حديث “الكنبة”
من المفارقات الغريبة أن تتنطع فوق أجساد ضحاياك باقتباسات المهاتما “غاندي”، الذي تتهمه بدوره كتابات عديدة بأنه كان يخفي نزواته الجنسية المحظورة وراء بطولات السياسة وغزوات المقاومة.
ومن العار أن تتصالح مع ذاتك فوق أريكة الضحايا وكنبة السياسة، التي لازالت تضج بالأنين الحزين وبشرشفات الجنس العنيف.
ومن ضروب “الرويبضة” أن تخرج من السجن، مثقلا بجرائم الاغتصاب، ومكبلا بأوزار الظلم، لتعطي دروسا في المهنية والدماثة والسداد والتسديد.
ومن علامات آخر الزمان، أن يتوهم رجل مهووس بغنج النساء، ومسحور باستدارة الخصر في محيط الجسد، بأنه صحفي مرسل من الله ليصلح حال الصحافة والصحفيين بالمغرب.
ومن علامات الساعة الكبرى، أن شخصا تطوق ذمته الأخلاقية جرائم جنسية بشعة، يتجاسر بأنه “البودكاستر المبعوث” رحمة وتطهيرا لشعب اليوتيوب.
ومن القبح أن تنسى أو تتناسى من يئن من جورك ويتلظى بظلمك، وتخرج بوجه أحمر لتنتقي “ناطف” الكلام المعسول، وتترنح وراء الاقتباسات التي يصدح بها محرك البحث على غوغل، لتتظاهر بأنك المختار والمخلص الذي جاء ليعيد للصحافة رونقها الباهت.
لكن، من حسن الحظ، أن الإنسان الذميم لا يمكنه أن يكون “شريفا” في حضرة من يعرفونه، ومن جايلوا جرائمه، واحترقوا بظلمه، حتى وإن التحف كوفية حمراء، وتخفى وراء نضارة الكلمات المدهونة.
وإذا كانت من رسالة لصاحب برنامج “حوار فوق الكنبة أو الأريكة”، فهي ما قاله ليو تولستوي: “عندما تقف على مآسي الآخرين وانكسارهم……إياك أن تبتسم، تأدب في حضرة الجرح……. كن إنساناً أو مت وأنت تحاول”.
فعلى البودكاستر الموعود أن يتأدب في حضرة ضحاياه، ولا يمعن في إثخان الجروح وإحياء الندوب والفواجع من مرقد النسيان.
وعليه أن لا ينسى أن للقدر، وعدالة الله، تصاريف كثيرة قد تمتد للقصاص الرباني من الرجل في فروعه!
فمن يزني بالقوة فوق أريكة العار، قد يزنى في مضجعه بغير مال! فاتقوا أعراض النساء ممن وطأهم قلم البودكاستر الجديد بالغصب والإكراه والتشهير.
وعلى هذا الأخير أن يدرك جيدا بأن رأسمال الإنسان هو رصيده الأخلاقي.. وإذا كان البودكاستر الجديد قد توهم بأن الناس قد نسوا جرائمه الجنسية، فإن الضحايا لا ينسون أبدا الدعاء على الظالم، وأن الله لا يغفل عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار.