في المغرب المعاصر، بصمت مراحله الكبرى عدة شخصيات، منهم من غادرنا ومنهم من لا زال حيا يُرزق، ومنهم من نُسي، لكن المغرب لا ينسى رجاله، ونحن في “برلمان.كوم” نعيد رواية قصتهم بلسان من عاشوا معهم وتأثروا بهم ورافقوهم سواء أكانوا أصدقاءً أو مقربين أو متتبعين لمسارهم، ونسمع منهم شهادات حول شخصيات ظلت راسخة في الذاكرة المغربية.
خلال هذه الحلقة، نعود بالذاكرة للحديث عن “الحكيم الصامت”، محمد بوستة، أحد زعماء حزب الاستقلال التاريخيين، وأحد المساهمين في تأسيسه وتقلده لأمانته العامة.
مسار حافل
وللحديث عن مسار محمد بوستة النضالي والسياسي، اتصل موقع “برلمان.كوم” بالمحلل السياسي عباس الوردي، الذي استعرض المسار الحافل للرجل باعتباره شخصية وطنية لها وزنها، حيث قال إن “محمد بوستة من القادة المغاربة الذين بصموا التاريخ، إذ كانت له أدوار كبيرة في إطار اللحمة المغربية والحركة الوطنية التي واجهت الاستعمار الفرنسي، وكذلك مساندة السلطان محمد الخامس رحمه الله، والعمل إلى جانب مجموعة من القوى الحية على مستوى قبة البرلمان”.
وأضاف الوردي أن بوستة له مسار طويل في الدفاع عن حوزة الوطن والاستقلال وتوجيه مجموعة من السياسات المرتبطة بالسياسات العمومية للدولة التي أكدت بالملموس على أن الرجل له حرقة كبيرة على الوطن.
وسجل ذات المتحدث أن بوستة كانت له حنكة وكفاءة كبيرة، وكذلك مواقفه القوية بخصوص الوحدة الترابية ودفاعه عنها، حيث قام بزيارة مجموعة من الدول التي أكد فيها بالملموس أن الصحراء مغربية، وأن خصوم الوحدة الترابية ليست لهم الأدلة الدامغة، وذلك انطلاقا من تأكيده على البيعة التي تجمع بين العرش والأقاليم الجنوبية.
وأكد عباس الوردي أن محمد بوستة، لعب دورا أساسيا في تقريب وجهات النظر بين مجموعة من الفرقاء السياسيين على المستوى الوطني والدولي، في إطار العديد من الزيارات بين الأحزاب الوطنية والدولية والعربية والمغاربية.
كاريزما سياسية
وقال الوردي في معرض حديثه عن الشخصية السياسية المغربية “إن بوستة، كاريزما سياسية، وقد كان يحضى بعطف مولوي سام من طرف الملك محمد السادس، الذي كان يشهد عبر مجموعة من المحافل بحنكة وتبصر الرجل، وقد جاء ذلك حتى في رسالة التعزية الموجهة منه”.
وخلال عهد ثلاث ملوك، طبع بوستة مسارا حافلا، حيث ترك بصمات تاريخية أكدت على لُحمة البيت الاستقلالي، كما حاول في الكثير من المناسبات أن يلعب دورا مهما في تجاوز الخلافات بين قياداته، من خلال تقديم مجموعة من البدائل، واستقبال مجموعة من الرموز والقادة من أجل حثهم على نبذ التفرقة وتجميع الرؤية وتوجيه الحزب على أساس النقد الذاتي.
وأشار الوردي في حديثه الرمضاني لموقع “برلمان.كوم” إلى أن بوستة له تاريخ، وقد راكم مجموعة من التجارب “التي لا بد أن نقف عندها وقفة تأمل، حيث أن لهذه التجربة وقع كبير على الوطن وتاريخ الحركة الوطنية، وكذلك تطور القضية الوطنية.
وذكر ذات المتحدث أن السياسي المغربي محمد بوستة دافع باستماتة عن القضية الفلسطينية، حيث كانت من بين أولوياته، إذ كانت له نظرة إلى مجموعة من الثوابت على رأسها المؤسسة الملكية كونها ضامنة لاستمرار المؤسسات، وأن احترامها واجب، “وبالتالي كل هذه المقومات تؤكد أننا أمام رجل فذ، حكيم ومتبصر، وله مناقب حميدة، يشهد له بها حتى بعد وفاته”.