حصري وخطير.. محاولة المخابرات الجزائرية اختطاف رجل أعمال جزائري من فوق الأراضي الليبية “الحلقة -2-“
يواصل موقع “برلمان.كوم” التطرق لقضية رجل الأعمال الجزائري، يوسف بعجة، الذي تعرّض لأبشع أنواع التعذيب والترهيب النفسي، بعدما تم اختطافه عدة مرات من طرف المخابرات الجزائرية العسكرية، وابتزازه من أجل إجباره على دفع أموال لجنرالات كانوا وراء الحجز على ممتلكاته وعرقلة مشاريعه الاستثمارية في البلاد، بل ذهب بهم الأمر لمحاولة تصفيته عن طريق تسميمه، قبل أن يُقرر الهروب بجلده ومغادرة التراب الجزائري بشكل نهائي، والعودة للاستقرار بسويسرا، هناك بدأ معركة جديدة، تتجلى في رفع شكاوى أمام القضاء السويسري وأيضا بمحكمة العدل الدولية ضد جنرالات معروفين بالجيش الجزائري المستولي على السلطة في البلاد.
وتعتبر قضية يوسف بعجة واحدة فقط من مجموعة من القضايا الكثيرة الموجودة بالجزائر في ظل حكم العسكر واستيلائه على مؤسسات البلاد. الفرق فقط يكمن في كون هذا المستثمر الجزائري قرّر الخروج للإعلام وفضح الممارسات الإرهابية التي تمارسها المخابرات الجزائرية والجيش الحاكم، من خلال استعمال وسائل تؤكد ما سبق وتحدثنا عنه في موقع “برلمان.كوم“، طبيعة الحكم في الجارة الشرقية وأساليب العصابات التي يستعملها قادة الجيش لترهيب كل الخارجين عن صفهم، والذين لا ينخرطون في أعمالهم الإرهابية، وأيضا محاولة الاستيلاء على استثمارات رجال الأعمال وأموالهم المودعة في البنوك الجزائرية، كما هو الحال بالنسبة ليوسف بعجة.
وتتمة لما أشرنا إليه سابقا في مقال أول تطرقنا فيه لمعطيات حصرية وخطيرة، عن رجل الأعمال الجزائري، يوسف بعجة، وما تعرض له بعدما قرّر سنة 2019 العودة لبلده والاستثمار فيه، من مضايقات واختطاف وتعذيب وترهيب، ومحاولة المخابرات الجزائرية العسكرية تصفيته بعدما رفض الامتثال لاقتراحاتهم والدخول معهم في عصاباتهم، نواصل من خلال هذا المقال الثاني سرد معطيات جديدة توصل بها الموقع من مصادره، تتعلق بملاحقة يوسف بعجة من طرف المخابرات الجزائرية على الأراضي الليبية، ومطالبتها للسلطات الليبية بالسماح لها بالدخول لأراضيها واختطافه لإعادته للجزائر لتعذيبه وتصفيته.
مطاردة يوسف بعجة من طرف المخابرات الجزائرية على الأراضي الليبية..
ووفق المعطيات الحصرية التي حصل عليها “برلمان.كوم” من مصادره المقربة من ملف قضية رجل الأعمال، يوسف بعجة، فإن هذا الأخير يشتغل كمستثمر في ليبيا منذ 20 سنة، أي منذ عهد الرئيس الراحل امعمر القذافي، من خلال استيراد المواد الأولية لليبيا وأيضا لتصديرها عبرها إلى دول الساحل، كالنيجر وتشاد ودول إفريقية أخرى، حيث تعتبر ليبيا وفق ذات المصادر ممرا ومعبرا للعمق الإفريقي بالنسبة ليوسف بعجة ومجموعته الاقتصادية.
وأضافت ذات المصادر، أن مشاكل يوسف بعجة ستبدأ داخل ليبيا، بعدما قام مؤخرا بإقناع شركة ألمانية للدخول لهذا البلد والاستثمار فيه، حيث أشرف على توقيع عقد بين هذه الشركة الألمانية وبين حكومة بنغازي، تتولى بموجبه الشركة المذكورة الاستثمار في مجال الطاقة الشمسية من خلال توفير 1200 ميغا واط من هذه الطاقة في بنغازي، بقيمة مالية وصلت لمليار و400 مليون دولار، بحيث وبمجرد أن نشرت وزارة الطاقة والمناجم الليبية صور حفل توقيع الاتفاقية على حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي، اطلعت عليها المخابرات الجزائرية وهنا بدأت مطاردة بعجة فوق الأراضي الليبية وفق مصادر الموقع.
وبمجرد أن اطلعت المخابرات الجزائرية على الصور المذكورة والتي ظهر فيها رجل الأعمال يوسف بعجة، قام مدير المخابرات الخارجية الجزائرية، المدعو جبّار مهنّا بأمر من مستشار رئيس الجمهورية، المدعو بوعلام بوعلام، وفق ذات المصادر، بالاتصال بمدير المخابرات الليبية بتاريخ 5 دجنبر 2023، وسأله حول “ما إذا كان بإمكانكم تسليم يوسف بعجة أو نأتي لإيقافه فوق الأراضي الليبية واقتياده للجزائر؟”، وبعبارة أخرى: “واش ممكن تخليونا نجيو ندوه من عندكم وبدون أن يكون لكم أنتم علاقة بالأمر؟”، بمعنى اختطافه من طرف المخابرات الجزائرية من فوق التراب الليبي، فكان رد مدير المخابرات الليبية وفق مصادر الموقع، “كيف تريدون منا أن نسلمكم شخصا جاء من طرف الدولة، وقدِم إلى ليبيا من أجل توقيع عقد مع الدولة؟ وبأي حق قانوني تطلبون منا ذلك؟”.
وتابعت ذات المصادر، أن مدير المخابرات الجزائرية ردّ على نظيره الليبي بأننا بحاجة ليوسف بعجة وأننا نريد إعادته للجزائر بأي مقابل، “أي حاجة تحتاجونها في الجزائر نعطوها ليكم”، لكن السلطات الليبية رفضت وفق ذات المصادر تلبية طلب المخابرات الجزائرية وأخبرتها باستحالة تسليم يوسف بعجة الذي يُعتبر ضيف دولة ورجل أعمال يستثمر أمواله في ليبيا ويساهم في تنمية اقتصادها.
الاستعانة بمخبرين لاستقدام بعجة لطرابلس أو تونس أو تركيا لتسهيل اختطافه
وأضافت مصادر “برلمان.كوم” أن المخابرات الجزائرية وبعدما رفضت نظيرتها الليبية السماح لها بالدخول للأراضي الليبية واختطاف يوسف بعجة، قام الملحق العسكري بالسفارة الجزائرية المتواجدة في طرابلس، بأمر من مدير المخابرات الخارجية لنظام العسكر الجزائري، بالاتصال بالتجار الليبيين ورجال الأعمال الذين يشتغلون مع يوسف بعجة بالأسواق الليبية منذ سنوات في بنغازي وطرابلس ومدن ليبية أخرى، وحاول إقناعهم بمساعدة المخابرات الجزائرية للوصول لبعجة وتسهيل عملية اختطافه، من خلال استدراجه للدخول لطرابلس أو السفر لتونس أو تركيا.
وأكدت ذات المصادر، أن الملحق العسكري بالسفارة الجزائرية بطرابلس، قام بالاتصال بمدير فرع “مجموعة بعجة” الاقتصادية في ليبيا، وهو مواطن ليبي، ودعاه لمقر السفارة، وقال له بالحرف: “الجزائر حابّة منك خدمة، وإذا تقوم بها أنت كمواطن ليبي نعطوك السوق فالجزائر تخدم فيه بدون مقابل، تستورد السكر وتدخلوا للجزائر بدون أن تؤدي للدولة أي مقابل، ونوفرو ليك الحماية داخل الجزائر ويستقبلك رئيس الجمهورية ويدير ليك تكريم”، فسأله ما هو المقابل؟، ردّ عليه الملحق العسكري قائلا: “تسلّم لينا يوسف بعجة، عن طريق استقدامه للعاصمة طرابلس أو تونس أو تركيا، وتعطينا المكان الذي يتواجد به بالضبط وحنا نتكلفو بالباقي”.
