شهدت دورة أكتوبر لمجلس جماعة أكادير، يوم الإثنين المنصرم، واقعة تكشف مستوى النقاش السياسي المحلي، تمثلت في رد فعل رئيس الحكومة ورئيس المجلس الجماعي، عزيز أخنوش، تجاه مستشارة جماعية تنتمي للمعارضة، بعد أن انتقدت مشروع الميزانية الخاص بالمدينة.
وأثارت هذه الواقعة استياء واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر العديد من المعلقين عليها ردود أخنوش “غير لائقة” ولا تتناسب مع موقعه كرئيس للحكومة ورئيس لحزب سياسي.
وتعود تفاصيل الواقعة إلى لحظة تدخل المستشارة الجماعية المذكورة، خلال أشغال دورة أكتوبر، والتي سلطت فيها الضوء على مشاكل مشروع الميزانية المقدمة من طرف أخنوش، وتحدثت عن مكامن الخلل فيها بشكل مفصل، مطالبة بإجابات دقيقة حول بعض النقاط الغامضة.
وبدلاً من أن يتجاوب أخنوش مع الملاحظات النقدية بطريقة سياسية هادئة ومسؤولة، اختار الرد بطريقة تحمل إهانة لمفهوم النقاش السياسي الديمقراطي، حين قال إن “السياسة لا تمارس في المجلس الجماعي وإنما بين لي سينيور” (الكبار)، في إشارة مهينة إلى أن المجلس ليس مكانا للنقاشات السياسية.
هذا الرد المستفز أثار استياء المستشارة التي ردت بدورها بالقول، إن المجالس المنتخبة هي بالتحديد المكان المناسب لممارسة السياسة وتقديم الانتقادات البناءة، مشيرة إلى أن هذا التصرف يعكس فهما قاصرا للدور الذي يجب أن تلعبه المؤسسات المنتخبة في تدبير الشأن العام، وأهمية النقاش المفتوح أمام الرأي العام.
ولم تقف ذات المستشارة عند هذا الحد، بل أبدت تساؤلات حيوية حول أوجه صرف مشروع الميزانية، مركزة على النفقات المتعلقة بالندوات، المناظرات، التدريبات، ومصاريف الاستقبال والإيواء، واستنكرت بشكل خاص تخصيص ميزانية للاستقبال دون أن يتم تفسير الفرق بين الاستقبال والإيواء، معتبرة أن ذلك يعد “ازدواجية” في الإنفاق ويفتقر إلى الشفافية.
رد أخنوش بهذه الطريقة غير اللائقة يعكس مشكلة أعمق تتعلق بطريقة تعامل المسؤولين مع النقد والمعارضة في الفضاءات الديمقراطية، فمن المؤسف أن يتعامل رئيس جماعة والذي هو في الوقت ذاته رئيس الحكومة، الذي يجب أن يكون قدوة في التفاعل مع المعارضة والمجتمع المدني، بمثل هذا الأسلوب الذي يتناقض مع قيم الحوار والانفتاح السياسي.
ولعل ما يجب أن يفهمه جيدا عزيز أخنوش رجل الأعمال، الذي يحمل عقلية “الباطرون”، أن المؤسسات التي تعنى بتدبير الشأن المحلي للمغاربة، ليست مكانا للتفرد بالقرار أو تجاهل أصوات المعارضين، وتجاهل النقد البناء والاستخفاف به يُعتبر مؤشرا خطيرا على غياب الرغبة في تحسين الأداء ومراعاة احتياجات المواطنين، فالمجالس المنتخبة وميزانياتها تُعنى بالمال العام، وهو مسؤولية تقتضي الشفافية والمساءلة.