خبراء: ارتفاع معدل البطالة في المغرب يعكس فشل السياسة الترقيعية للحكومة لمعالجة إشكالية التشغيل
كشفت المندوبية السامية للتخطيط، أول أمس الثلاثاء، عن أرقام تتعلق بارتفاع معدل البطالة في المغرب خلال العشر سنوات الأخيرة.
وقال المندوب السامي للتخطيط، شكيب بنموسى، في ندوة صحافية خصصت لتقديم النتائج التفصيلية للإحصاء العام للسكان، إن معدل البطالة انتقل خلال الفترة ما بين 2014 و2024 من 16,2 في المائة إلى 21,3 في المائة.
وبلغت النسبة في الوسط الحضري 21.2 في المائة، بعدما كانت 19.3في المائة، بينما قفزت البطالة في الوسط القروي بشكل لافت من 10.5 في المائة إلى 21.4 في المائة.
وفي هذا الإطار، قال علي لطفي الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، في تصريح لموقع “برلمان.كوم”، إن ارتفاع معدل البطالة في المغرب إلى 21.3 في المائة خلال السنوات العشر الأخيرة، بناء على نتائج الإحصاء العام 2024، يعتبر رقما مهولا ومخيفا جدا بالنظر إلى الآثار السلبية وخطورة هذه الآفة، على التماسك والاستقرار الاجتماعي خاصة لدى الشباب، هذا الأخير الذي يصاب بالإحباط وبأمراض نفسية عديدة، تؤدي إلى مشاكل اجتماعية عديدة بما فيها الانتحار وانتشار الجرائم والإدمان على المخدرات والعنف والإرهاب وكراهية المجتمع.
وأكد علي لطفي، أن الأرقام المصرح بها تعبر وتترجم حقيقة ودون مزايدات، عن فشل سياسة التشغيل وخلق فرص شغل لائق ومستقر يحفظ كرامة المواطن المغربي.
وأضاف علي لطفي، أن “الحكومة الحالية لم تتمكن من وضع استراتيجيات للحد من البطالة وتنفيذها، بل إن بعض مشاريعها وأوراشها لقيت نتائج سلبية جدا، وليست سوى هدر وفساد للمال العام، كبرنامج “فرصة” الذي كلف خزينة الدولة غلافا ماليا يقدر بـ1.25 مليار درهم لعام 2022، وبرنامج “أوراش” الذي خلق (250.000) منصب شغل مباشر في أوراش مؤقتة خلال سنتي 2022 و2023، بغلاف مالي يقدر بـ2.25 مليار درهم خلال سنتين، معتبرا أن هذه البرامج ترقيعية وقريبة جدا من برامج الإنعاش الوطني، لتقديم بعض الخدمات البسيطة والحصول على أجرة بسيطة، مقابل أداء بعض الخدمات، مؤكدا أن بعض الجمعيات والمجالس حولت المشاريع إلى ابتزاز انتخابي وإلى استعمالات سياسوية أو إلى التصرف في أموال الدولة خارج القانون.
وأشار علي لطفي إلى أن عدد الشركات التي أفلست سنة 2024 تجاوزت 20 ألفا، فضلا عن ضيق سوق العمل لأسباب متعددة، على رأسها نقص المشاريع الكبرى التي تؤمّن فرص عمل واسعة للشباب المغربي خريجي الجامعات والمعاهد العليا، ووجود فجوة كبيرة بين عدد العاطلين عن العمل، وعدد الوظائف المتاحة في القطاع العام والمؤسسات العمومية والجهات، هذا علاوة على مخرجات الجامعة المغربية، والنظام التعليمي المغربي المتأخر، عن مواكبة العصر والتطورات العلمية الكبيرة في مختلف المجالات، مما يجعل مناهج وطرق التعليم الأساسي والجامعي تحتاج للتطوير أيضا لتتلاءم مع التطورات الحديثة، خاصة أن السنوات المقبلة ستعرف تطور ملموس في التكنولوجيا الجديدة والروبوتيك من الجيل الرابع والذكاء الاصطناعي، وسيتم الإنتهاء من بعض المهن لتحل محلها مهن أخرى.
وقال لطفي،، “على الحكومة الحد من الشغل الموسمي غير اللائق وخلق فرص الشغل حقيقية لحملة الشهادات الجامعية كأولوية وطنية، والإنهاء مع أساتذة سد الخصاص المستغلون بشكل غير إنساني، والتربية غير النظامية وإلغاء تسقيف التوظيف في سن 30 سنة، وتعويض الأساتذة الجامعيين المحالين على التقاعد بالمئات سنويا لتفادي الاكتظاظ في مدرجات الجامعات المغربية وتحقيق جودة التعليم” مشيرا إلى أنه من المرجح أن يواجه المغرب تحديات أكبر في المستقبل القريب وعلى المدى المتوسط، إذا استمرت سياسية الترقيع في التشغيل.
من جانبه يرى النقابي محمد هاكاش، أن أول ما تكشف عنه هذه النسبة المرتفعة في معدل البطالة، هو تبخر الوعود الانتخابية التي أوصلت أحزابا للأغلبية لتشكيلة الحكومة، والتي كانت تركز على موضوع البطالة من خلال تحريك عجلة الاقتصاد وإحداث فرص الشغل لآلاف المعطلين، لاستمالة أصوات الناخبين.
وقال النقابي محمد هاكاش، في تصريح لموقع “برلمان.كوم”، إن ارتفاع نسبة البطالة هو مؤشر على الاحتقان الاقتصادي الذي يعيشه المغرب، والذي يعزى إلى فشل الحكومة كما الحكومات السابقة في وضع الأسس الضرورية لاقتصاد وطني متين، يعتمد على المؤهلات الوطنية وعلى هرمه السكاني الذي مازال يزخر بالشباب.
وأكد ذات النقابي، أن الفرق الشاسع بين نسبة البطالة التي أنتجها الاحصاء (21,3%) ونسبة 13,6% التي أعلنتها المندوبية سابقا، يضع الحكومة في موقع المساءلة، مشيرا إلى أنه “مهما اختلفت الأرقام فالواقع الاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه المغرب وهروب شبابنا من بلادهم بحثا عن حياة كريمة في الضفة الأخرى، يدل على فشل الحكومة الكبير”.
وتابع هاكاش، أنه مهما اختبأت الحكومة وراء الجفاف والتغيرات المناخية والحروب الجيوسياسية لتبرير هذا الارتفاع الخطير في نسبة البطالة، فإن ذلك لا يشفع لها ولا يبرر لها فشل اختياراتها الاقتصادية وتدبيرها الحكومي.