ذكرى 8 مارس.. استحضار للعناية المولوية واهتمام الملك محمد السادس بالمرأة المغربية

يُعدّ اليوم العالمي للمرأة، الذي يُحتفل به في 8 مارس من كل سنة، مناسبة عالمية لتكريم إنجازات النساء في مختلف المجالات والتأكيد على حقوقهن ومساهمتهن في بناء المجتمعات. وفي المغرب، يكتسي هذا اليوم طابعًا خاصًا بالنظر إلى المسار الذي قطعته المرأة المغربية نحو تحقيق المساواة، بدعم من الملك محمد السادس، الذي جعل من تمكين المرأة إحدى أولويات مشروعه المجتمعي.
مكانة المرأة في ظل عهد الملك محمد السادس
منذ اعتلائه العرش سنة 1999، أولى الملك محمد السادس اهتمامًا كبيرًا لقضايا المرأة، إدراكًا منه للدور الحيوي الذي تلعبه في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وقد تجسّد هذا الاهتمام من خلال سلسلة من الإصلاحات التشريعية والسياسات الاجتماعية التي عززت حقوق المرأة المغربية.
1. مدونة الأسرة (2004): ثورة تشريعية لصالح المرأة
تُعدّ مدونة الأسرة المغربية واحدة من أبرز المحطات التي كرّست حقوق المرأة في ظل العهد الجديد، حيث حملت عدة إصلاحات جوهرية، من بينها، إقرار مبدأ المساواة بين الزوجين، وتعزيز مكانة المرأة في الأسرة، ورفع سن الزواج إلى 18 سنة، حمايةً للفتيات من الزواج المبكر، وتقنين الطلاق وجعله تحت إشراف القضاء، لضمان حقوق الزوجة والأبناء، بالإضافة إلى تعزيز حقوق الحضانة والنفقة لصالح المرأة المطلقة وأبنائها.
2. تعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية
شهد المغرب بفضل توجيهات الملك محمد السادس، إصلاحات قانونية فتحت المجال أمام النساء للوصول إلى مراكز القرار، سواء في الحكومة أو البرلمان أو المجالس المحلية. كما تم إقرار قوانين تشجع مشاركة النساء في سوق الشغل، من خلال سياسات تدعم ريادة الأعمال النسائية والمساواة في الفرص الاقتصادية.
3. حماية حقوق المرأة ومناهضة العنف ضدها
ففي عهد الملك محمد السادس، صادق المغرب على عدة قوانين، حرصًا على كرامة المرأة وحمايتها من العنف والتمييز، أهمها القانون رقم 103.13 (2018)، الذي يجرّم العنف ضد النساء ويوفر لهن الحماية القانونية، كما قام بتعزيز دور المؤسسات المختصة مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان والهيئات النسائية، لضمان مراقبة حقوق المرأة وتنفيذ السياسات الداعمة لها.
4. دعم المرأة في التنمية الاجتماعية
إلى جانب الإصلاحات القانونية، أطلق الملك محمد السادس عدة برامج اجتماعية تستهدف تمكين المرأة، من بينها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي ساهمت في إدماج النساء في التنمية الاقتصادية عبر مشاريع مدرة للدخل، وبرامج محو الأمية وتعليم الفتيات، التي ساعدت آلاف النساء على تحسين وضعهن الاجتماعي.
حرص الملك محمد السادس على العناية بالمرأة المغربية
أعطى الملك محمد السادس، أوامره خلال خطابه بمناسبة عيد العرش المجيد الذي صادف الذكرى الثالثة والعشرين لتربعه على عرش أسلافه المنعمين سنة 2022، لمراجعة مدونة الأسرة وقال: “إن المدونة، وإن كانت تشكل قفزة إلى الأمام، فإنها أًصبحت غير كافية”. فقام بعد ذلك بتكليف رئيس الحكومة بتشكيل هيئة من مختلف الأطراف المعنية لمراجعة هذه المدونة وتحيينها.
وقد جاءت خطوة الملك محمد السادس هاته، في إطار جهوده المستمرة لتعزيز حقوق المرأة وحماية الأسرة المغربية. حيث تضمنت مقترحات التعديلات التي جمعتها الهيئة بعد الانتهاء من مهمتها، مجموعة من المكتسبات التي تهدف إلى تحقيق مزيد من العدالة والمساواة وحماية المرأة.
وتعكس هذه التعديلات التي أمر الملك محمد السادس بالعمل عليها، دون تجاوز ما هو شرعي، عندما جدد تأكيده على ذلك في خطاب العرش سنة 2022 وبلغة واضحة وصريحة، حيث قال: “وبصفتي أمير المؤمنين، وكما قلت في خطاب تقديم المدونة أمام البرلمان، فإنني لن أحل ما حرم الله، ولن أحرم ما أحل الله، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية”. (تعكس) التزام الملك محمد السادس بتعزيز حقوق المرأة وضمان استقرار الأسرة المغربية، مع مراعاة التوازن بين المبادئ الإسلامية والقيم الكونية.
8 مارس: مناسبة للاحتفال بمكاسب المرأة المغربية
يُعتبر اليوم العالمي للمرأة بالنسبة للمملكة المغربية، فرصة للاعتراف بالإنجازات التي حققتها المرأة المغربية بفضل الإصلاحات والتوجيهات الملكية، كما يُشكل مناسبة للتأكيد على ضرورة مواصلة الجهود لتحقيق المزيد من العدالة والمساواة، خصوصًا في مجال المساواة في الأجور، وتعزيز حقوق المرأة في سوق الشغل، وتمكينها من المزيد من المناصب القيادية.
فبفضل الرؤية الحكيمة للملك محمد السادس، قطعت المرأة المغربية أشواطًا كبيرة نحو تحقيق العدالة والمساواة، وأصبحت فاعلًا رئيسيًا في التنمية. ومع ذلك، يظل 8 مارس مناسبة لتجديد العزم على تعزيز هذه المكتسبات والسعي نحو مزيد من التقدم لصالح المرأة المغربية، بما يضمن مشاركتها الفاعلة في بناء مغرب حديث ومزدهر.