يبدو أن شهية حزب العدالة والتنمية تفتحت للأكلات الدسمة جدا وبات زعيم الحزب ورئيس الحكومة ووزراؤه يرغبون في ملء سلتهم الحزبية بالمؤسسات الكبرى ذات المردودية العالية في ميدان التشغيل والقواعد النقابية والحزبية والانتخابية.
فبعد الإدارات والمؤسسات العمومية ذات الطابع الاجتماعي والمردود الانتخابي، كالتعاون الوطني وغيرها، والإدارات المركزية والجهوية، جاء الدور ليكتمل “التمكين” على مستوى المؤسسات العمومية الكبرى، حيث بدأ شن غارات تبغي إبعاد عدد من مسؤولي المؤسسات الموكول لرئيس الحكومة التعيين فيها من أجل ضمها إلى الرصيد الحزبي وتوسيع دائرة الزبناء.
هكذا، وضع الحزب في مرمى سهامه ربيع الخليع، المدير العام لمكتب السكك الحديدية، وطلب عزيز الرباح، وزير التجهيز والنقل واللوجستيك، الوصي على أخيه في الحزب الوزير المنتدب المكلف بالنقل نجيب بوليف، بإقالة الخليع، الذي يتهمه حزب رئيس الحكومة أولا وقبل كل شيء يكونه يشكل امتدادا لكريم غلاب، الذي سعى هذا الحزب لتصفيته سياسيا بكل الوسائل.
الحرب التي كانت خفية بالكاد بين الخليع وبوليف والرباح، لأنها حديث الألسن داخل المكتب الوطني للسكك الحديدية ونقاباته وخارجها مند مدة صارت الآن منشورة.
ذلك أن جريدة الأخبار نشرت تفاصيل عنها في عدد اليوم، وفضحت على الخصوص ورطة حزب رئيس الحكومة الذي أفسد كل شيء بترك الملف بين يدي رئيس ديوان الرباح الذي أبان عن جهل بالميدان، وذلك بإشرافه نيابة عن الأخوين الوزيرين على منح صفقة افتحاص تقني دقيق للسكك الحديدية لشركة ألمانية لا علاقة لها بالسكة والقطار، مادام اختصاصها هو الاتصالات. أسوأ من ذلك، وهذا هو المثير أكثر في الصفقة، أن الفرع المغربي للشركة، الذي حضر ممثله في الاجتماعات الاستكشافية التي عقدت بين المكتب والشركة، له نزاع مع المكتب الوطني للسكك الحديدية، وسبق لمدير المكتب أن راسل الجهات المسؤولة، ومن ضمنها الوزير الوصي، استبعادها من الصفقات التي تهمه. ورفض لخليع التعامل معها نظرا لعدم توفرها على الخبرة والاختصاص في موضوع الصفقة وطلب استرجاع الوثائق والمستندات المتعلقة بالمكتب التي وضعتها وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك رهن إشارتها أو تلك التي تأتى لها تسلمها من المكتب نفسه كي لا تسئ استعمالها وتلحق ضررا بالمكتب وسمعته، وهو مالم يلق أدنا صاغية فيما يبدو لأن النية واضحة والهدف مكشوف.
من المؤكد أن المكتب الوطني للسكك الحديدية في حاجة لافتحاصات دورية كغيره من المؤسسات العمومية، عدا تلك المفروض أن يجريها مدقق الحسابات الخارجي سنويا، من أجل ضمان سلامة مستعملي القطار وعدم إضاعة وقتهم في الانتظار والتأكد من سلامة حكامته ومطابقتها للمعايير المطلوبة على كل المستويات، وإعمال المحاسبة متى تأكد وجود اختلالات أو تجاوزات، لكن التصرف بعقلية الانتقام وانطلاقا من الحسابات الحزبية الضيقة وبشكل يكشف عن انعدام المعرفة والكفاءة في نفس الوقت ليس في مصلحة المؤسسات والبلاد ونتائجه قد تكون كارثية.