لم تمنع عائدات البترول والغاز ببعض الدول الإفريقية والعربية، من تبوئها مراكز متدنية في متوسط الرواتب الشهرية الممنوحة لموظفيها، وهو ما يعيد مرة أخرى إلى الواجهة التساؤل عن المستفيد من ملايير الدولارات التي تذرها عائدات تصدير النفط والغاز بهذه البلدان، باعتبارها بدون أثر ملموس وواقعي على مواطنيها، على غرار بلدان أخرى اقتصادها مشابه لها تماما، من حيث الاعتماد على عائدات هذه الموارد الطبيعية كدول الخليج على سبيل المثل لا الحصر.
ووفق تصنيف شركة “فوندر باس” ماكس برامويل، المنشور حديثا، فقد جاءت الجزائر وليبيا الغنيتان بمواردهما الطبيعية على رأس لائحة الدول الأقل أجورا في العالم، ومعهم تونس كذلك، التي تراجع تصنيفها في مختلف مؤشرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، منذ تولي الرئيس المنقلب على الدستور، قيس سعيّد، قيادة هذا البلد.
واحتلت أربع دول عربية من بينها تونس والجزائر وليبيا، مراتب متدنية من حيث متوسط الأجر الشهري، كتونس التي جاءت في المركز الحادي عشر، بمتوسط أجر شهري لا يتجاوز 302.45 دولار.
هذا ولم تمنع صادرات البترول وانخفاض عدد السكان بليبيا كذلك، من تذيل هذا الترتيب، حيث جاءت في المرتبة العاشرة بين أقل الدول أجوراً في العالم، بمتوسط راتب شهري يبلغ نحو 295.33 دولار، رغم كون هذا البلد يعتبر أحد أكبر الدول المنتجة للنفط في سنة 2023، إلا أن حالة الانقسام والتطاحن الذي يعيشه منذ إسقاط نظام القذفي حرم هذا البلد من استثمار أمثل لموارده.
وبعد ليبيا التي عانت ويلات الحروب الأهلية والتدخلات الخارجية في شؤونها، وغياب استقرار إداري وسياسي، تأتي الجزائر التي يتفنن نظامها وإعلامه في تقديم صور مزيفة عن الوضع الحقيقي والمتأزم اقتصاديا وسياسيا وتنمويا، لتحتل المرتبة التاسعة بين أقل الدول رواتباً، حيث لا يتجاوز متوسط الأجور بها نحو 291.11 دولار، رغم العائدات القياسية التي سجلتها خلال السنوات الأخيرة من تصدير النفط والغاز، مستفيدة من الوضع العالمي بعد جائحة كوفيد-19 والحرب الروسية الأوكرانية، والتي تقدر قيمتها بملايير الدولارات، وهي العائدات التي لازالت دون أثر يذكر على مواطني هذا البلد، خاصة فئة الموظفين.
وإلى جانب الدول المغاربية الثلاث، احتلت مصر بدورها مركزا متدنيا في هذا التصنيف، بتبوئها المرتبة الثانية بين أقل دول العالم أجوراً، إذ يبلغ متوسط الأجر الشهري بها نحو 117.85 دولار.
وكشف التقرير بالملموس، غياب عدالة أجرية بمجموعة من الدول التي تزخر بموارد طبيعية مهمة، تذر عليها سنويا ملايير الدولارات، حيث لم تنجح سياساتها الاقتصادية في منح مستوى عيش أفضل لمواطنيها.
وبالنسبة للمغرب، الذي يتميز بتنوع اقتصاده، فقد حل في المركز الأول إفريقيا في متوسط الراتب الشهري، الذي تم تقديره في 1657 دولارًا خلال عام 2024، وهو ما جعله يتبوأ المرتبة 48 عالميًا، وفقًا لنفس التقرير، الذي نشرته مجلة “Ceoworld” الأمريكية.
هذا وتصدرت سويسرا قائمة أعلى دول العالم أجوراً، بمتوسط يبلغ نحو 6632.59 دولارا، فيما احتلت نيجيريا التي تتوفر على أكبر احتياطيات النفط إفريقيا، المرتبة الأخيرة بمتوسط أجور يقدر بنحو 64.32 دولار.
في نفس السياق احتلت قطر المركز الأول عربيا والمرتبة السادسة بين أعلى دول العالم أجوراً، بمتوسط أجور شهرية يقدر بنحو 4068.56 دولار.