تستعد المملكة المغربية للاحتفال بالذكرى الخامسة والعشرين لاعتلاء الملك محمد السادس عرش أسلافه المنعمين. وتعتبر هذه المناسبة، التي تعكس ارتباط الشعب المغربي بالعرش العلوي المجيد، فرصة لتسليط الضوء على المكتسبات المحققة في المملكة بقيادة الملك محمد السادس في كافة المجالات.
ومن بين مختلف المجالات التي حقق فيها المغرب عدة مكتسبات وتطورات تحت قيادة الملك محمد السادس وتوجيهاته السامية؛ يبرز مجال التدبير المائي ومواجهة أزمة الجفاف. فمنذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش أعطى أهمية وأولوية بالغتين لهذا القطاع عبر وضع سياسة مائية استباقية تراعي الظروف المناخية وما قد يترتب عنها.
سياسة متصلة بسابقاتها
وارتباطا بذلك؛ أبرز الدكتور علي دادون، أستاذ التعليم العالي بجامعة ابن زهر بأكادير والمختص في الموارد الطبيعية والتنمية الترابية، في تصريح لـ”برلمان.كوم”، أن “السياسة المائية التي نهجها الملك محمد السادس منذ اعتلائه عرش أسلافه المنعمين هي سياسة متصلة بسابقاتها وتُدعم المتكسباب السابقة في حقل تدبير الماء”.
وفي هذا السياق؛ أشار دادون إلى “سياسة السدود التي سبق وطبعت مرحلة الملك الراحل الحسن الثاني”. مشددا على أن “سياسة الملك محمد السادس تصب في اتجاه تعزيز وتقوية المكتسبات وأيضا ابتكار حلول جديدة للتخفيف من العجز المائي الحاصل الذي تشير إليه مجموعة من التقارير سواء الوطنية أو الدولية”.
مرتكزان أساسيان
وفي ذات السياق؛ أوضح الخبير أن “السياسة المائية التي وضعها الملك محمد السادس ترتكز على مرتكزين أساسيين، هما: قراءة استشرافية ذكية للتقارير التي تصدر سواء وطنيا أو دوليا، ومن جهة ثانية كانت هناك أيضا قراءة احترافية للوضع المغربي باعتبار السياق المناخي الذي يعيشه المغرب”.
وتابع بأنه “لذلك فهذه السياسة كانت سياسة استباقية”. مبرزا أن “ما يخفف ما نعيشه اليوم من عجز مائي هو تلك النظرة الاستباقية التي طبعت فترة اعتلاء الملك محمد السادس العرش”.
محاور وأولويات
ومن جهة أخرى؛ أشار المختص في الموارد الطبيعية والتنمية الترابية إلى أن “الأولويات التي ركزت عليها المملكة في مواجهة الجفاف كانت تروم الحفاظ على الماء الصالح للشرب لمجموع الساكنة مع تركيز واضح من لدن الملك محمد السادس على العالم القروي”. مؤكدا أن “أهم المحاور والأولويات كانت تروم توفير الماء الصالح للشرب للمجالين الحضري والقروي”.
وأضاف: “هنا لا بد أن نشير إلى أن التقارير هي بدورها تلفت إلى أنه لا يمكن التغلب على زحف الهجرة من المجال القروي إلى المجال الحضري إلا بتثبيت الساكنة، وهذا يأتي عبر حل وحيد وهو توفير هذه المادة الحيوية (الماء) ليس فقط للشرب وإنما حتى للماشية ولسقي المساحات الزراعية الضعيفة أو متوسطة المساحة”..
أما المحور الثاني، حسب دادون، “فكان يروم نقل المياه من مناطق الوفرة إلى مناطق النذرة وهذا مهم جدا وهو عمل يمكن نعته بالاستراتيجي الذي يتوخى تخفيف التفاوتات المجالية والترابية”. موضحا أن “ذلك يهدف أساسا إلى تخفيف الضغط على مناطق النذرة ولكن أيضا للتخفيف من ضياع الماء لأن الكثير من المياه كانت تلقى في المحيط بدون أن تستفيد منها سواء الساكنة أو القطاع الفلاحي”.
وأضاف أن المحاور الأساسية للسياسة المائية بالمغرب تشمل أيضا “تحلية مياه البحر، الذي يشكل قطبا مهما جدا في السياسة المائية للملك محمد السادس، إذ أن تحلية المياه كان لها وقع مباشر خصوصا فيما يتعلق بتزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب في المجالات الحضرية”.
وشدد الأكاديمي على أن “هذا المرتكز كان مهما جدا وكان استباقيا وفيه قراءة احترافية لمجموع التقارير التي تعكس تطورات المناخ”. وخلص بذلك إلى أن “استراتيجيات الملك محمد السادس هي بالفعل تستحق أن تنعت بالاستراتيجية كونها تستهدف المستقبل البعيد وتحقيق الرفاهية للجيل القادم دون نسيان هذا الجيل وتحقيق الرفاهية بما يكفيه”.