تواصل جماعة العدل والإحسان أو ما يصطلح عليها داخل الأوساط السياسية بالمغرب، بجماعة الرؤى والأحلام، حشد أتباعها وأنصارها للخروج للشارع بدعوى التضامن مع الفلسطينيين بغزة، بسبب ما يتعرضون له من اعتداءات وحشية من طرف قوات الاحتلال الإسرائيلي، مستفيدة من أجواء التسامح والحرية في المغرب ومشاعر التضامن مع المدنيين الفلسطينيين الذين يتعرضون لهجمات شرسة من إسرائيل في وقت لا تسمح الدول المجاورة لمواطنيها برفع ولو لافتة واحدة للتضامن.
ولعلّ ما يثير الانتباه في الوقفات التي تنظمها هذه الجماعة، هو محاولة استغلال تواجدها في الشارع مدعية التضامن مع الفلسطينيين، لتمرير رسائل عبر الشعارات التي ترفعها، رسائل تحرض على التمييز والكراهية بين المغاربة وتسعى من ورائها لخلق الهوة بينهم على أساس الديانة التي يعتنقونها، من خلال التمييز بينهم ونعتهم ب”الصهاينة”، وهي شعارات خطيرة تتضمن تهديدا خطيرا وتمييزا بين أبناء هذا الوطن الذي يسع الجميع، ويجعله مميزا عن مجموعة من البلدان العربية التي فقدت مقومات الدولة بسبب الحرب الطائفية التي لازالت إلى الآن ترخي بظلالها على الأوضاع في هذه البلدان.
وإلى جانب ذلك، فإن الخطير في الأمر، هو استغلال هذه الجماعة للأطفال خلال هذه الوقفات، ووضعهم في الصفوف الأمامية حاملين أسلحة وصواريخ بلاستيكية، في إشارة من هذه الجماعة إلى تجنيد هؤلاء الأطفال وغرس أفكار أقرب ما يكون منها لتلك التي تستعين بها الجماعات المسلحة والتنظيمات الإرهابية لتسليح وتجنيد الأطفال الذين من المفروض أن يتم خلق مسافة بينهم وبين هذه الممارسات، حتى لا يكونوا في المستقبل القريب فريسة سهلة لتلك التنظيمات والجماعات الإرهابية التي تستقطب الشباب والمراهقين عبر الإنترنت للالحتاق بهم بدعوى الجهاد في سبيل الله والموت شهيدا.
إن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هو ما الذي تسعى إليه هذه الجماعة مستغلة أوضاع الفلسطينيين في غزة؟ فإذا كان همها هو الاحتجاج والتضامن فعلا مع غزة، فإن أتباعها يخرجون للشارع مثلهم مثل جل المغاربة الذين خرجوا بمختلف مدن المملكة للتعبير عن رأيهم وإيصال صوتهم ورسائلهم الرافضة للاعتداءات الهمجية على المدنيين العزل والأطفال في غزة، أما إذا كان همها هو استغلال مأساة الفلسطينيين لمحاولة تصفية حساباتها مع الدولة وتوجيه رسائل غير مباشرة ومحاولة تجييش وتحريض المغاربة، فتلك أمور أخرى سيكون المغاربة الأحرار أول من يتصدى لها ويواجهها كما واجهوا من سبق هاته الجماعة وحاول العبث بأمن واستقرار البلد، خدمة لجهات وأجندات خارجية باتت مكشوفة للجميع.
وقبل أن نختم هذا المقال، نود كإعلاميين أن نخبر قيادات جماعة الرؤى والأحلام، أن النضال الحقيقي والمقاومة واستعراض العضلات يكون بميدان المعركة في غزة، وليس في شوارع الرباط والدار البيضاء، كما نود أيضا أن نخبر هؤلاء أن الطريق إلى غزة مفتوحة وبإمكانكم التوجه إليها كما تتوجهون إلى تركيا وقطر والولايات المتحدة وكندا ودول أخرى للاستمتاع هناك والتجول والتبضع فيها بل وشراء العقارات بها، وإذا كان المانع مادي، فقد نبادر نحن موقع “برلمان.كوم” للتكفل بمصاريف تنقلكم إلى غزة لحمل السلاح الحقيقي هناك والمشاركة في المعركة ميدانيا وليس فقط استغلال الأطفال وجعلهم يحملون أسلحة وصواريخ بلاستيكية هنا بشوارع المغرب، وبذلك المساهمة إلى جانب المقاومة في تحرير غزة قولا وفعلا، عوض لعب دور الأبطال هنا واستعراض العضلات وتجييش أطفال صغار أبرياء واستغلالهم، على غرار ما تقوم به جماعة البوليساريو المسلحة التي أعلنت تبنيها للهجوم الذي راح ضحيته مواطن مغربي وخلف إصابة ثلاثة آخرين بمدينة السمارة، دون أن نسمع لكم أي ردة فعل أو تنديد بهذا الفعل الإرهابي، وكأن الأمر لا يعنيكم كمغاربة.