوبتين في أي لقاء دولي، تكون فيه المواقف، بالضرورة متضاربة وأحيانا متناقضة.. ففي الوضع الحالي أي الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي والتي انعقدت في بلادنا من 9 أكتوبر الجاري إلى غاية 15 منه، يلتقي الفقير المعدم من الدول مع أغناها، وتجد أفقر دولة في إفريقيا مثلا تجلس إلى جانب الدولة الأغنى في العالم ، وما كان لهذه اللقاءات أن تكون ذات جانب شيق لولا أن الموضوع يهم الأرض، ومناخها وفقرها وجائحاتها…
ففي أرض المغرب، تحدث رئيس الفيفا كما تحدث رؤساء الاتحاد الأوروبي، وعلى ترابه تكلمت رئيسة صندوق النقد الدولي كما تحدث الأمين العام للأمم المتحدة وكبار المسؤولين الدوليين في الأمن ومحاربة الإرهاب، وهو ما لم يعد يتسنى للكثير من دول العالم، بالأحرى دول شمال إفريقيا!
كما خرجت من مدنه كفاس ومراكش، قرارات عالية التأثير على معيش ملايير البشر، كما هو حال خلال قمة المناخ وقمة التسامح وتحالف الحضارات، والمؤتمر الدولي لمحاربة الإرهاب، وينتظر أن تحتضن مملكة محمد السادس قرارات مهمة تتعلق بالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي..
إضافة إلى ذلك، تكون المناسبة سانحة لكبار العالم أن يطلعوا، بالعين المجردة على ما يحدث في المغرب من وتحديث وتطور، ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا إلخ. ولهذا تكون التصريحات التي تصدر عن قمم العالم ذات رسالة مزدوجة:
ـ داخليا لفائدة الشعب المغرب لتزيد قوته وثقته ومثابرته على الطريق التي رسمها الملك محمد السادس، وتزداد ثقته في نفسه وفي مؤسساته، وهو الذي يعي بأن مواقف من هذا القبيل لا تمنح محاباة أو لجمال عيون الدول المعنية…
ـ ثم خارجيا كشهادة على ما يتحقق فوق أرض عربية أمازيغية إفريقية مسلمة متعددة الروافد الدينية والإثنية والرمزية من إنجازات، ولعل الأمثلة تكاثرت بمناسبة مؤتمر مراكش وجلساته التي استمرت لأزيد من أسبوع، إذ نجد رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد تعتبره مثالا جيدا في تطوير البنيات التحتية، عندما قالت « لقد استثمرت المملكة ما يزيد عن 30 ٪ تقريبا من ناتجها الداخلي الخام على مدى العقدين الماضيين في البنيات التحتية وحدها».
ومعلوم أنه إذا استثمرت الدول بشكل كبير في البنيات التحتية على مر السنين، فإن ذلك يغير وضعها الاقتصادي وإنتاجها.. وعلى منوالها وقبلها سارت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، التي شهدت بأن «المغرب يتوفر على أسس متينة لمواجهة الصدمات الكبرى» وهي بذلك تسلط الضوء على قيمة من قيم البلاد واجهت بها الكوفيد كما واجهت تبعات الحرب الروسية الأوكرانية والزلزال الأخير .
وقد استشهدت جورجيفا، بانخفاض التضخم من نسبة 13 في ٪ إلى حوالي 5 ٪ في سياق تسليط الضوء على الجهود التي يبذلها المغرب لتعزيز أسسه الماكرو-اقتصادية…
لا يصنع المغرب مجده لوحده بعيدا، بل يُشهد العالم كله على ذلك، والعالم يَشهد بما يرى ويصفق!