الأخباررمضانيات برلمانمستجدات

شهادات | عبد الرحيم بوعبيد.. وطنيّ ناضل بالقلب والجوارح (3)

الخط :
إستمع للمقال

في المغرب المعاصر، بصمت مراحله الكبرى عدة شخصيات، منها من غادرنا ومنها من لا زال حيا يُرزق، ومنها من نُسي، لكن المغرب لا ينسى رجاله، ونحن في “برلمان.كوم” نعيد رواية قصتهم بلسان من عاشوا معهم وتأثروا بهم ورافقوهم سواء أكانوا أصدقاءً أو مقربين أو متتبعين لمسارهم، ونسمع منهم شهادات حول شخصيات ظلت راسخة في الذاكرة المغربية.

اليوم نعود بالذاكرة لاستحضار رجل من أبرز الشخصيات الوطنية التي تركت بصمتها في المغرب، من خلال مساره السياسي الحافل والغني بالنضال من أجل المغرب ومصالح المغرب إبان الاستعمار الفرنسي وبعد التخلص من قبضته، ويتعلق الأمر بعبد الرحيم بوعبيد.

وفي هذا السياق، قال محمد شقير إن “الأستاذ عبد الرحيم بوعبيد، يعتبر من القيادات الاستقلالية التي شاركت في مفاوضات “إكس ليبان” حيث أن تكوينه الحقوقي ومهنته كمحام وإتقانه للغة الفرنسية ومعرفته بالثقافة الفرنسية، بالإضافة إلى لباقته في التعامل السياسي، جعلت المفاوضين الفرنسيين يميلون إليه في طرح مقترحاتهم، وكذا جعلت من بوعبيد يلعب الدور الأساسي في تبليغ تصورات الجانب المغربي، خاصة ما يتعلق بعودة الملك محمد الخامس من منفاه كشرط أساسي لأي اتفاق مع السلطات الفرنسية حول استقلال المغرب”.

وفي شهادته حول عبد الرحيم بوعبيد، أكد شقير في حديثة لموقع “برلمان.كوم” أنه يمكن اعتبار الأستاذ عبد الرحيم بوعبيد من رجالات الحركة الوطنية الذين ساهموا بشكل كبير في معارك المطالبة بالاستقلال؛ من خلال الانخراط سواء في تنظيم المظاهرات الشعبية ضد سلطات الحماية؛ خاصة بمدينته سلا أو من خلال الإسهام في حركة التنوير وتعليم وبث روح الوطنية كمعلم في مدارس الحركة الوطنية.

وقال “كما ساهم هذا الرجل الوطني في التوقيع على عريضة المطالبة بالاستقلال، ليقوم بعد ذلك بالمشاركة في المفاوضات التي أدت إلى استقلال المغرب”، مشيرا إلى أنه كان من “المساهمين في عملية بناء مؤسسات دولة الاستقلال من خلال تقلده لوزارة الاقتصاد التي عمل من خلالها على بلورة لبنات السيادة الاقتصادية، سواء من خلال إنشاء بنك المغرب أو فك ارتباط العملة الوطنية بالفرنك الفرنسي، أو وضع أول تصميم خماسي لإنشاء مقاولات مغربية، من بينها البنك الوطني للتنمية الاقتصادية وكذا الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي”.

ومن جهة أخرى، ذكر المحلل السياسي أن بوعبيد “كان من بين القياديين الذين أسسوا حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ودافع عن أعضائه المعتقلين في محاكمة مراكش ليقوم بعد ذلك برئاسة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي تحول إلى حزب معارض للحكومات المتعاقبة طيلة عقدي السبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، سواء فيما يتعلق بالجانب الحقوقي أو الاجتماعي أو السياسي”.

وحول المواقف السياسية التي دافع عنها، استحضر محمد شقير دفاعه عن ضرورة احترام الإرادة الشعبية سواء من خلال ضمان نزاهة الانتخابات، حيث رفض مقترح عدم ترشحه بالدائرة الانتخابية أكادير رغم تنبيهه بإمكانية عدم فوزه بها.

وفي آخر أيامه، قال بوعبيد “لقد قدت سفينة الاتحاد وما قمت به صدر من القلب والفؤاد واليوم أوصيكم بحزبكم الذي هو أمانة في عنقكم”، فهل أوفى رفاق الحزب بالوصية؟ يجيب شقير أن وصية بوعبيد الذي كانت جنازته من أكبر الجنازات التي شهدها المغرب “لم تُحترم إلا من طرف بعض أعضاء الحزب الذين انفصلوا عن الحزب من خلال تنظيم الوفاء والديمقراطية، حيث كانت هذه التسمية تحيل على التشبث بالإرث البوعبيدي، في حين توجهت قيادة الحزب خاصة بعد
إبعاد اليوسفي عن الحكومة إلى مسار جانبَ منهج بوعبيد واهتم بالمناصب قبل المبادئ، مما أدى بالحزب إلى عدة انشقاقات قزمت من حجمه السياسي وجعلته يتراجع إلى مراتب لا تشرف المرجعية البوعبيدية للحزب”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى