فرنسا تواجه أزمة سياسية غير مسبوقة بعد إسقاط حكومة بارنييه وهذه هي السيناريوهات المحتملة!
صادقت الجمعية الوطنية الفرنسية، أمس الأربعاء، على مذكرة حجب الثقة التي تقدم بها تحالف “الجبهة الشعبية الجديدة” اليساري ضد حكومة ميشال بارنييه، في خطوة تُعد الأولى من نوعها منذ عام 1962، وهذا القرار يضع فرنسا، ثاني أكبر قوة اقتصادية في الاتحاد الأوروبي، أمام أزمة سياسية غير مسبوقة تهدد استقرار النظام التشريعي وقدرته على مواجهة تحديات اقتصادية كبرى، أبرزها السيطرة على العجز الضخم في الميزانية.
وفي ظل هذا الوضع المتأزم، تبدو الخيارات المتاحة أمام الرئيس الفرنسي والحكومة المقبلة محدودة وصعبة التنفيذ، فهل سيتمكن الرئيس من تشكيل حكومة جديدة تستند إلى توافقات حزبية واسعة تعيد الاستقرار إلى المشهد السياسي؟ أم أن الوضع سيفرض اللجوء إلى حكومة تصريف أعمال أو تكنوقراطية كحل مؤقت؟ وفي ظل تعقيد الأوضاع، يبقى التساؤل حول مدى قدرة فرنسا على تجاوز هذه المرحلة دون التأثير سلبًا على مكانتها داخل الاتحاد الأوروبي ومسارها الاقتصادي.
وجوابا عن هذه الأسئلة، أوضح المحلل السياسي محمد شقير في تصريح خص به موقع “برلمان.كوم“، أن فرنسا تواجه مأزقا سياسيا غير مسبوق بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة، حيث أصبح من المستحيل دستوريا الدعوة إلى انتخابات جديدة قبل مرور سنة على الانتخابات السابقة، هذا الواقع فرض على الطبقة السياسية البحث عن بدائل دستورية للخروج من الأزمة وضمان استمرارية المؤسسات.
شقير سلط الضوء على سيناريوهين محتملين لتجاوز هذه المرحلة الحساسة حيث يمكن للرئيس الفرنسي تعيين وزير أول يكون قادرا على تشكيل حكومة يسارية مدعومة من التكتلات اليسارية داخل الجمعية الوطنية، وهذا السيناريو يستند إلى القاعدة البرلمانية “القوة العادية” التي تمتلكها أحزاب اليسار، مما يمنح الحكومة فرصة للتقدم أمام البرلمان لطلب الثقة.
وتشكيل حكومة بهذا الشكل قد يكون حلا مؤقتا ولكنه يتطلب توافقا بين الأحزاب اليسارية وبرنامجا سياسيا مشتركا يمكن أن يرضي مختلف الأطياف، وهو أمر ليس بالسهل في ظل الانقسامات الحالية.
وأشار شقير إلى خيار آخر يتمثل في تشكيل حكومة تكنوقراطية لتصريف الأعمال، والتي تركز على تدبير الشؤون اليومية دون الانخراط في قرارات سياسية كبرى، وهذه الحكومة ستكون بمثابة جسر لتهيئة الأجواء لدعوة الشعب الفرنسي لانتخابات تشريعية سابقة لأوانها بمجرد أن يصبح ذلك ممكنا دستوريا.
ورغم وضوح السيناريوهين، فإن كلاهما يحمل تحديات كبيرة، فالسيناريو الأول يعتمد على قدرة الرئيس على بناء توافق سياسي، بينما السيناريو الثاني قد يُنظر إليه كخطوة غير ديمقراطية تعزز الاستياء الشعبي تجاه النخب السياسية.
والأزمة السياسية في فرنسا تعكس تغيرا في المشهد السياسي العالمي، حيث أصبحت الانقسامات الحزبية والضعف في بناء التوافقات تحديات مشتركة بين الديمقراطيات الحديثة.