شخصيات صنعت التاريخ..”هنريتا” أمريكية توفيت قبل 69 عاما وبقيت خلاياها على قيد الحياة
عديدة هي الشخصيات التي بصمت على مسار متميز في حياتها المهنية والخاصة، ونجحت في تقديم أعمال رائدة أو تحقيق إنجازات مهمة، نقلتها إلى عالم الشهرة وأدخلتها في قلوب الناس جيلا بعد جيل.
عبر هذه السلسلة الرمضانية، “شخصيات صنعت التاريخ” يغوص “برلمان.كوم” بقرائه في عوالم شخصيات دونت إسمها في قائمة أفضل شخصيات العالم، وسنتوقف في حلقة اليوم عند شخصية “هنريتا لاكس” صاحبة أول خط للخلايا البشرية الخالدة التي أنقدت العديد من الأرواح عبر العالم و مصدر أبحاث العلماء.
هنريتا لاكس صاحبة الخلايا الخالدة
منذ زمن طويل حاول العلماء والباحثون عزل الأنسجة البشرية لأهداف الدراسة المختلفة، لكن تلك الأنسجة كانت سرعان ما تموت بعد أن تصل إلى حد معين من الانقسام ويعود الباحثون إلى نقطة الصفر مجددًا، لكن ما حصل عام 1951، كان بمثابة معجزة طبية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فخلايا هنريتا التي توفيت منذ ذالك التاريخ بقيت حية حتى اليوم وتنقسم باستمرار حتى أطلق العلماء عليها اسم الخلايا الخالدة.
ولدت المزارعة هنريتا لاكس، في غشت عام 1920 بولاية فرجينا الأمريكية، ولاقت نهاية مأساوية في الرابع أكتوبر عام 1951، بعد صراع مع سرطان عنق الرحم، توفيت عن عمر 31عاما حينها قام طبيب بأخذ عينة من أنسجتها وهي لا تزال على قيد الحياة دون موافقتها لكونها زنجية، وقام بزراعة خلاياها في علبة للإحتفاظ بها للأبحاث.
وعند وفاة هنريتا تم إرسال عينة من أنسجتها إلى الطبيب “جورج جاي”، والذي كان يعمل في مختبرات جون هوبكنز للأنسجة، حيث اكتشف الدكتور جاي أن تلك الخلايا لم تكن طبيعية أو عادية، بل توصل إلى نتيجة مفادها أن خلايا هرنيتا لم تمت ولم تتوقف عن النمو على عكس العينات الأخرى التي كانت تُرسل إليه، بل على العكس، استمرت بالنمو والانقسام إلى مالانهاية.
ورغم أن الخلايا البشرية العادية تنقسم في حدها الأقصى من 40 إلى 60 مرة ثم تبدأ بمرحلة الشيخوخة بعدها يستحيل عليها التكاثر والإنقسام بعد ذلك وهو ما يعرف بإسم “حد هايفليك”، إلا أن خلايا هنريتا لم تكن كذلك، بل إنها إستمرت في النمو وتمكن الدكتور جورج جاي من مضاعفتها وزيادة حجمها حتى وصلت إلى أزيد 20 طن و تم توزيعها على عدة مختبرات حول العالم لإجراء التجارب عليها والتي أصبحت تُعرف باسم “خلايا هيلا” التي ساهمت في إنقاذ حياة الملايين من البشر بفضل الأبحاث المنجزة عليها، كما أنها ارتبطت بـ 11 ألف براءة اختراع و 60 ألف مقال طبي مختلف.
إتهامات بنشر معطيات عائلية خاصة
قام علماء بيولوجيون يعملون في المختبر الأوروبي للبيولوجيا الجزيئية في هايدلبيرغ الألمانية بنشر الشيفرة الوراثية لخلايا هنريتا لاكس “الخالدة” و هو ما خلق جدلا كبيرا في الولايات المتحدة الأمريكية، بعدما اتهم أفراد عائلة هنريتا الباحثين بأنهم نشروا معطيات صحية خااصة بالعائلة دون موافقتهم، فعلى الرغم من أن الأطباء أخذوا عينات من أنسجة هنريتا في عام 1951م دون موافتها، إلا أن هذا التصرف يعتبر غير قانوني وغير أخلاقي هذه الأيام، ويخشى أبناء وأحفاد هنريتا أن تصبح التغيرات الجينية التي يمكن أن يكونوا ورثوها علنية للجميع، لذلك، حصلوا مؤخرًا على حق مراقبة الأبحاث قبل نشرها خصوصا الأبحاث التي يتعلق بجينوم هنريتا.
خلايا هنريتا في خدمة الإنسانية
استخدمت خلايا هنريتا في تطوير لقاح شلل الأطفال، وعقار السرطان تاموكسيفين، والعلاج الكيميائي، ورسم الخرائط الجينية، بالإضافة إلى إستخدامها في دراسة أمراض الهيموفيليا، والأنفلونزا، واللوكيميا، ومرض باركنسون تتوزع “خلايا هيلا” بالمليارات في المختبرات العلمية حول العالم و التي لايزال يستخدمها الباحثون حتى اليوم.
وأتبتت التجارب و الدراسات أن “”خلايا هيلا ” لم تظهر أي علامات على أنها ستموت، غير أن هنريتا لاكس ماتت دون أن تعرف أن خلاياها ستعيش بعدها طويلا لتنقذ ملايين الأرواح.