جماهري يكتب : مناقشة غير ودية مع «ماريان» و«ليكسبريس» ومن والاهما… عن الزلزال والملك والأمن.. في المغرب
انتقد عبد الحميد جماهري، مدير نشر جريدة الاتحاد الاشتراكي، عدم مهنية بعض الصحفيين والصحف الفرنسية في التعامل مع تغطية زلزال الحوز بالمغرب، والشؤون المغربية عموما، مستغلين حرية التعبير كمطية لخدمة أجندة معادية للمملكة، فضلا عن الطرق الاحتيالية التي استخدمها بعضهم للدخول إلى التراب الوطني في شكل سياح قبل أن يتحولوا إلى صحفيين استقصائيين جل تغطياتهم تتضمن تجريحا للسلطات المغربية.
وفي عموده “كسر الخاطر”، المُتضَمّن في عدد يوم غد الإثنين، من جريدة الاتحاد الاشتراكي، تحت عنوان “مناقشة غير ودية مع «ماريان» و«ليكسبريس» ومن والاهما… عن الزلزال والملك والأمن..في المغرب”، كتب الجماهري ما يلي:
منذ البداية كان وراء الأكمة ما وراءها، ولهذا هذه المناقشة تكاد تكون مهنية وليست مهنية 100%، فقد بدا أن الصحافيين اللذين جاءا إلى المغرب كسائحين، بعد أن تنازلا عن صفتهما، يريدان للإدارة المغربية أن تتصرف على أساس أنها مجبرة على التعامل معهما بها.. ما يذكرنا بذلك المنطق السوفسطائي الذي يفيد بأنه: إذا لم أنزع القرنين من رأسك فإذن أنت صاحب قرنين مثل الماعز والخروف والوعل والجاموس…
والفارق الواحد هنا هو أن الصحافيين نزعا صفتهما وأرادا أن تظل الإدارة المغربية محتفظة بها.
لعلها عبقرية سببها تغيير المناخ…!
لسنا من ناكري الجميل، إذ طالما أمضينا الساعات في قراءة «ماريان»، والاستمتاع بلغتها الطرية، ما بين جان فرانسوا كان وتهويماته الفلسفية السياسية، هو الذي طرد نفسه من عالم الصحافة الفرنسية بعد أن رموا خمسين سنة من كفاحه في سلة النسيان، وبين مقالات في الثقافة والفكاهة والاجتماع.
لكن تلك الماريان، التي لم تكن أبدا طيبة معنا على الدوام ، كان فيها الحد الأدنى من المهنية وفرصة التعلم بالنسبة لجيل من خارج فرنسا بالأحرى داخل فرنسا.. ماريان الحالية يمكن أن تصدر عددا خاصا عن بلاد المغرب، تشرح فيها كيف صرنا البلد المستعمِر وفرنسا البلاد المستعمَرة، وهي ماريان التي تبعث صحافيين إلى المغرب يأتيانه طوعا سائحين ويطلبان أن يغادرانه… صحافييْن.
نابوليون.. الخيال يحكم فرنسا
لا أنكر أنني ذهلت مما كتبته المصورة الفرنسية تيريز ديكامبو عنها وعن زميلها كونتان ميللر، اللذين رافقتهما الإدارة المغربية إلى المطار كي يجدا الطريق إلى باريس.
فقد غضبت المصورة من «الترهيب الذي تعرضت له» معتبرة أن طريقة مرافقتها إلى المطار تعد مسا بحرية التعبير، ولكن مع ذلك أشعر أنها يجب أن تشكر المغرب الذي منعها من ذلك.
فهي حين تستعمل الحرية في التعبير ترتكب ما يفضح جهلها بالمغرب الذي تتهمه بأكبر الكبائر في الديموقراطيات، المس بحرية التعبير.
ارتكبت شرا كبير عندما «اعتبرت بأن بايتاس، رئيس للحكومة ».. حيث علقت على تفسير الحكومة المغربية لقرار إبعادها هي وزميلها بالقول إن تصريحات رئيس الحكومة مصطفى بايتاس فضيحة تجرم مهنتنا!
أين الفضيحة يا ترى؟ أفي ما قاله بايتاس بالأرقام والأسماء، أم الفضيحة هي أن تقول صحافية استقصائية قادمة من باريس أنه ارتقى من ناطق رسمي للحكومة إلى رئيس لها؟
أين الفضيحة سيدتي.. في صمتك أم في حديثك؟
الواضح أن السكوت كان سيكون أكثر تشويقا، ولم لا إلغازا، وحاملا لسر ما قد ننتظر وقوعه ونحن متربصين خائفين، أما الآن فقد تبين أن «المنع» كما تدعي إجراءٌ وقائيٌّ من البلادة والخفة التي لا تحتمل.
ثانيا، ألم يكن من الأجدر والأحرى أن يبدأ الصحافيان تحقيقهما الموعود بطرح السؤال الأولي حول من هو رئيس الحكومة في البلاد الذي سنتوجه إليها، ومن هو الناطق باسمها؟ والوصول إلى جواب يسجلان به نقطة لفائدتهما بنجاح، ويُقنعان باستحقاقهما في الميدان؟
قبل الترامي على ما يفوق مخيالهما الإعلامي السياسي، بالصيغة الواردة في كلام نابوليون أعلاه، حول الملك والحاشية والمنظومة الأمنية التي وعدا قُراءَهما بها في عز الزلزال والكارثة…
تذهب الإدارة التي أرسلت مراسليها السياحيين أبعد من ذلك، حيث يستقيم عندها المنطق في الدفاع عن الحضور بدون اعتماد، بل ويصبح ما هو في حكم الإيجابي مسألة نسبية بل خاطئة عندما تمس ماريان …
فالحكومة قالت إن أكثر من 310 صحافيين أجانب يمثلون 90 وسيلة إعلام دولية منهم قرابة 80 صحافيا فرنسيا غطوا وقائع الزلزال، حسب المعايير المعتمدة.
بيْدَ أنه سرعان ما تتحول هذه الشفافية إلى صك اتهام في حق المغرب، كل هؤلاء، تقول «ماريان»، جاؤوا بلا اعتماد، وهو ما يكذب شفافيتكم !
إذا سلمنا بذلك وأن أغلبهم بلا اعتماد، فهل نعتبر أن وصول الصحافيين بالمئات، والعشرات منهم من الفرنسيين، مسألة إيجابية أو سلبية ضد المغرب؟ وأين يكمن الترهيب والمس بحرية التعبير إذا وقع خلل مع اثنين؟
فالذي يجب أن تعرف هو أن الإدارة لديها وسيلة قانونية في الرفض والمتابعة ومعرفة دقائق الأمور، أم كانت تعتقد بأن الإدارة لا تعرف «صحافيين» من ماريان؟
نعتقد بأن الأسبوعية كانت تبحث عن شيء… فوجدته! شيء لا يُخجل المغرب، وهو يحترم قوانين ترابه السيادي…
في عمق التصرف اللامهني، اختارت ماريان، كما كتب المعنيان منها، المجيء قصد التحقيق حول « الملك والحاشية والمنظومة الأمنية»، وصراحة علينا وعلى قرَّائها طرح السؤال: ما الذي استجد منذ فبراير الماضي عندما طرحت ماريان سؤال: ? Comment le Maroc nous tient
وتدبرت «من البريكولاج المهني» أمر الجواب عليه بما يفيد بأن الجواب كان سابقا عن التحقيق، وفيه ادعت ماريان معرفتها بكل وسائل المغرب في التحكم في فرنسا ( الجاسوسية، الليوبييينغ أو قوة الضغط والأخبار المنوعة والقنب الهندي والهجرة… ) وفيه كما يبدو ما لم يخطر على بال أي مغربي من الأسئلة والتحقيقات…
فما الذي استجد للتحقيق مرة ثانية؟
أم أن الملف جاهز وكان ينتظر حبة الكرز فوق طحين الشوك من قبيل افتعال عملية طرد إدارية والعودة إلى التمارين التي كانت وراء تحريك البرلمان الأوروبي، وما تبعها من قرارات دبجها ممثل ماكرون في القبة القارية، ستيفان سيجورني؟
من المحقق أن هذا السيناريو سبقت مشاهدته في باحة البرلمان الأوروبي، يوم 19 يناير الماضي، والذي كان عنوانا بارزا للعدوان الفرنسي على المغرب…
فرنسا يبدو أنها أرادت إعادة النظر في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بتحويله إلى إعلان خاص بحقوق الفرنسيين…