اخبار المغربرأي في قضيةمستجدات

جماهري يكتب.. الحرب والصحراء: المعقول‭ ‬‮..‬من‭ ‬اللامعقول‭ ‬السياسي‭ ‬عند‭ ‬تبون‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حواره‮

الخط :
إستمع للمقال

قال عبد الحميد جماهري، رئيس تحرير ومدير نشر يومية الاتحاد الاشتراكي، في عموده “كسر الخاطر”، في عدد الجريدة الصادر، يوم غد الأربعاء، إنه لا‭ ‬يمكن‭ ‬الاستسلام‭ ‬إلى‭ ‬العبث‭ ‬وحده‭ ‬في‭ ‬تفسير‭ ‬الخروج‭ ‬الإعلامي‭ ‬الأخير‭ ‬للرئيس‭ ‬عبد‭ ‬المجيد‭ ‬تبون،‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬‮«‬المعقول‮»‬‭ ‬في‭ ‬ركام‭ ‬اللامعقول‭ ‬الظاهر‭ ‬في‭ ‬الاستجواب‭ ‬الذي‭ ‬أجرته‭ ‬معه‭ ‬يومية‭ ‬‮«‬الرأي‭ -‬لوبينيون‮».

واختار جماهري لعموده “كسر الخاطر”، المتعلق بهذا الموضوع، عنوان “الحرب والصحراء : المعقول‭ ‬‮..‬من‭ ‬اللامعقول‭ ‬السياسي‭ ‬عند‭ ‬تبون‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حواره‮!‬”، جاء فيه مايلي:

لا‭ ‬يمكن‭ ‬الاستسلام‭ ‬إلى‭ ‬العبث‭ ‬وحده‭ ‬في‭ ‬تفسير‭ ‬الخروج‭ ‬الإعلامي‭ ‬الأخير‭ ‬للرئيس‭ ‬عبد‭ ‬المجيد‭ ‬تبون،‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬‮«‬المعقول‮»‬‭ ‬في‭ ‬ركام‭ ‬اللامعقول‭ ‬الظاهر‭ ‬في‭ ‬الاستجواب‭ ‬الذي‭ ‬أجرته‭ ‬معه‭ ‬يومية‭ ‬‮«‬الرأي‭ -‬لوبينيون‮»‬‭ ‬الناطقة‭ ‬باسم‭ ‬الرأسمال‭ ‬والليبرالية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬فرنسا‮.‬

وعليه،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إغفال‭ ‬بعض‭ ‬عناصر‭ ‬التفكير‭ ‬الموجودة‭ ‬فيه،‭ ‬كإشارات‭ ‬أو‭ ‬رسائل‭ ‬أو‭ ‬كمرتكزات‭ ‬‮.‬

1ـ‭ ‬التهديد‭ ‬المبطن‭ ‬‮:‬‭ ‬أن‭ ‬يصرح‭ ‬الرئيس‭ ‬الجزائري‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬البوليزاريو‭ ‬يطالب‭ ‬بالسلاح‭ ‬ونحن‭ ‬نستنكف‭ ‬عن‭ ‬تسليمهم‭ ‬إياه‮..‬‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‮»!‬‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقرأ‭ ‬كرسالة‭ ‬تهدئة‮(‬‭ ‬نحن‭ ‬نتحفظ‭ ‬في‭ ‬تسليم‭ ‬السلاح‭ ‬إلى‭ ‬البوليساريو‭ ‬‮)‬‭ ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نستكمل‭ ‬ويل‭ ‬للمصلين‭ ‬ونقرأ‭ ‬التهديد‮.‬‭ ‬المبطن‭ ‬في‭ ‬التصريح‮(‬‭ ‬لم‭ ‬نسلمهم‭ ‬لحد‭ ‬الساعة‮).‬

