نظمت إدارة فندق المامونية بمراكش، نهاية الأسبوع الماضي حفلا أسطوريا فخما مبالغا فيه، بمناسبة احتفالها بالذكرى المئوية لتأسيس الفندق، حضره المئات من المدعوين بينهم نجوم من العالم وشخصيات سامية من المغرب، وأحياه مجموعة من الفنانين المغاربة والأجانب وفي مقدمتهم المغني الفرنسي المدعو ميكا، والذي يحيي السهرات التي يشارك فيها بتعويضات مالية باهظة.
ففي الوقت الذي لم تندمل فيه بعد جراح منطقة الحوز المحادية لمراكش جراء الزالزل الذي ضربها وعصف بأرواح المئات من الضحايا، فضّلت الجهة المسيرة لفندق المامونية الاحتفال بطريقة مبالغ فيها، وإقامة حفل يمكن تصنيفه ضمن حفلات ألف ليلة وليلة، دون مراعاة للظرفية الحساسة التي لازالت تعيشها المنطقة، وكذا دون استحضار مطالب وأولوية هذه الظرفية، والتي تتجلى أساسا في توفير الأموال وتخصيصها للجهود المبذولة لإعادة إعمار وإصلاح مخلفات الزلزال.
ولعل السؤال الأبرز الذي يُطرح في ظل ما قامت به إدارة هذا الفندق، ألم يكن من الأجدر أن تُخصص كل تلك الأموال أو جزء منها لمسح دموع يتامى الزلزال، وقد صُرفت ببذخ كبير في ليلتين فقط؟، ألم يكن من الأجدر أن تخصص تلك الأموال لجهود إعادة تأهيل منطقة الحوز، وبالتالي فإن الفندق نفسه سيكون مستفيدا بطريقة غير مباشرة من العائد السياحي للمنطقة.
إن ما قامت به إدارة المامونية يمكن تسميته بالدارجة المغربية ب“الخوا الخاوي” بل إن فيه كثيرا من الإهمال واللامبالاة للظروف الحزينة التي تمر بها بعض ساكنة مراكش ونواحيها.
إن مدينة مراكش في أمس الحاجة لتضامن أهاليها وفنادقها، وإلا فعلى الأقل مراعاة أحزانها. ففندق المامونية يستفيد من أفراح مراكش ومهرجاناتها وآثارها التاريخية، فلماذا لا يواسيها في أحزانها ويساهم في تضميد جراحها.
وإلى جانب هذا، فإن إدارة فندق المامونية استدعت المغني الفرنسي المدعو ميكا، للمشاركة في هذا الحفل، وهو الذي لا يتنقل بأقل من 700 ألف أورو، أي أزيد من 700 مليون سنتيم، علما أن الفقرة المخصصة له لا تكاد تتجاوز ساعة أو ساعتين، وبذلك تكون إدارة الفندق المذكور قد اختارت الإغداق على هذا المغني وغيره، عوض إقامة حفل بسيط للاحتفال بالذكرى المئوية، وتخصيص باقي الأموال التي صُرفت على هذا الحفل الأسطوري، لضحايا الزلزال، على غرار ما قام به الفنان الكوميدي المغربي جاد المالح، والذي نظّم بقاعة مسرحٍ بباريس عرضا خصّص مداخيله التي بلغت 435 ألف يورو للتبرع بها لصندوق الزلزال.
فهل كانت إذن مدينة مراكش التي تضررت فيها بعض المناطق والمآثر التاريخية جراء زلزال الحوز، بحاجة لمثل هاته الهستيريا؟ وهل كانت بحاجة لإطلاق الشهب الاصطناعية والمفرقعات في حفل خيالي دون احترام تاريخ المدينة الحمراء ومشاعر أهلها؟