الأخباررمضانياتمستجدات

شهادات | بنسعيد آيت إيدر.. مناضل ذو معدن نفيس (2)

الخط :
إستمع للمقال

في المغرب المعاصر، بصمت مراحله الكبرى عدة شخصيات، منهم من غادرنا ومنهم من لا زال حيا يُرزق، ومنهم من نُسي، لكن المغرب لا ينسى رجاله، ونحن في “برلمان.كوم” نعيد رواية قصتهم بلسان من عاشوا معهم وتأثروا بهم ورافقوهم سواء أكانوا أصدقاءً أو مقربين أو متتبعين لمسارهم، ونسمع منهم شهادات حول شخصيات ظلت راسخة في الذاكرة المغربية.

خلال هذه الحلقة، نعود بالذاكرة للحديث عن مناضل مغربي، ساهم في صناعة مرحلة مهمة من تاريخ المملكة المغربية، طبعتها عدة أحداث كبرى قبل الاستقلال وبعد الاستقلال والتخلص من القبضة الاستعمارية الفرنسية.

وللحديث عن محمد بنسعيد آيت إيدر، اتصل موقع “برلمان.كوم” بمحمد الخمسي الذي استحضر برقية الملك محمد السادس التي تعتبر ملخصا لخصال محمد بنسعيد آيت إيدر، وهي “تعزية فريدة وشهادة تاريخية، حيث وصفته البرقية بالمجاهد الكبير، والوطني الصادق، ورائد من رواد المقاومة”.

وأضاف الخمسي في حديثه قائلا “بنسعيد آيت إيدر عندما نستحضر ذكراه، نستحضر رجلا دافع عن حرية المغرب واستقلاله وكرامته ووحدته الترابية، ونستحضر رجلا لم يَلِنْ ولم يتراجع عن مواقفه السياسية رغم ما يعتقدُ البعض، فهو لم يكن ضد ثوابت الأمة ومقدساتها”.

وشدّد المتحدث ذاته أنه عاش بدون ريع، ودون انتهازية أو استغلال، وكان يريد من السياسيين أن يكونوا شركاء في صناعة القرار وليسوا عبئا على ميزانية الدولة، وقال إن “التاريخ يسجل أن الرجل ساهم في إعادة بناء اليسار إلا أن الوضع كان أكبر من الجهد، فقد رحل آيت إيدر دون أن ترى وحدة اليسار النور”.

وحول المسار النضالي للرجل، سجل الخمسي أن معظم المناضلين عاشوا في أسر محافظة معروفة بالعلم والعلماء، وآيت إيدر نشأ في منطقة معروفة بالكسب الحلال والتجارة والفلاحة والإنتاج، مؤكدا على أن منطقة شتوكة آيت باها هي معدن نفيس، كون الناس هناك تكسب بعرق جبينها.

وقال الخمسي إنه كباقي مناضلي الحركة الوطنية الكبار فقد “تلقى آيت إيدر تكوينه في القرآن الكريم والمُتن، مشيرا إلى أنه انخرط مبكرا في المقاومة، خاصة في الكفاح المسلح، فمنذ نشأته وتكوينه ونُضجه كان يعتقد أن الاستعمار الفرنسي لا يُمكن مقاومته سياسيا فقط، وإنما إلى جانب ذلك “العمل العسكري”.

وأكد الخمسي، أن آيت إيدر، كان من بين الذين ساهموا في إنشاء الحركة الوطنية في الجنوب، مشددا على أنه لا ينكر أنه كانت هناك مواقف سياسية فكر فيها في استعمال السلاح، الأمر الذي تسبب في الحكم عليه بعد الاستقلال سنة 1964 بالإعدام، حيث “انتقل للعيش في الجزائر، ونظرا لشهامته وموقفه الذي طبع مساره، عندما بلغ الابتزاز والمساس بالوحدة الترابية للمملكة المغربية، فضل أن يذهب إلى فرنسا وهي خصمه الأول والعنيد من أن يبقى في الجزائر”.

وقال الخمسي في شهادته إن “قيادة جيش التحرير في الجنوب يعود الفضل لهذا الرجل في تكوينها وتأهيلها”، مشيرا إلى أنه كان يؤمن بالوحدة الترابية للمملكة المغربية، ويؤمن بالدفع في إصلاحات أساسية وأن نموذج روح اليسار في بعده الاجتماعي والثقافي والسياسي، حيث يحظى بكثير من الاحترام والتقدير، لأن القليل من الرجال من ظل راسخا على هذا الموقف، كما يشهد التاريخ أنه الوحيد الذي كان يقول للراحل وزير الداخلية إدريس البصري “لا” بكل شموخ وبكل طموح، علما أنه كان في سياق تاريخي صعب جدا.

وحول المواقف السياسية التي دافع عنها بنسعيد آيت إيدر، ذكر محمد الخمسي منها أنه “كان يؤمن أن الفاعل السياسي يجب أن يكون شريكا، ولا يقبل بأي تنازل، ولا يوقع على بياض، وهذا مصدر خلافه مع كثير من وزاء الداخلية”، مشيرا إلى أنه دفع ثمنا باهظا نتيجة مواقف السياسية.

وشدد المتحدث أن المغرب سجل أن الرجل من الذين عاشوا نظيفي اليد بحيث “لم يمس مال المغاربة ولم يجمع ثروة من الفعل السياسي، ولم يمارس الريع ولم يسعى إلى تنصيب القرابة، وكان نموذجا للرجل السياسي الذي يدافع بنزاهة عن أفكاره ومواقفه.

وخلص الخمسي بالقول “بنسعيد آيت إيدر هو مدرسة في كيفية الدفاع عن ثوابت الأمة، وكيفية الدفاع عن الروح الوطنية بكل مصداقية، وفي نفس الوقت كيف نعيش نظيفي اليد ونرتقي بالسياسة ولا تكون طريق أو وسيلة لخلق الثروة والاغتناء الفاحش، وهذا أمر معروف عليه وتابث فيه، وهو الذي جعل المغاربة يحترمونه في كل محطات حياته”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى