الأخبارمجتمعمستجدات

المغاربة والاحتفال بعاشوراء رغم التغير الذي يشهده العالم

الخط :
إستمع للمقال

في العاشر من شهر محرم، يحتفي المسلمون قاطبة بذكرى نجاة نبي الله موسى عليه السلام من فرعون حين انشق له البحر فعبر من وسطه. فيكتسي هذا الاحتفاء طابعا يختلف باختلاف الدول العربية والإسلامية.

وفي المغرب؛ تعتبر مناسبة “عاشوراء” أيام فرح ولعب وفرجة، تتسم بعادات وطقوس متنوعة. فتمتلئ الأسواق الشعبية والمحلات التجارية الكبرى بلوازم الاحتفال من فواكه جافة وآلات موسيقية تقليدية..

وارتباطا بذلك؛ أوضحت ابتسام الرامي، الباحثة في علم النفس الاجتماعي، في حديث لموقع “برلمان.كوم”، أن “عاشوراء تعتبر مناسبة محورية في الثقافة والهوية المغربية، وتُشكل جزءًا لا يتجزأ من الذاكرة الجماعية للمجتمع”.

وأبرزت أنه “خلال هذه المناسبة تقام عدة ممارسات اجتماعية تحتل مكانة مركزية في بناء و ترسيخ الهوية الاجتماعية والثقافية عند المغاربة، وذلك عن طريق مراسيم واحتفالات وطقوس تحتفظ بقيم وتقاليد ثقافية مميزة”.

وعن مرجعية هذه الاحتفالات؛ سطرت الرامي على كون “البُعد الديني والروحي لهذه المناسبة راجع لارتباطها بذكرى استشهاد الإمام الحسين، وهو حدث مؤثر في التاريخ الإسلامي”.

وأضافت: “بذلك ينطوي هذا الاحتفال على شعائر وممارسات دينية كالصوم والقراءات القرآنية, مما يُحافظ على استمرارية التقاليد وتعزيز الهوية الإسلامية للمجتمع المغربي”.

وبدوره أوضح علي الشعباني، الأستاذ الباحث في علم الاجتماع، في تصريح لموقع “برلمان.كوم”، أن احتفال المغاربة بمناسبة عاشوراء هو ذو حمولة دينية بالدرجة الأولى.

وأشار الشعباني إلى أنه إلى جانب الحمولة الدينية “ظهرت أمور أخرى في ارتباطها بالحياة الاجتماعية كالاحتفال بهذا العيد وإحيائه وإعطائه طابعا احتفاليا معينا.. أمور جعلت من هذه المناسبة جزءا من العادات والتقاليد المغربية. وهي ليست عادات موحدة وإنما تختلف باختلاف المناطق”.

فيما اعتبرت الرامي أن “البُعد الاجتماعي والتواصلي لهذه المناسبة يجعل منها فرصة للتجمع العائلي والتواصل بين الأقارب والأصدقاء وتبادل التهاني والزيارات وإعداد الوجبات التقليدية مما يُعزز الروابط العائلية والاجتماعية”.

وعلى الصعيد التاريخي والثقافي، تابعت الباحثة في علم النفس الاجتماعي بأن “عاشوراء مرتبطة بتاريخ الإسلام”، كما أنها ترتبط “بتراث المغرب العريق. فتلك الاحتفالات والطقوس تحافظ على القيم والتقاليد الثقافية المميزة، مما يُعزز الشعور بالهوية الجماعية”.

وفيما يخص الجانب الفني والإبداعي، أكدت الرامي أنه “رغم ظهور أشكال جديدة للاحتفالات كالمسابقات والمهرجانات الثقافية.. فلازالت تُقام فعاليات ثقافية وعروض فنية خلال عاشوراء كالمسرحيات والأناشيد الدينية والعروض الفلكلورية المرتبطة بهذه المناسبة، وتنظيم أنشطة تربوية وتوعوية لنقل المعرفة والقيم للأجيال الشابة”.

ومن جهة أخرى؛ أكدت ابتسام الرامي أنه “رغم التحولات السريعة والتطور الذي يشهده المجتمع المغربي على مختلف الأصعدة، وإن كان للغزو الثقافي بعض التأثير على طريقة احتفال المغاربة بعاشوراء، وحدوث نوع من التمازج مع التطورات التكنولوجية والرقمية في السنوات الأخيرة؛ فإن الجوهر الرئيسي لتقاليد عاشوراء في المغرب مازال قائمًا بقوة في الهوية الثقافية للمجتمع”.

وفي هذا السياق، اعتبر الباحث في علم الاجتماع، علي الشعباني، أن “هذه التطورات قد لا تمس بالمعتقدات والعادات والتقاليد الموروثة منذ سنوات وعقود طويلة جدا”.

وشدد الأكاديمي على أن “هذه المناسبات ستستمر ما دام هذا المجتمع يدين بدين الإسلام”. مضيفا أن “التغيير قد يمس جوانب أخرى في الاقتصاد والسياسة والعمران.. إلخ، لكن لن يمس بالقيم والثقافة والحضارة”.

كما سطرت ابتسام الرامي على أن “هناك إرادة المحافظة على الهوية والتقاليد. فهناك وعي لدى المغاربة بأهمية الحفاظ على هذه التقاليد، والرغبة في نقل هذه الممارسات إلى الأجيال القادمة. هذه الإرادة تساهم في استمرارية التقاليد رغم التغيرات السريعة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى