الأخباررأي في قضيةمستجدات

جماهري يكتب.. مناقشات غير ودية مع ماريان وليكسبريس ومن والاهما.. نابليون وديكارت يحللان العقدة الفرنسية المستجدة «الملك والأمن»

الخط :
إستمع للمقال

أكد عبد الحميد جماهري، مدير نشر جريدة الاتحاد الاشتراكي، أن أكبر ضحيتين من بين ضحايا السلوك اللامهني لبعض وسائل الإعلام الفرنسية، كانا اثنين من كبار العقول الفرنسية نفسها: واحد في السياسة والحروب والتاريخ هو نابوليون بونابارت، والثاني في الفكر والفلسفة والعقل، هو رونيه ديكارت.

وفي عموده “كسر الخاطر”، المُتضَمّن في عدد يوم غد الثلاثاء، من جريدة الاتحاد الاشتراكي، تحت عنوان “مناقشات غير ودية مع ماريان وليكسبريس ومن والاهما.. نابليون وديكارت يحللان العقدة الفرنسية المستجدة «الملك والأمن» الحلقة الثانية.

كتب الجماهري ما يلي:

لعل أكبر ضحيتين من بين ضحايا السلوك اللامهني لبعض الإعلام الفرنسي، كانا اثنين من كبار العقول الفرنسية نفسها: واحد في السياسة والحروب والتاريخ هو نابوليون بونابارت، والثاني في الفكر والفلسفة والعقل، هو رونيه ديكارت، كلاهما وجد نفسه مثخنا بالكدمات إلى جانب … الحقيقة.
لماذا بونابارت ولماذا ديكارت؟
الأول هو الذي قال منذ قرون عديدة إن أكبر خطيب ومتحدث في السياسة هو… النجاح.
وهذا ما كان على الفرنسيين الإعلاميين، باعتبارهم امتدادا للفرنسيين السياسيين، أن يستوعبوه ويتذكروه قبلنا.
لأن ما تحدث مكان محمد السادس في تدبير كارثة زلزال الحوز كان هو «نجاحه» سواء في تدبير كوارث أخرى قبلها أو في وضع خارطة الطريق لتدبيرها هي بالذات، بالنجاح الذي يشيد به العالم القويم، وأحد الأدلة المادية على ذلك الآن هو أن هذا الموضوع لم يعد يطرح بتاتا الآن، لا في إعلام فرنسا المغرض! ولا في غيره من الإعلام الموضوعي! أما المزاج الوطني المغربي فهو سليم وملكي وممنون كثيرا للملك محمد السادس وكافة المؤسسات، المسنودة بدعم شعبي خارق تحدى الزلزال.
وأما الثاني، ديكارت، فلأنه ربط بين التفكير المنطقي والوجود، والحال أنه لا يبدو أن لهذه المسألة أثرا لدى نخبة الإعلام والسياسة في بلاده.
نحن أمام إعلام تخلى طواعية عن استقلاليته، هل من الضروري أن نعرج على ايتيان لابواسيي والعبودية الطوعية؟؟؟ لخدمة أجندة رجال الرئيس ومخابراته، ويحاولون إيهام العالم بأنهم يدافعون عن استقلاليتنا، ولربما يستنجدون بقلم إنجليزي وحيد يترجمون استشباحاته على صفحاتهم ليقنعون القارئ بأن صحافة المغرب تخضع لولاء مشبوه، للدولة وأضلاعها..»لنا عودة إلى الموضوع وإلى المعادلتين بالتفصيل»…
لم يصل الخيال الإداري المغربي إلى ما وصل إليه خيال صاحب «الخارطة والتراب» La carte et le territoire، الروائي المثير للجدل ميشيل اويللبيك، الذي كتب: كيف تريد أن تلتقي بأحد ما يشتغل في «ماريان»، بدون أن تتملكك الرغبة الفورية في القيء؟
كل الإساءة التي اقترفتها ماريان في حق المغرب، لم تدفع الإدارة المغربية إلى أن تجرِّح فيها بالشكل الذي فعله الروائي المحبوب لدى صحافييها…
ومن الصدف المثيرة للغرابة أن ماريان، في تحقيقها المزعوم، أرادت أن تستغل الزلزال، كما فعله غيرها، بمحاولة الجواب عن سؤال سبق لها أن قدمت ملفا كله للإجابة عنه، قبل الزلزال وبدونه، بطريقة مغرضة، كما حصل مع ليكسبريس وفرانس 24 وشارلي إيبدو، ومن والاهم من منابر السوء، وهذا السؤال العجيب من بين الأسئلة التي استبدت بالصحافة الفرنسية هو: أين العاهل المغربي؟ مع عملية توهيم كبيرة، سعت إلى النيل من العاهل المغربي، ومن تدبيره للكارثة!
بمجرد أن بلغ الخبر إلى هيئات التحرير، ولم يكن أحد يعرف بعدُ حجم الكارثة ولا عدد الموتى..تم استخراج السؤال المستعمل سابقا، من جديد…
في الواقع إن الملك الذي قطع زيارته فورا كان في فرنسا، وعليه، فإن السؤال يكتسي مضمرات أخرى: أين الملك الموجود في فرنسا من لقاء نخبتها ورئاستها؟
وعندما لم يحدث ما توقعت مدام سولاي Mme Soleil العرافة المشهورة ، تم تعميم السؤال على زلزال كان بالكاد قد بدأ…
وعلى غرارها تداعت الصحف الأخرى وفي مقدمتها شارلي ايبدو وليبراسيون، إذ لم تقف عند تقدير ما يقع ونقله بل تجاوز ذلك إلى التحريض ضد الملك، وهو السلوك الذي ذكرنا ليس بالسبعينيات أو الستينيات، وتلك قصة محدودة نسبيا في المخيال السياسي، بل بما فعلته الأداة الإعلامية أيام الإقامة العامة «ضد محمد الخامس» والكتابات التي حولت كل القرون السيادية إلى فرجوية حاطة بكرامة أمة…
اتضح في حالة ليكسبريس، وجود حالة تأرجح بين الإقرار بقوة المغرب وضرورة تجاوز النرجسية الفرنسية إلى تعامل سوي ومتساو معه، وبين الالتزام بالخط التحريري المقرر في الإيليزيه والانخراط في جوقة الببغاوات، وفي سياق النزوع الأول استعانت النية المغرضة الفرنسية، بالتقريبية الجاهزة عند الايكونوميست البريطانية، في تكامل أدوار مثير وغير مسبوق من أجل الإساءة إلى المغرب، وتقديم الحياة الوطنية كما لو كانت مجرد مقطع في فيلم قديم تتجاور فيه الجاسوسية وعلاقات الصداقة ورعب الأجهزة في لمسات سينمائية لا تخلو من كوميديا.
هكذا نجد أن ليكسبريس، استكملت هجومها، «إلا في ما فرضه الباحث المحترم جيل كيبل من حقيقة وموضوعية في حواره معها ولنا عودة إليه»، بالاستعانة بتحقيق ليكونوميست، المُحيَّن عبر وضع أشخاص عاديين في نفس الميزان الذي وضعت فيه أجهزة الأمن، عقدتها المستجدة المضافة إلى عقدة الأسرة الملكية…
ولنا أن نسأل بدون وهم في الحصول على جواب من لدنهم: أي تحليل موضوعي، مؤسساتي وإعلامي يمكنه أن يعادل بين تأثير أفراد وتأثير أجهزة مسؤولة، معرَّفة دستوريا ومؤسساتيا، في العالم كله، وبين مجرد أفراد عاديين، إذا لم يكن الدافع هو الإساءة والتبخيس؟
عمليا، هذا لا يوجد إلا في بعض الإعلام الذي يتحدث عن المغرب، وقد كون فكرة معادية قبل الكتابة والشروع فيها، إما كموقف مستحدث أو كامتداد لعقلية استعلائية موروثة…
وهنا مربط الفرس، فالإعلام لا يعدو أن يكون مرآة معتمة للإيليزيه، الذي يبحث ساكنه عن استعادة مجد ملكي لم يعد بالإمكان، فارتقى إلى «عاهل جمهوري» أراد أن يحبه الشعب المغربي بالتوجه اليه مباشرة! ملك متخلف عن تاريخ بلاده نصبه الإعلام عاهلا بلا تاج ولا تقدير ولا مشروع لفرنسا سوى تكتيكات نزقة عابرة، لم يرسم له أية ملامح، رئيس يعد نفسه بصورة نابوليون، لكنه يبدو أنه يجهل تعاليمه في السياسة، فارتحل بين تيارات عديدة في الفلسفة، ولم يعثر عند بول ريكور ما يفيده في فهم الذاكرة عند جنرالات قصر «المرادية» ولا قرأ ديكارت بما يفيده في تنظيم تحليله منطقيا…
رئيس يوجد حيث لا يفكر، ويفكر حيث لا يوجد، يحتاج إلى «لاكانية» جديدة أكثر من إعادة دروس رونيه ديكارت..
في الوقت الذي يتهمنا فيه الإعلام التابع له، كلما دافعنا عن بلادنا، بأننا أحرقنا القديسة «جان دارك»!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى