المضطلع على الثقافة الغربية والمسيحية عموما، قد يكون سمع يوما ما عن خرافة “الجمعة 13″ الدامية.
ويروج في الأوساط الغربية، فكرة مفادها أن تاريخ ال 13 من أي شهر اذا ما وافق يوم جمعة، فإن تلك الليلة ستكون مشؤومة وستسفك فيها دماء كثيرة.
فعلى غرار كل الحضارات والثقافات، يمتلك المجتمع الغربي أساطيره الخاصة، وماورائياته التي تراود الذهن من حين لآخر، فكما نؤمن بالشؤم الذي يجلبه الغربان والضرر الذي قد يجلبه الكنس ليلا، أو سوء الطالع الذي يجلبه لبس العازبة للباس الأرملة، يؤمن الناس على الضفاف الأخرى بأمور مماثلة، قد يعتقدون بها في الصميم، وقد تكون ندرة لمجرد التفكه.
فالإنسان في أي بقعة من العالم، تؤرقه اسئلة لا جواب لها، قد يعالج علامات استفهامها بمسلمات”غريبة”و”مركبة”.
هذه “الخرافة” الغربية مسجلة في أذهان العامة وقد كتبت عنها العديد من الكتابات، كما صورت حولها أفلام وأعمال سينمائية متعددة.
فالجمعة التي توافق ال 13 من أي شهر تعد موعدا لسوء الطالع وتكدر النجوم، ولم لا؟ إراقة الدماء.
من المثير للاهتمام، أن التاريخ قدم براهين مربكة عن هذه النظرية المرعبة، حيث انه قد وقع في تواريخ مماثلة مآسي حول العالم، أحيت الجدل حول هذه النظرية القاتمة، رغم تمسك المجتمع الغربي بالعلم التجريبي وقواعد التفكير المنطقي والعقلاني.
ففي سنة 1972 تحطمت طائرة الإنديز (الرحلة 571) لسلاح الجو الأورغوياني في الجمعة الثالثة عشر من أكتوبر.
وفي ال 13 من شهر غشت لسنة 2004 ضرب إعصار تشارلي سواحل ولاية فلوريدا الأمريكية مخلفا أضرارا جسيمة في الأرواح والممتلكات.
في حين اقترب الكويكب 99942 أبوفيس من الأرض من مدارات أقمار الاتصالات، في الجمعة الثالثة عشر من أبريل سنة 2009.
وفي الجمعة 13 من شتنبر لسنة 1996 اغتيل معبود الجماهير، أشهر رابور في العالم “توباك شاكور” برصاص مجهولين داخل ملهى ليلي بولاية فيجاس، ولازال لغز هذه القضية يحير الشرطة والشعب الذين لا زالوا يتساءلون عن ملابسات الحادث.
عدد من المواطنين الفرنسيين وبعد أحداث الليلة الماضية بباريس، ربطوا بين ما وقع وبين تاريخ الليلة، الذي وافق ال 13 من شهر نونبر الذي كان يوم جمعة، في حين قال آخرون إن حس السخرية لدى الإرهابيين عالي السوداوية، حيث اختاروا لموعد ممارساتهم السادية والدموية، يوما يرتبط في أذهان الفرنسيين بسوء الحظ واراقة الدم.
هذا الجدل تناقلته مواقع التواصل، حيث تبادل المتصفحون الفرنسيون على تويتر وفيسبوك تساؤلاتهم حول المغزى من اختيار هذا التوقيت لتنفيذ عمليات ارهابية. خصوصا وأن كثيرا من أبناء جلدتهم توجهوا لسوريا والعراق للقتال إلى جانب “الجهاديين”، وهم الأقرب للثقافة الفرنسية والأدرى بتمثلات هذا التاريخ في ذاكرة “شعب موليير”.
فما هي الرسالة التي أراد منفذو التفجيرات إرسالها للمجتمع الفرنسي في ليلة مماثلة؟ هل هي إنذار ببداية عهد مظلم ومخيف أبطاله الجلادون المفخخون وضحاياه المواطنون العزل؟
وهل سيواجه الفرنسيون هذه المأساة بالإصرار على مواصلة حياتهم بشكل عادي؟ أم أنهم سيظلون رهائن للخوف والترقب، خصوصا وأن السنة القادمة ستصادف جمعة “13” أخرى، وبالضبط في شهر ماي المقبل.