خصص الصحفي ومدير نشر جريدة الاتحاد الاشتراكي، عبد الحميد جماهري، عموده “كسر الخاطر” في عدد الجريدة الصادر ليوم غدٍ الجمعة 23 نونبر الجاري، للحديث عن مبادرة ساهم فيها المغرب تحت إشراف الملك الراحل الحسن الثاني، تتعلق بفتح سماء غزة، أمام الطيران الدولي، وتشييد أول مطار بالمنطقة.
واختار جماهري لعموده “كسر الخاطر”، المتعلق بهذا الموضوع، عنوان ” عندما حرر المغرب سماء غزة !”، في إشارة للمبادرة المغربية وأثرها على الشعب الفلسطيني آنذاك.
وجاء في عمود عبد الحميد جماهري، ما يلي:
في مثل هذا اليوم، من 25 سنة، كانت فلسطين قد حررت سماءها من شرطة الحدود. وصارت السماء جزءا من تراب فلسطين بفضل الدعم الذي قدمه المغرب، صناعة وتصميما ومتابعة لبناء مطار غزة الدولي..
غزة،التي تجتهد اليوم لكي تستعيد لون السماء من تحت الأنقاض، كانت حاضنة أول مطار لدولة فلسطين..
كانت الحرية تبدأ من السماء
؛كانت تلك هي الفكرة.. وكان المطار مقرونا بالحرية، كما لم يكن في أي دولة ..
كان الحلم الفلسطيني هو أن يعبر الفلسطينيون باتجاه العالم بدون أن يعانوا من إهانات الحدود وشرطة الاحتلال.
كان الحلم، الذي نبتت على جنبات مهابطه اليوم حشائش الخراب، قبل أن تأتي الحرب لتتمم ما بدأه الزمن، هو أن تستضيف فلسطين،الزوار العرب، بعد أن ظل أبناؤها ضيوفا على مطارات الناس..
كان الفلسطيني يحمل معه كل شيء في كل سفر، وكان عليه أن يجد مطارا له لكي لا يضطر لأن يأخذ معه جرابه الوطني ..
ولعل محمود درويش كان موفقا جيدا هو يصف هذه المشاعر، معتبرا :
»كل العصافير التي لاحقت كفي على باب المطار البعيد، كل الحدود، كل المناديل التي لوحت، كل العيون.. كانت معي«..
لم تحلق الطائرات سوى سنوات قليلة،
وسرعان ما تم إغلاق سماء غزة
ومنها الجزء الفلسطيني من خيمة الله المشرعة بزرقتها..
جزء من هذه الحكاية استمعت إليه من لسان أحمد البياز، الذي عمل على المشروع ( انظر بعضا من شهادته التي سيصدرها في كتاب خاص)؛
تفاصيل دقيقة عن أسماء من كانوا في المشروع: الحسن الثاني، ياسر عرفات ورفيقة أبو جهاد ورفاقه ، شيمون بيريز،… ثم بيل كلينتون وزوجته هيلاري، .. رحلة طويلة عن كل تفاصيل هذه المهمة الحضارية لمغرب البناء الفلسطيني..
لعل المطار هو صورة أوسلو بعد أن انهار السلام الذي وعدت به، ولم يستطع أصحابها أن يفجروا كل طاقاتهم في السلم وفي السياسة…
لقد كان الملك الراحل يصر على أن تكون أول طائرة تحط بالمطار، طائرة مغربية كما روى ذلك السيد أحمد البياز الذي كان وقتها مدير المطارات، وكلفه الراحل الحسن الثاني بطلب من ياسر عرفات بتولي تلك المهمة التأسيسية..
ولعل العبارات التي جمعت حرارة ما بينهما هي ما قالته أرملة الشهيد أبو جهاد، انتصار الوزير »أم جهاد،« حيث عبرت بتأثر كبير عن فرحتها بالحدث، قائلة :»كانت قلوبنا تخفق فرحا ونحن نرى العلم المغربي يعانق العلم الفلسطيني على أرض غزة. أكيد أن الدلالات السياسية لحضور الطائرة المغربية هي التي دفعت الدموع إلى المآقي، وجعلت القلوب تنبض حبا وابتهاجا..«..
سقطت السماء على من في غزة
لم يعد للطائرات فضاء لتحلق فيه.
سقطت غزة بين براثن اليمين القاتل
وسقط السلام مثل قطع الجبص القديم..
خسر السلام سماء، وربحت الحرب .. أرضا تجري فيها بين الجثامين الصغيرة!