وتابعت ذات المصادر، أن مدير فرع “مجموعة بعجة” الاقتصادية بليبيا، استمع لكل ما قاله الملحق العسكري بالسفارة الجزائرية بطرابلس، لكنه رفض عرضه، ليقوم مباشرة بعد خروجه من السفارة الجزائرية في ليبيا، بالاتصال برئيسه يوسف بعجة، وأخبره بما جرى وبكل ما طلبه منه الملحق العسكري، وطلب منه أن يحمي نفسه لأن المخابرات الجزائرية تريد رأسه بأي ثمن، وكل هذا تضيف مصادر الموقع، أنه من أجل تصوير عملية استقدامه للجزائر والقيام بالبروباغندا الإعلامية المعهودة من طرف أبواق المخابرات الجزائرية، حتى يتم ترهيب باقي المعارضين لنظام الكابرانات المتواجدين في الخارج، ويتم الترويج على أن المخابرات الجزائرية الخارجية قادرة على الوصول لجميع المعارضين والنشطاء الجزائريين في الخارج، كما فعلت مع الدركيين السابقين، محمد بنحليمة ومحمد عبد الله، وواقعة “دحدوح” على القنوات الجزائرية التابعة للنظام العسكري.
وأضافت ذات المصادر، أن يوسف بعجة اكتشف فيما بعد، أن الملحق العسكري بالسفارة الجزائرية بطرابلس، اتصل بخمسة تجار ورجال أعمال ليبيين آخرين وطلب منهم نفس العملية، من خلال إغرائه بأن هناك عقود عمل بتونس أو تركيا، وإقناعه بالمجيء لهاذين البلدين، لتسهيل عملية اختطافه هناك من خلال “تنويمه بحقنة” أو “تصفيته جسديا هناك” في حالة استعصى على المخابرات الجزائرية تنويمه واختطافه كما أخبر الملحق العسكري هؤلاء التجار ورجال الأعمال، لكنهم جميعا رفضوا وامتنعوا عن الدخول في هذه الصفقة التي يقف وراءها قصر المرادية من خلال مستشار الرئيس الصوري عبد المجيد تبون، المدعو بوعلام بوعلام، ومدير المخابرات الخارجية الجنرال جبّار مهنّا.
وتابعت ذات المصادر، أن رجل الأعمال يوسف بعجة يتوفر على تسجيلات صوتية لكل ما دار بين الملحق العسكري بالسفارة الجزائرية بطرابلس وبين هؤلاء التجار ورجال الأعمال، كما يتوفر أيضا على تصريحات شرفية لهؤلاء، والذين أعلنوا استعدادهم وفق ذات المصادر، للإدلاء بشهاداتهم وأقوالهم أمام العدالة السويسرية، والكشف عن كل ما دار بينهم وبين المخابرات الجزائرية بخصوص محاولة إقناعهم بتسليم رجل الأعمال يوسف بعجة.
شكاية ضد الدولة الجزائرية بتهمة محاولة الاختطاف والتصفية الجسدية
وكشفت مصادر موقع “برلمان.كوم” أن رجل الأعمال يوسف بعجة قام بمعية فريق المحامين المكلفين بملف قضيته، بوضع شكاية بالأمم المتحدة، على أن يتم رفع دعاوى قضائية أمام القضاء السويسري، ضد الدولة الجزائرية بتهمة محاولة الاختطاف والتصفية الجسدية، وأيضا بصدد وضع شكايات مماثلة أمام القضاء في فرنسا وإسبانيا.