ليس‭ ‬السؤال‭ ‬هو‭ ‬هل‭ ‬الجزائر‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬وزن‭ ‬التهديد‭ ‬أو‭ ‬تنفيذه،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬أن‭ ‬الذي‭ ‬يستوجب‭ ‬الانتباه‭ ‬هو‭ ‬أنها‭ ‬تضع‭ ‬شرط‭ ‬زمان‭ ‬‮(‬‭ ‬الحاضر‮)‬‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬التسليم،‭ ‬وبمعنى‭ ‬آخر،‭ ‬فإن‭ ‬التسليح‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬غدا‭ ‬أو‭ ‬بعد‭ ‬غد‮…‬

والذي‭ ‬يستحق‭ ‬الانتباه‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬تسليم‭ ‬السلاح‭ ‬مرتبط‭ ‬بإعلان‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬الكلام،‭ ‬ذلك‭ ‬لأن‭ ‬الجزائر‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تسلح‭ ‬وتمول‭ ‬وتفتح‭ ‬التمثيليات‭ ‬الديبلوماسية‭ ‬وتساعد‭ ‬منذ‭ ‬نصف‭ ‬قرن‮.‬‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يصدق‭ ‬أن‭ ‬موقعها‭ ‬من‭ ‬القضية‭ ‬هو‭ ‬موقع‭ ‬الداعم‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬موقف‭ ‬صاحبة‭ ‬قرار‭ ‬الحرب‭ ‬‮..‬

النقطة‭ ‬الثانية‭ ‬لتسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬فحوى‭ ‬التصريح‮:‬‭ ‬الجزائر‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تلوح‭ ‬بأن‭ ‬السلم‭ ‬في‭ ‬خطر،‭ ‬لكي‭ ‬تدفع‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الدولي‭ ‬وأصحاب‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬إلى‭ ‬تجميد‭ ‬الوضعية‭ ‬في‭ ‬حالتها‭ ‬الراهنة،‭ ‬على‭ ‬ألا‭ ‬يتم‭ ‬دعم‭ ‬سيادة‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬ترابه‮.‬‭ ‬وهي‭ ‬تلوح‭ ‬بذلك‭ ‬لكي‭ ‬توقف‭ ‬مسلسل‭ ‬الدعم،‭ ‬والذي‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬طرحته‭ ‬اليومية‮!‬

لقد‭ ‬سبق‭ ‬لنفس‭ ‬الرئيس‭ ‬أن‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬‮«‬إغلاق‭ ‬الحدود‭ ‬وقطع‭ ‬العلاقات‭ ‬كان‭ ‬لتفادي‭ ‬الحرب‮»‬،‭ ‬فهل‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬ساعة‭ ‬العد‭ ‬العكسي‭ ‬قد‭ ‬أزفت؟

سننتظر‭ ‬ونرى‮..‬

2ـ‭ ‬اللامعقول‭ ‬الكثير‭ ‬في‭ ‬تصريحات‭ ‬تبون‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نبحث‭ ‬فيه‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬المعقول‮:‬‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬عودته‭ ‬إلى‭ ‬الأساطير‭ ‬المؤسسة‭ ‬للإيديولوجيا‭ ‬الموروثة‭ ‬عن‭ ‬العهد‭ ‬الخروبي‭ ‬الراحل‮.‬‭ ‬ومنها‭ ‬تهمة‮«‬‭ ‬النزعة‭ ‬التوسعية‮»‬‭ ‬للمغرب‮.‬‭ ‬فقد‭ ‬أجاب‭ ‬عن‭ ‬سؤال‭ ‬يخص‭ ‬القطيعة‭ ‬مع‭ ‬المغرب‭ ‬وما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬ستبقى‭ ‬قائمة‭ ‬؟‭ ‬اتهم‭ ‬تبون‭ ‬المملكة‭ ‬بأنها‭ ‬كانت‭ ‬لها‭ ‬دوما‭ ‬تطلعات‭ ‬توسعية‮»‬،‭ ‬وساق‭ ‬في‭ ‬تبرير‭ ‬جوابه‭ ‬حرب‭ ‬الرمال‭ ‬لسنة‭ ‬1963‭ ‬ثم‭ ‬قضية‭ ‬موريتانيا‭ ‬والاعتراف‭ ‬بها‮…‬‭ ‬إلخ‮.‬

والحال‭ ‬أن‭ ‬المعضلة‭ ‬مع‭ ‬الجزائر‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬توسعيا‭ ‬ولا‭ ‬قدم‭ ‬نفسه‭ ‬كذلك،‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يطالب‭ ‬بأراض‭ ‬ليست‭ ‬له،‭ ‬أو‭ ‬يريد‭ ‬استرجاعها‭ ‬بالقوة،‭ ‬بل‭ ‬إنه،‭ ‬دولة‭ ‬أو‭ ‬شعبا،‭ ‬لا‭ ‬يقبل‭ ‬التنازل‭ ‬عما‭ ‬هو‭ ‬أرضه‭ ‬ويسعى‭ ‬إلى‭ ‬استرجاع‭ ‬ما‭ ‬ضاع‭ ‬منه‭ ‬بواسطة‭ ‬القوة‭ ‬‮(‬‭ ‬الاستعمارين‭ ‬الفرنسي‭ ‬والإسباني‭ ‬‮)‬‭ ‬‮(‬‭ ‬آخر‭ ‬الأراضي‭ ‬التي‭ ‬ضاعت‭ ‬منه‭ ‬كانت‭ ‬هي‭ ‬تندوف‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬1962‮).‬

‭ ‬والخلاصة‭ : ‬لا‭ ‬يقبل‭ ‬المغرب‮«‬‭ ‬التنازل‭ ‬عن‭ ‬أرضه‮»‬‭ ‬وسيفتخر‭ ‬بذلك،‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬توسعيا‭ ‬في‭ ‬أرض‭ ‬هي‭ ‬له‮.‬

وهذه‭ ‬أسطورة‭ ‬تقف‭ ‬وراءها‭ ‬استيهامات‭ ‬جزائرية‭ ‬حقيقية‮:‬

ـ‭ ‬أولها‭ ‬مسألة‭ ‬الحدود‭ ‬الموروثة‭ ‬عن‭ ‬الاستعمار،‭ ‬والتي‭ ‬يرفض‭ ‬المغرب‭ ‬أي‭ ‬قبول‭ ‬بها‮.‬‭ ‬لأنها‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬اقتطعت‭ ‬ترابه‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬أطرافه‭ ‬‮(‬شمالا،جنوبا‭ ‬وشرقا‭ ‬‮)‬‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تبنتها‭ ‬الجزائر‭ ‬وبنت‭ ‬عليها‭ ‬نشاطها‭ ‬الديبلوماسي‭ ‬ونفوذها‭ ‬السياسي‭ ‬الدولي،‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬من‭ ‬عهود،‭ ‬ولعل‭ ‬القوة‭ ‬تتأتى‭ ‬من‭ ‬كون‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تنصت‭ ‬للجزائر‭ ‬‮(‬‭ ‬حوالي‭ ‬90‭ ‬٪‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬‮)‬‭ ‬كانت‭ ‬كلها‭ ‬من‭ ‬طبيعة‭ ‬الدولة‭ ‬ذاتها،‭ ‬أي‭ ‬كلها‭ ‬وليدة‭ ‬المرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الاستعمار‭ ‬وكل‭ ‬أوطانها‭ ‬بحدود‭ ‬موروثة‭ ‬عن‭ ‬الاستعمار‮.‬

المغرب‭ ‬كان‭ ‬وما‭ ‬زال‭ ‬بلدا‭ ‬تاريخيا‭ ‬سابقا‭ ‬عن‭ ‬الاستعمار‮.‬‭  ‬ولعل‭ ‬ما‭ ‬يقلق‭ ‬الجزائر،‭ ‬التي‭ ‬تحاول‭ ‬بناء‭ ‬تاريخ‭ ‬كانت‭ ‬تتنكر‭ ‬له،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المنطق‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬ذي‭ ‬بال‭ ‬أو‭ ‬تأثير‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬نقل‭ ‬إن‭ ‬الآية‭ ‬انقلبت‭ ‬وصارت‭ ‬الدول‮(‬‭ ‬كما‭ ‬يتضح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬اللجنة‭ ‬الرابعة‭ ‬الخاصة‭ ‬بتصفية‭ ‬الاستعمار‭ ‬‮)‬‭  ‬تنصت‭ ‬إلى‭ ‬المغرب‭ ‬لا‭ ‬إلى‭ ‬الجزائر‮.‬

‭ ‬والخلاصة‭ ‬أن‭ ‬تبون‭ ‬الذي‭ ‬يجاهد‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬اليوم،‭ ‬ويعتبر‭ ‬بأنه‭ ‬انتصر‭ ‬عليها،‭ ‬ويذكر‭ ‬بتاريخ‭ ‬الحرب‭ ‬الطويلة‭ ‬ضدها‮..‬‭ ‬يعيد‭ ‬التأكيد‭ ‬بأنه‭ ‬‮….‬وريث‭ ‬تاريخها‭ ‬الاستعماري‮!‬

ـ‭ ‬الأسطورة‭ ‬أو‭ ‬الاستيهام‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬إرغام‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬أية‭ ‬مطالب‭ ‬ترابية‭ ‬‮:‬‭ ‬الصحراء‭ ‬وتندوف‭ ‬وسبتة‭ ‬ومليلية‭ ‬إلخ‮!‬‭ ‬قبل‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬آخر‮/‬‭ ‬سواء‭ ‬ثنائيا‭ ‬أو‭ ‬مغاربيا‮.‬‭ ‬بل‭ ‬لعل‭ ‬المقصد‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تبون‭ ‬يعتبر‭ ‬ذلك‭ ‬تهديدا‭ ‬للجزائر،‭ ‬التي‭ ‬صنعتها‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬المبرمة‭ ‬وقت‭ ‬استقلالها،‭ ‬مع‭ ‬‮…‬‭ ‬الاستعمار‮!‬‭ ‬

لهذا‭ ‬بدأ‭ ‬حديثه‭ ‬عن‭ ‬الثورة‭ ‬الطويلة‭ ‬وعن‭ ‬العلاقة‭ ‬بالذاكرة‭ ‬التحريرية‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬بدون‭ ‬وقع‭ ‬صادق،‭ ‬لأن‭ ‬التناقض‭ ‬يطبع‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬الإرث‭ ‬الاستعماري‮:‬‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ذاكرة‭ ‬حرية‭ ‬الثورة‭ ‬الطويلة،‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تركه‭ ‬الاستعمار‭ ‬نفسه‮!!‬

‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬نسحب‭ ‬هذا‭ ‬الاستنتاج‭ ‬على‭ ‬المغرب‭ ‬الكبير‮:‬‭ ‬فالجزائر‭ ‬ترى‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬اعتراف‭ ‬المغرب‭ ‬بالحدود‭ ‬كما‭ ‬تركها‭ ‬الاستعمار،‭ ‬لكي‭ ‬يقوم‭ ‬المغرب‭ ‬الكبير‮..!‬‭ ‬ولهذا‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬الكبير‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬‮…‬‭ ‬بدون‭ ‬المغرب‭ ‬حتى‭ ‬‮«‬يتوب‮»‬‭ ‬عن‭ ‬أرضه،‭ ‬ولهذا‭ ‬تعلن‭ ‬بين‭ ‬الفينة‭ ‬والأخرى‭ ‬عن‭ ‬ثلاثيات‭ ‬مغاربية‭ ‬بدون‭ ‬البلد‭ ‬الذي‭ ‬ساعدها‭ ‬على‭ ‬الحرية‮!‬

