لم تتوقف قرارات الملك محمد السادس الأخيرة، التي همت إعفاء وتقريع عدد من الوزراء والمسؤولين في عدد من القطاعات، عند عتبة اهتمام الباحثين والسياسيين على المستوى الوطني، بل وصل تأثيره على الصعيدين الدولي والإقليمي.
في هذا السياق اهتم عدد من الباحثين السياسيين من الجزائر، الدولة الشقيقة القريبة من المغرب على مستويات عدة، بتبعات ما عرف بـ”الزلزال السياسي”، معبرين من خلال مداخلاتتهم وتحليلاتهم بإعجابهم الكبير بالخطوات الملكية الصارمةن التي جاءت في سياق عدد من المنجزات التي عرفها المغرب ولا زال على العهد الملكي الجديد.
الباحث السوسيولوجي الجزائري مصطفى راجعي، اعتبر أن “القرارات الأخيرة للملك محمد السادس تظهر سرعة استجابة سياسية لمطالب تنموية.. خصوصا بعد حديث العاهل المغربي عن إمكانية حدوث “زلزال سياسي” في خطابه التاريخي أثناء افتتاح الدورة الاخيرة للبرلمان، وهو ما تابعته الصحافة عن كثب”.
وأشار راجعي، في تصريح خص به “برلمان.كوم” أن “القرارات الملكية الأخيرة، ثمنت مفهوم هذا الزلزال السياسي، وعكست تأثيراته على الأرضية السياسية المغربية، وهو ما جعلنا أمام حقيقة البنيات الحزبية أو ما يحب البعض تسميته بـ”الدكاكين الحزبية”.
وأوضح راجعي أن “الرأي العام المغربي تلقى بارتياح واضح، القرارات الملكية الأخيرة والتي جاءت نتيجة لتقرير المجلس الأعلى للحسابات، الذي كشف عن تأخر واختلالات في مشروع التنمية المجالية “الحسيمة منارة المتوسط”، ومن منطلقات يؤسس لها الدستور المغربي، الذي يعطي الملك صلاحيات تنفيذية واسعة، استخدمها هذه المرة بشكل ذكي وانعكست إيجابياً على الرأي العام، وهي قرارات ستأخذ لا محالة، مسارا أكثر فعالية وديمومة، للحد من البيروقراطية الادارية والسياسية التي ترافق تنفيذ برامج التنمية.
ويشدد الباحث الجزائري على أن “هذه القرارات الملكية، ستساهم فعلا في الحد من إحباط المجتمع مستقبلا، خصوصا مع الارتياح الشعبي الذي أفرزه الزلزال السياسي، بعد مرحلة يأس عارمة من الطبقة السياسية المتكلسة والمستفيدة من امتيازات البيروقراطية، وهو ما سيجعل المرحلة المقبلة مكلفة سياسيا، وهو ما سيقود بلا شك للرفع من مستوى التوقعات السياسية لدى المغاربة”.
في ذات السياق يشير راجعي إلى أن “أهم ملاحظة يمكن تسجيلها في سياق هذا الزلزال السياسي، تتجلى في نجاة حزب العدالة والتنمية، من هذا الزلزال السياسي وهو ما يمكن إرجاعه إلى الرأسمال غير المادي الذي راكمه الحزب من خلال تجربته داخل دواليب السلطة”.
وتابع راجعي “ينبغي أن تكون هناك آليات دستورية فعالة تسمح للبرلمان بأن يحدث هذا النوع من الهزات بين الفينة والأخرى، ولكن بشكل معتدل حتى يكون الأداء الحكومي أكثر فعالية في الاستجابة وفي تنفيذ البرامج الحكومية”.
وأضاف “الدستور المغربي يجب أن يفسر في اتجاه يجعل البرلمان المسؤول المباشر عن “الزلازل السياسية”، لأن الملك لا يمكن أن يستمر طويلا في تقمص دور البرلمان، فالمغرب اليوم يحتاج ملكا حَكَمًا تلجأ إليه الأطراف البرلمانية والحكومية لأخد قرارات كبيرة تهم الشعب المغربي، وليس لإحداث زلازل سياسية تبقى تأثيراتها محدودة”.