باعتبار شهر رمضان شهر العبادة والتقرب إلى الله عزّ وجل، تتزين المساجد لاستقبال المصلين الصائمين لإقامة الصلوات من الفجر حتى صلاة التراويح والتهجد في العشرة أيام الأخيرة من شهر رمضان، وتتميز المملكة المغربية بضمها العديد من المساجد التاريخية.
موقع برلمان.كوم يسافر بكم عبر سلسلة رمضانية تُعرف بالمساجد الأكثر شهرة عبر العالم، والتي غالبا ما تتميز بتصميمها المبهر وطرازها المعماري الإسلامي الذي يجعلها تختلف كثيرا عن مساجد أخرى.
يعتبر مسجد الحسن الثاني، الواقع على ضفاف المحيط الأطلسي، أحد أكبر وأهم المساجد الأيقونية حول العالم، والثاني في أفريقيا، والثالث عشر في العالم، مئذنته أندلسية الطابع ترتفع 210 أمتار وتدخل ضمن قائمة المساجد ذات المنارات الأطول في العالم، كما أن قدرته الاستيعابية الكبيرة تجعله المقصد الأول لساكنة البيضاء، خصوصاً خلال شهر رمضان المبارك.
ويرجع تاريخ فكرة إنشاء المسجد إلى الزيارة الرسمية التي قام بها الملك الراحل الحسن الثاني لمدينة الدار البيضاء بعد وفاة والده، الملك الراحل محمد الخامس؛ حيث تعهد بإقامة مسجد كبير على الماء في إشارة إلى الآية القرآنية “وكان عرشه على الماء”.
وضع الملك الراحل الحسن الثاني حجر الأساس معلنا عن انطلاقة الأشغال في بناء المسجد المذكور يوم الحادي عشر من شهر يوليوز من عام 1986، وقد استمرت الأشغال به لمدة ست سنوات تقريبا، بحيث تم تدشينه يوم 30 غشت من عام 1993.
مسجد ”الحسن الثاني“ بني على مساحة 90 ألف متر مربع، بينما تبلغ مساحة منطقة الصلاة 20 ألف متر مربع، واعتمد في زخرفته وتزيينه على أعمال الجبص والخشب والنقوش الرخامية والزجاج الملون، بالإضافة إلى تلبيسة بزخارف «الزليج» أو فسيفساء الخزف الملون على الأعمدة والجدران وأضلاع المئذنة وهامتها والحفر على خشب الأرز، الذي يغلف صحن المسجد وأعمال الجبص المنقوش الملون في الحنايا والأفاريز.
وتقع قاعة الصلاة وسط المعلمة، فهي الجزء الأكثر إثارة بهندستها التقليدية، إذ تبلغ مساحتها 20 ألف متر مربع، وعلوها 60 متراً، وتصل طاقتها الاستيعابية إلى 25 ألف مصلٍّ، وأكثر من 80 ألفاً إضافياً في الساحة، فضلاً عن مقصورتين للمصليات، بمساحة تقدر بثلاثة آلاف و550 متراً مربعاً وقاعات الوضوء.
ويقع المكان المخصص للنساء في الطابق العلوي، مقسم لجزئين من الجهة الشمالية والجنوبية، مصنوع من خشب المشربية (نوع من الخشب يعرف بالروشان) في حين الأبواب الست المخصص لهن للولوج إلى المسجد تقع أسفل الصومعة المرتفعة العلو، وجمال المكان لا يقل جمالاً عن المخصص للرجال.
أما المدرسة الدينية، التي تبلغ مساحتها 9 آلاف و600 متر مربع، فتتميز بتصميمها الهندسي النصف دائري، وتتألف من مدرسة قرآنية، ومكتبة مختصة في العلوم الإسلامية، وقاعات مختلفة للمحاضرات، والندوات والمؤتمرات، فيما المكتبة الوسائطية وأكاديمية الفنون التقليدية تشغلان مساحة تقارب 24 ألفاً و800 متر مربع.
لا يعتبر مسجد الحسن الثاني، وجهة للصلاة والتعبد فقط، بل تعتبر هذه الأيقونة المرمرية الخلابة بنقوشها وزخرفاتها المحلية، المعتمدة على العمارة والإبداع الحرفي الأندلسي والمغربي على وجه التحديد، مجمعاً دينياً وثقافياً متكاملاً، وسيخلد التاريخ هذا الاختيار الحكيم للملك الراحل الحسن الثاني المنبثق عن رؤية مستقبلية ومنسجمة مع تاريخ بلدنا.