ولا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬التاريخ‭.‬

3ـ‭ ‬العنصر‭ ‬الثالث‭ ‬في‭ ‬الأسطورة‭ ‬التي‭ ‬نحن‭ ‬بصددها‭ ‬هو‭ ‬بناء‭ ‬تحليل‭ ‬تركيبي‭ ‬بمعطيات‭ ‬متنافرة‭ ‬للاستمرار‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬تقسيم‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دعم‭ ‬وحماية‭ ‬أطروحة‭ ‬الانفصال‮:‬‭ ‬تبون‭ ‬يؤكد‭ ‬لنا‭ ‬بأن‭ ‬تفكيرنا‭ ‬بأن‭ ‬سياسة‭ ‬بلاده‭ ‬غير‭ ‬علانية،‭ ‬أمر‭ ‬خطير‭  ‬ووهم‭ ‬حتى‭ ‬‮.‬‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬وكذلك‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يلي‮:‬

ـ‭ ‬توازي‭ ‬الأشكال‭ ‬بين‭ ‬الجزائر‭ ‬والبوليساريو‭ ‬‮/‬من‭ ‬خلال‭ ‬القول‮:.‬استقلال‭ ‬الجزائر‭ ‬تم‭ ‬الحصول‭ ‬عليه‭ ‬بعد‭ ‬130‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬الكفاح‭.‬

ـالجمهورية‭ ‬الوهمية‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬المنظمة‭ ‬الإفريقية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭.‬

ـ‭ ‬العدالة‭ ‬الأوروبية‭ ‬تعترف‭ ‬بالتدريج‭ ‬بحقوق‭ ‬الصحراويين‭.‬

ويتضح‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬تبون‭ ‬ومن‭ ‬معه‭ ‬يفكرون‭ ‬بأن‭ ‬الوضع‭ ‬لا‭ ‬زال‭ ‬في‭ ‬صالحهم،‭ ‬وأن‭ ‬القضية‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬في‭ ‬سجلها‭ ‬الأول،‭ ‬بينما‭ ‬يراه‭ ‬العالم‭ ‬فشلا‭ ‬ديبلوماسيا‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬له‮..‬‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬عناصر‭ ‬ارتكاز‭ ‬لفائدة‭ ‬أطروحة‭ ‬الجمهورية‭ ‬الوهمية،‭ ‬ولذلك‭ ‬نفهم‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬نفهم‭ ‬إصرارهم‭ ‬على‭ ‬الدعاية‮.‬‭ ‬فهم‭ ‬يعتمدون‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يرونه‭ ‬حضورا‭ ‬دوليا‭ ‬مؤسساتيا‮!‬

4ـ‭ ‬الأسطورة‭ ‬الرابعة‭ ‬هي‭ ‬قوله‮:«‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬قالت‭ ‬بأنه‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬علاقة‭ ‬ولاية‭ ‬للمغرب‭ ‬على‭ ‬الصحراء‭  ‬‮…‬‭ ‬اللهم‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬علاقات‭ ‬تجارية‮»:‬‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يطلب‭ ‬من‭ ‬تبون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬خبيرا‭ ‬في‭ ‬التاريخ،‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬الجغرافيا‭ ‬كذلك،‭ ‬لكن‭ ‬الجهل‭ ‬هنا‭ ‬‮…‬‭ ‬مقصود‭ ‬وله‭ ‬هدفه‭ ‬في‭ ‬تأويل‭ ‬الرأي‭ ‬الاستشاري‭ ‬لمحكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‮.‬

وبدل‭ ‬الرجوع‭ ‬إلى‭ ‬حيثيات‭ ‬يطول‭ ‬شرحها‮(‬‭ ‬منها‭ ‬تقرير‭ ‬المصير،‭ ‬وسياق‭ ‬المطالبة‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬المغرب‭ ‬وحيثيات‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬ومن‭ ‬طلبها‭ ‬إلخ‭ ‬إلخ‭ ‬‮)‬،‭ ‬نكتفي‭ ‬بالقول‭ ‬بأن‭ ‬المغرب‭ ‬عندما‭ ‬طالب‭ ‬برأي‭ ‬المحكمة‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬ضد‭ ‬دولة‭ ‬احتلال‭ ‬هي‭ ‬إسبانيا،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬لتعزيز‭ ‬موقفه‭ ‬المناهض‭ ‬للاستفتاء‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬تريد‭ ‬تنظيمه‮..‬

