جطو: هذه هي أبرز نقاط ضعف إصلاح منظومة التقاعد
قال إدريس جطو رئيس المجلس الأعلى للحسابات، إن عدم توازن أنظمة التقاعد يشكل مخاطر كبيرة بالنسبة للمالية العمومية، كما يمثل تهديدا لضمان ديمومة هذه الأنظمة وتمكنها من الوفاء بالتزاماتها المستقبلية تجاه المتقاعدين الحاليين والمستقبليين.
وأضاف جطو الذي كان يتحدث، اليوم الأربعاء، أمام البرلمان، في جلسة عمومية مشتركة (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، أن التشخيص الذي قام به المجلس سنة 2013 يستدعي ضرورة إيجاد حلول شمولية، والتعجيل بمباشرة مسلسل من الإصلاحات الآنية والعميقة، يشمل جميع أنظمة التقاعد المتواجدة، ويمتد على المدى القصير والمتوسط والبعيد.
وأوضح جطو أنه إذا كان اتفاق سنة 2003 ما بين الهيئات النقابية والحكومة، والذي اقتصر على الرفع من الاقتطاعات بنسبة 6% على ثلاثة مراحل (2006-2004)، وأداء 11،5 مليار درهم كمتأخرات للدولة تجاه الصندوق المغربي للتقاعد، قد مكن من رفع احتياطيات هذا الصندوق من 16 مليار درهم سنة 2003 إلى 85 مليار سنة 2014، فإن عدم تفعيل توصيات الهيئة الوطنية لإصلاح منظومة التقاعد، لأبريل 2007، قد فوت على الصندوق إمكانيات تدعيم احتياطياته، وأدى إلى تدهور وضعيته بشكل ملحوظ، حيث صارت المساهمات غير كافية لتغطية الالتزامات، إذ تم تسجيل عجز بمبلغ 936 مليون درهم سنة 2014، و2،8 مليار درهم سنة 2015، و6،8 مليار سنة 2016 أي 10،6 مليار خلال ثلاث سنوات”.
وبخصوص الإصلاحات المدرجة ضمن مشاريع القوانين، التي تم اعتمادها من قبل الحكومة، أكد جطو أنها “تبقى غير كافية نظرا لعدة اعتبارات، من ضمنها أن الإصلاح المقياسي المقترح لا يشمل مجموع أنظمة التقاعد بل يقتصر على الشق المدني للصندوق المغربي للتقاعد، وبالتالي لا يساهم في إحداث تقارب بين أنظمة التقاعد حتى داخل القطاع العام. فعلى سبيل المثال، يحدد المشروع سن الإحالة على التقاعد في 63 سنة بالنسبة للصندوق المغربي للتقاعد، في حين تم الإبقاء على حد 60 سنة بالنسبة للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد”.
كما لن يمكن الإصلاح المقياسي حسب ذات المتحدث سوى من تقليص العجز الحالي، إذ ستظل المساهمات غير كافية لتغطية الالتزامات وسداد رواتب التقاعد. وسيظل العجز قائما، بل سيأخذ منحا تصاعديا خلال السنوات المقبلة، حيث سينخفض من 6،8 ملايير درهم سنة 2016 إلى 3،2 مليار درهم سنة 2017 مع بداية تنزيل الإصلاح المقترح، وسيتجه إلى الارتفاع سنة 2020، ليصل إلى 4،1 مليار درهم، ثم يتواصل هذا المنحى التصاعدي إلى حدود استنزاف كامل الاحتياطيات في أفق 2028.
وعزا جطو هذا التفاقم المتسارع في وتيرة العجز إلى عدة عوامل من بينها عنصر تراجع العامل الديمغرافي إلى حوالي 2،5 فقط من المنخرطين النشيطين لكل متقاعد، وذلك بسبب الاستقرار النسبي لعدد المنخرطين النشيطين، الذي لم يرتفع إلا بنسبة 15% خلال الخمس عشرة سنة الأخيرة (2000- 2015)، في حين أن عدد المتقاعدين ارتفع بأزيد من 160% خلال نفس الفترة، حيث انتقل من 120.000 متقاعد إلى 313.000 في أواخر 2015 ومن المنتظر أن يصل إلى ما يقارب 443.000 في أفق 2020، والعنصر الثاني يتجلى في الارتفاع الملحوظ الذي شهدته الأجور داخل القطاع العام، وكذا المنحى التصاعدي الذي تعرفه الترقية في الدرجة في الإدارة العمومية، بالإضافة إلى تزايد حصة الأطر ضمن المتقاعدين، مما يؤدي إلى ارتفاع هام في قيمة المعاشات.
فعلى سبيل الإشارة، يبلغ المعاش المتوسط لمجموع متقاعدي الصندوق 6482 درهم في أواخر 2015، وإذا اقتصرنا على فوج المتقاعدين لسنة 2015 وحدها، ترتفع قيمة المعاش المتوسط إلى ما يناهز 8960 درهم، وقد تفوق هذه القيمة عتبة 11.000 درهم بالنسبة لفوج المتقاعدين لسنة 2020″.
وشدد جطو على أن إصلاح منظومة التقاعد ليس بالأمر المستحيل شريطة انخراط جميع الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين في هذا الورش الحيوي، ذلك أن الإصلاحات المقياسية المقترحة، وإن كانت ملحة ومستعجلة، تظل غير كافية، ولا يمكن أن تشكل سوى مرحلة أولية في إطار إصلاح شمولي لمنظومة التقاعد.
وحث رئيس المجلس الأعلى للحسابات الحكومة على اعتماد إصلاحات جوهرية تقدم حلولا ناجعة وفعالة على المدى المتوسط والطويل، وتمكن من الحفاظ على منظومة التقاعد، والرفع من ديمومتها، وتخفيض ديونها الضمنية ،مع مراعاة القدرة الشرائية للمنخرطين والمتقاعدين وظروف اشتغال العمال والموظفين.