في الوقت الذي كان فيه المغاربة ينتظرون التعديل الحكومي، كان التعديل الأهم قد تم بالفعل…!! وصودق عليه، وتقرر منح أكبر مؤسسة لها علاقة بالمعوزين والفقراء والذين يعانون من الهشاشة وكل من هم في حاجة إلى دعم، لإحدى السيدات القريبات للغاية من السيد رئيس الحكومة.
فقد تم تعيين السيدة وفاء الجمالي مديرة عامة للوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي التي تأسست بمقتضي القانون 59.23، وهي المخولة قانونا بتدبير «نظام الدعم الاجتماعي المباشر..»… ومن مهامها تلقي طلبات الإعانة والاستفادة من الدعم المباشر، بل هي المخولة بمقتضى القانون المذكور صرف الإعانات للمستفيدين!
قد تكون الجمالي طالبة مجتهدة في الماستر المتخصص في تدبير السياسات العمومية من معهد الدراسات السياسية بباريس. وفي “الريادة العالمية والسياسة العامة” من كلية كينيدي بجامعة هارفارد.
لكنها قبل ذلك وإضافة إليه هي سيدة عملت سكرتيرة عامة لمكتب رئيس الحكومة بين 2021 و2024. واشتغلت مع حزبه باعتبارها مديرة ديوان رئيس التجمع الوطني للأحرار (2016-2021)، واشتغلت مستشارة لوزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية (2014-2017)، التجمعي عزيز أخنوش.. وبذلك تكون في قلب الحزب قبل أن تكون في قلب المعرفة والتحصيل!
وسيكون من المنطقي جدا أن تكون تحت مجهر المتابعة، لاسيما وأن المهمة التي أُسندت إليها باسم الدولة هي مهمة مغرية، ولعلها من أغلى متمنيات الأحزاب السياسية.. في زمن الانتخابات!
هذا التعيين، عندما ينظر إليه في سياق الدولة الاجتماعية وباعتباره أحد أبرز مظاهرها، الخاضعة للتسويق الإعلامي والانتخابي، نفهم منه أن رئيس الحكومة وضع يده على أهم مورد من موارد الدولة الاجتماعية، بل لعله بسط يده على أهم وسيلة فيها!
ولم يكن هذا هو التعيين الوحيد، بل إن اقتراحاته الأخرى لها ما لها من علاقة بتفعيل مقتضيات الدولة الاجتماعية، كما هو حال الهيئة العليا للصحة الذي تم وضع مصطفى أبو معروف رئيسا لها، وهو مستشار وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، الميراوي وزير الأصالة والمعاصرة في تحالف أخنوش..
عزيز أخنوش، السياسي المغربي الذي له سوابق في الحرص على الصناديق المالية المهمة الموجهة إلى فئات عريضة، لاسيما وأنه أصر أن يظل صندوق التنمية القروية، بين يديه وهو الصندوق الذي يهتم بكل ما له علاقة بالتنمية القروية والإعانات والاستفادات والإجراءات التي توضع لمعالجة أوضاع الفلاحين في الظرف الصعبة.. أنها تحت تصرفه.
وتابعنا حرصه الشديد الشديد على الحضور في فترة عمل الصندوق 2017-2023، باستثمارات يتحمل صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية فيها 23,3 مليار درهم!
وكان هو نفسه، في حكومة عبد الإله بنكيران قد خاض في 2016 معركة تحويل الأمر بالصرف إلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات!
لقد تبين أن عزيز أخنوش الرجل الثري يملك الانتهازية الذكية الكافية لكي يستولي علي كل المبادرات الملكية والدولة المغربية ذات الطابع الاجتماعي، ويسخرها لفائدة مصالحه ومنها الانتخابية.. وننتظر أن يحول صندوق الدعم الاجتماعي إلى آلية حزبية.. والله يستر المغرب!