ـ‭ ‬في‭ ‬دفاع‭ ‬الجزائر‭ ‬عن‭ ‬أطروحتها‭ ‬أمام‭ ‬المحكمة‭ ‬كانت‭ ‬ترافع‭ ‬بأنها‭ ‬دولة‭ ‬ترث‭ ‬الدول‭ ‬الاستعمارية‭ .‬

ـ‭ ‬لا‭ ‬شأن‭ ‬لنا‭ ‬بالماضي‭ ‬والتاريخ،‭ ‬وأن‭ ‬حدود‭ ‬الاستعمار‭ ‬هي‭ ‬الأساس‮.‬

ـ‭ ‬المغرب‭ ‬كان‭ ‬دوما‭ ‬يقول‭ ‬إنها‭ ‬أرضه‭ ‬وإن‭ ‬من‭ ‬واجبه‭ ‬الدفاع‭ ‬عنها‭ ‬واسترجاعها‮.‬‭ ‬وإن‭ ‬السكان‭ ‬بايعوا‭ ‬السلطان،‭ ‬وهي‭ ‬ليست‭ ‬مبايعة‭ ‬اقتصادية‭ ‬كما‭ ‬يريد‭ ‬تبون‭ ‬‮..‬

ـ‭ ‬البيعة‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الإسلامي‭ ‬العام‭ ‬تعني‭ ‬السيادة‮.(‬‭ ‬لماذا‭ ‬استقال‭ ‬قضاة‭ ‬من‭ ‬المحكمة‭ ‬بسبب‭ ‬ذلك،‭ ‬وهذا‭ ‬الحق‭ ‬اعترفت‭ ‬به‭ ‬المحكمة‭ ‬ولا‭ ‬يعترف‭ ‬به‭ ‬تبون‭ ‬الآن،‭ ‬وهذا‭ ‬الحق‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬وراء‭ ‬المسيرة‭ ‬الخضراء‮.‬‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬الإعلان‭ ‬عنها‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬فيه‭ ‬الرأي‭ ‬الاستشاري‭ ‬للمحكمة‮..‬

ـ‭ ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬الجزائر‭ ‬دفعت‭ ‬ودافعت‭ ‬عن‭ ‬تأويل‭ ‬آخر‭ ‬باسم‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مغاير‭ ‬لإطار‭ ‬البيعة‭ ‬المعترف‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬المحكمة‭ ‬ومن‭ ‬طرفها‮.‬‭ ‬ولو‭ ‬أن‭ ‬المحكمة‭ ‬قامت‭ ‬بتوضيح‭ ‬الإطار‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬فيه‭ ‬تقرير‭ ‬المصير،‭  ‬أي‭ ‬البيعة،‭ ‬لكان‭ ‬الوضع‭ ‬مخالفا‮.(‬وعلى‭ ‬كل،‭ ‬كان‭ ‬المغرب،‭ ‬حسب‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬العروي،‭ ‬سينظم‭ ‬الاستفتاء‭ ‬باعتباره‭ ‬تأكيدا‭ ‬للبيعة‭ ‬‮).‬

‭ ‬ولا‭ ‬يخفى‭ ‬على‭ ‬المتابعين‭ ‬للقضية،‭ ‬خصوما‭ ‬وأنصارا،‭ ‬أن‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يدور‭ ‬حوله‭ ‬النقاش‭ ‬هو‭ ‬‮:‬‭ ‬هل‭ ‬تأكدت‭ ‬بيعة‭ ‬الساكنة‭ ‬للعرش‭  ‬أم‭ ‬لا؟‭ ‬وليس‭ ‬ما‭ ‬تريده‭ ‬الجزائر‭ ‬‮:‬‭ ‬هل‭ ‬تريد‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬المغرب‭ ‬أم‭ ‬لا؟‮!‬

ـ‭ ‬وعوض‭ ‬أن‭ ‬تعترف‭ ‬بأن‭ ‬التحليل‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬اعتمدته‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬لم‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬نتيجة‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬الرئاسة‭ ‬الجزائرية‭ ‬تتشبث‭ ‬به‭ .‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى