باتت القارة الإفريقية تشهد عدة تغيرات في السنوات الأخيرة، أبرزها الانتفاضات المتتالية التي تقوم بها دول هذه القارة في وجه التوغل الفرنسي الذي مازال مستمرا رغم انتهاء استعماره لها ما صار اليوم مرفوضا قطعا. فيما المغرب- بوابة القارة السمراء- حقَّق عدة تطورات وقفزة نوعية في ترسيخ موقعه كدولة حاضرة إقليميا ودوليا، لاسيما بعد نجاحه بالظفر بتنظيم “مونديال 2030”.
وفي هذا السياق، أكد الإعلامي والكاتب اللبناني، خير الله خير الله، أن المغرب بات لاعبا أساسيا في الفضاء الإفريقي. مضيفا أن المغرب يمثّل “بوابة أوروبا إلى أفريقيا، ولم يعد من يناقش في ذلك، خصوصا بعدما استطاع إقامة علاقات وثيقة تقوم على مصالح مشتركة مع معظم الدول الأفريقية”.
أفلس أعداء المغرب
وتابع خير الله، في مقال له بجريدة الشرق اللبنانية ارتباطا بفوز المغرب بتنظيم كأس العالم 2030 باشتراك مع إسبانيا والبرتغال، أنه قد “أفلس أعداء المغرب في أفريقيا. اكتشف الأفارقة من هو معهم حقيقة ومن هو معهم بالشعارات، من نوع شعار حق تقرير المصير للشعوب. المغرب مع الشعوب الأفريقية بالفعل ولا يبيعها كلاما”.
وعزَّز الإعلامي ذلك قائلا: “أثبتت ذلك الزيارات المتكررة للدول الأفريقية التي قام بها الملك محمّد السادس الذي عرف كيف يضع إمكانات المغرب في خدمة الدول الأفريقيّة. شمل ذلك الخدمات الطبية والتعليم ونشر الإسلام المعتدل، كما شمل بناء مصانع تنتج الأسمدة التي تحتاجها الزراعة. هذه أسمدة يعود الفضل في إنتاجها إلى الفوسفاط المغربي. باختصار شديد، باتت هناك مصالح مشتركة تربط بين المغرب وأفريقيا منذ عودته إلى الاتحاد الأفريقي في يوليوز 2016 إثر توجيه الملك محمّد السادس رسالة في هذا الصدد إلى الاتحاد في قمة كيغالي”.
ثقة عربية ودولية وإفريقية
ومن جهة أخرى؛ شدد صاحب المقال على أن المغرب حصل على ثقة أوروبية وأفريقية وعربية ودولية مكنته من المشاركة بسهولة مع إسبانيا والبرتغال في استضافة كأس العالم. موضحا أنه لم يكن ذلك ممكنا لولا الفضاءات الأربعة التي ينتمي إليها هذا البلد الذي يعتمد سياسة ثابتة وواضحة في الوقت ذاته، سياسة تقوم على الدفاع عن مصالحه ورفض الإساءة إلى مصالح غيره، كرس ذلك عندما استطاع الدفاع عن مغربية الصحراء ونقلها إلى شاطئ الأمان والوقوف في وجه كلّ من يحاول المس بوحدته الترابية تحت شعارات أقل ما يمكن أن توصف به أنّها كاذبة وباطلة.
وعلى المستوى الأوروبي؛ أبرز الكاتب اللبناني أن المغرب بات “جزءا لا يتجزّأ من الفضاء الأوروبي، إسبانيا والبرتغال على خطوتين منه. إلى ذلك، لم يعد بعيدا اليوم الذي يصير فيه جسر، فوق الماء أو تحته، يربط بين المغرب وإسبانيا. الأهمّ من ذلك كلّه أن البنية التحتية في المغرب تجعل من ينتقل من إسبانيا إليه لا يجد فارقا يذكر بين بلدين أحدهما في أوروبا والآخر في أفريقيا. من هذا المنطلق، كان طبيعي أن تشارك إسبانيا والبرتغال المغرب في استضافة كأس العالم في 2030.
أما في المحيط العربي؛ قال خير الله: “أن يذهب تنظيم كأس العالم في 2030 إلى المغرب، هو في الوقت ذاته انتصار للبلد المقيم في فضائه العربي. باتت هناك ثقة دولية ببلد عربي يستطيع تنظيم حدث من هذا النوع. لم يتخل المغرب يوما عن قضايا العرب، بما في ذلك قضية الشعب الفلسطيني وقضية القدس. لكنّه اعتمد دائما العقلانية وحاول في كلّ وقت إدخال بعض من هذه العقلانية العقول العربية التي كانت ولا تزال ضحية الشعارات والمزايدات والأوهام”.
كما أشار الإعلامي اللبناني أيضا إلى الفضاء الدولي الذي يتحرّك فيه المغرب؛ معتبرا أنه قد “سمح هذا الفضاء بعقد المؤتمر السنوي لصندوق النقد والبنك الدولي في مراكش”، مضيفا: “لم يتردد لي جونهوا وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية في القول إن الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي تشكل مناسبة لتسليط الضوء على التنوع الهائل والدينامية والإمكانات الاقتصادية التي يزخر بها المغرب وأفريقيا. أشاد المسؤول الدولي بالريادة التي أبان عنها المغرب والبلدان النامية، بهدف تحويل المنظومة الاقتصادية والمالية نحو الأفضل”.