تمكنت الحكومة المغربية بفضل التوجيهات الملكية من تسريع بعض مشاريع القوانين خاصة المتعلقة بالتغطية الصحية الشاملة، والتي تدرج ضمن الورش الملكي للحماية الاجتماعية، فهو مشروع عكس مجهودا كبيرا لوزارة الصحة، ما مكّن البرلمان والحكومة من تنزيل- في وقت وجيز- مشاريع هذه القوانين المؤطرة للمنظومة الصحية في منظورها الجديد.
إلا أنه مقابل هذه النقطة التي تحتسب لوزير الصحة خالد آيت الطالب، سجلت الفترة المنصرمة، وفي المجال التشريعي دوما، عدة نقاط سلبية يعتبرها البعض عيوبا كبرى في العمل الحكومي، يتجلى أبرزها في استمرار تأخير طرح مسودات بعض القوانين ذات الأهمية- كمدونة الأسرة والقانون الجنائي- كانت منذ الحكومة السابقة، ووعد أخنوش أنها ستخرج في أقرب الآجال، ما بات يثير انتقادات قوية وجدلا بسبب تأخيرها والتقاعس عن إخراجها لأرض الواقع.
مشاريع متأخرة:
وفي حديث لـ”برلمان.كوم“؛ قال رشيد حموني، رئيس الفريق التقدمي بمجلس النواب، “نحن اليوم تقريبا على مشارف نصف الولاية؛ يعني بعد مضي سنتين؛ ومازلنا لم نر مشاريع القوانين هذه ولم يفتح حولها حتى نقاش وحول ماذا يحدث”، مضيفا “دوما نتلقى الوعود بقريبا قريبا حتى مرت سنتان ومازال البرلمان لم يتوصل لا بمسودة القانون الجنائي ولا بالقوانين الأخرى التي يمكن أن نرى فيها لمسة هذه الحكومة”.
وتحديدا لمشاريع القوانين المتأخرة هذه؛ أوضح حموني أن الأمر يتعلق بمشاريع “مهمة جدا كانت منذ الحكومة السابقة وهي مدونة الأسرة والقانون الجنائي، وكذا قوانين أخرى كالمتعلقة بالمقالع وقانون احتلال الملك البحري واحتلال الملك العمومي للدولة، التي تم سحبها – منذ بداية هذه الحكومة- تحت وعود للقطاعات المعنية بأنها في صدد إعادة صياغة هذه القوانين”.
وأشار رئيس الفريق التقدمي إلى أنه “من حقها كحكومة عدم تبني المشاريع التي كانت في الحكومة السابقة، هذا من الناحية القانونية؛ لكن كان وعد الحكومة أن هذه القوانين ستخرج في أقرب الآجال”، معتبرا أنه “إذا كان من حق الحكومة أن تفعل ذلك حتى تترك بصمتها على هذه المشاريع، أو لتقديمها بشكلٍ شمولي، فإن الغريب هو أنه بعد سنتين لا أثر لعودة هذه المشاريع، ما يُرجِّحُ فرضية عدم إرادة الحكومة الذهاب في اتجاه محاربة الريع والفساد”.
تخوفات من القانون الجنائي:
وفي ظل الترقب السائد للمقتضيات التي ستتضمنها هذه المشاريع؛ قال البرلماني عن حزب الكتاب إن “تخوفنا كان من ناحية القانون الجنائي حول المواد التي تعني الإثراء غير المشروع، وهذا كان قد خلق نقاشا في الصحافة وفي وسائل الإعلام بأن هذه الحكومة جاءت لحماية بعض الناس الذين يستغلون مناصبهم من أجل مراكمة الأموال بطريقة غير مشروعة”، مضيفا أن “هذا القانون في نسخته السابقة جاء للحد من هذه الظاهرة”.
ولفت المتحدث إلى أنه “بطبيعة الحال هناك اتفاق بأن القانون الجنائي كان يأتي مجزّءا- في كل مرة تطرح فيه مواد- والحكومة كانت وعدت أنها ستأتي بمشروع قانون يعيد النظر في جميع مواد القانون الجنائي، وهذا شيء مهم نحن أيضا نتمناه، ولكن إلى حدود الساعة لم يتوصل البرلمان بأي مشروع، ولم يمر حتى في المجلس الحكومي، وننتظر من الحكومة أن تنفذ وعودها وتخرجه في أقرب الآجال”.
إقبار للمؤسسات:
وأوضح رشيد حموني، في تصريحاته لـ”برلمان.كوم“، أن الحكومة التزمت “في برنامجها بكون الإصلاحات السياسية والديمقراطية ضرورة ملحة لتحقيق باقي الإصلاحات، كما التزمت بالعمل على تفعيل وتقوية أدوار المؤسسات والهيئات الدستورية لحماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة والتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية، والتفاعل مع مقترحاتها وتوصياتها”.
إلا أنه في المقابل؛ حسب حموني، فإن الحكومة “في ممارستها العملية، أقبرت المجلس الوطني للصحافة بقانونها المشؤوم الذي رفضناهُ بشدة، كما أنها لا تُعيرُ أيَّ اهتمامٍ يُذكر لتوصيات وملاحظات باقي المؤسسات والهيئات، كمجلس المنافسة، والمندوبية السامية للتخطيط، وبنك المغرب، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والمجلس الأعلى للحسابات”.
وفسّر البرلماني هذا الإقبار بكون “تقارير هذه المؤسسات وملاحظاتها تظل في الرفوف من غير تنفيذٍ في معظم الأحيان”، مردفا أنه “من جهة أخرى، لم نسجل أي تحرك للحكومة ولا أي مبادرة منها، لحد الآن، من أجل تقوية فضاء الديموقراطية والحريات، ما يهدد بتعميق أزمة الثقة، إذ مازال المجتمع في انتظار ما ستأتي به الحكومة فيما يتعلق بمدونة الأسرة وفي القانون الجنائي، وهما موضوعان مرتبطان جدا بقضايا المساواة والحريات”.